منذ أيام، سربت وسائل إعلام عبرية، أن رئيس حكومة "التحالف الفاشي" نتنياهو، أعطى أوامره بوقف عملية الإعلان عن بناء وحدات استيطانية جديدة في الضفة الغربية، كي لا يزيد التوتر مع الإدارة الأمريكية، المنشغلة في صراعات أخرى.
ولعل البعض الرسمي الفلسطيني، تعامل مع تلك "التسريبة الإعلامية" كحقيقة سياسية، نتاج أنه وضع أوراقه كافة بالسلة الأمريكية، وكأنها "حامي حمى" القضية المركزية، بعدما وصل إليهم مبعوث لا يملك من أمره سوى توزيع الابتسامات، والوعد بنقل الرسالة المنزعجة من حكومة نتنياهو.
ولأن حسابات حكومة نتنياهو التحالفية المركزية منذ تشكيلها، تقوم على قاعدة تعزيز التهويد وتوسيع الاستيطان، على طريق الضم، الذي لم يعد احتمالا نظريا، بل بدأ عمليا منذ زمن، وخاصة مع عودة "الإدارة المدنية" للتعامل مع "السكان اليهود والفلسطينيين" ضم قانونها الخاص، مع توسيع عمليات ربط المستوطنات بإسرائيل، خدمات وبنى تحتية وجامعات.
وبعد "التطمين التخديري المؤقت"، عادت حكومة الثلاثي نتنياهو – سموتريتش – بن غفير، لتعلن عن أكبر حملة استيطانية في الضفة والقدس وأخطرها، ببناء ما يقارب 4 آلاف وحدة سكنية، بينها في المنطقة بين القدس وبيت لحم، لتكريس الخط الفاصل مع الجدار الفاصل كخطوة مضافة نحو التهويد والضم.
الإعلان الاستيطاني الجديد، يأتي وسط حركة جدل كبير فيما يتعلق بالمشروع النووي الإيراني، وما كشفته وسائل إعلام حول وجود مفاوضات غير مباشرة بين أمريكا وإيران في سلطنة عمان، مع ملامح أولية للتوصل الى بعض التفاهمات الخاصة، لكسر العقوبات ورفع الحجز عن أموال إيرانية مقابل عدم التسارع في النووي الإيراني، دون ان يكون هناك وضوح كامل في عملية التخصيب، التي تتحدث عنها دولة الكيان.
مفاوضات أمريكا وإيران غير المباشرة، وملامح صفقة أولية، ردت عليها حكومة "الثالوث الفاشي" بشكل أولي، عبر نشر بناء 4 آلاف وحدة استيطانية، ومها في منطقة "إي 1" بين القدس وبيت لحم، كرسالة مباشرة أن "التمرد الإسرائيلي بالمشهد الفلسطيني يتزايد مع كل خطوة تفاهم أمريكية مع إيران".
ومع تأخير دعوة نتنياهو الى البيت الأبيض، يؤكد أنه سيعمل ما يربك الإدارة الأمريكية، ويجد في المشهد الفلسطيني حقله التدريبي الخاص لتنفيذ "خطة إحراج" بايدن وإدارته، ما دامت لا تتعامل معه وفق "ضوابط العلاقة التاريخية"، وخاصة بعد تصريحات كاميلا هاريس الرافضة لخطة "إصلاح القضاء".
نتنياهو عبر الإعلان الكبير حول الخطة الاستيطانية الكبرى، يؤكد أن ما قاله حول أن "الاستيطان ليس عقبة أمام السلام" هو مبدأ وليس تعبير، وأن الضفة الغربية والقدس هي جزء من "دولة اليهود" بها سكان لهم حقوق تمنح وفقا لأثرها على "حقوق يهود الضفة والقدس"، وأن حكومته تسير وفق مصالح التحالف وليس "الرغبة الأمريكية".
بالتأكيد، ما حدث، ليس "تمردا" بالمعنى المطلق، فتلك مسألة خارج التفكير لأي حكومة في دولة الكيان، ولكنه "تمرد" محسوب بحقيقة الموقف الأمريكي، والذي لن يكسر المعتاد منذ "الشراكة الثنائية" في اغتيال "اتفاق إعلان المبادئ" بين منظمة التحرير وإسرائيل، ولاحقا اغتيال الخالد المؤسس ياسر عرفات، وعودة "الإدارة المدنية" لجهاز سلطة الاحتلال لتصبح "حكومة الضفة الغربية" العملية، مع مساعدة أمريكية في فرض أول تقاسم في الحرم القدسي، بما يعرف "اتفاق الكاميرات"، الذي شكل مدخلا عمليا لتقاسم زماني ثم مكاني قادم في ساحة البراق حرما وجدارا.
خطة "تحالف الفاشية الثالوثي" للبناء الاستيطاني الجديد، مظهر من مظاهر الرد في الجبهة الفلسطينية على المسار الأمريكي الإيراني، وستتزايد نشاطاتها المعادية في الضفة والقدس، ومنح البعد التهويدي وارتكاب مزيدا من جرائم حرب الى حين أن تتوفر لها "ضربة عسكرية" تربك المشهد الإقليمي العام، وهي تدرك ان الموقف الأمريكي لمخططها لن يتجاوز حدود "الرفض الناعم" راهنا، من القلق والتحذير والتفسير.
نتنياهو وتحالفه الفاشي، لم يعد يهتز كثيرا لما يقال بأنهم "يسودون وجه أمريكا" في المنطقة ويربكونها أكثر فأكثر وسط أزمات متنامية بينها والدول المركزية عربيا، ومساومته الفورية ستكون: "دعوة لواشنطن مقابل تأخير البناء".
رسالة نتنياهو من الخطة الاستيطانية الأخطر خلال السنوات الأخيرة، تأكيدا بأنه لا يقيم وزنا ابدا للرسمية الفلسطينية في ظل سلوكها ومسارها "المسيحاني الراهن"، وأنه أدرك قيمة الانفصال النتوئي في قطاع غزة، كهدية العصر للمشروع التهويدي.
هل يكون هناك رسالة فلسطينية تكسر "النمطية المملة" في مطالبة الراعي الرسمي للتهويد أمريكا..هل تخرج الرسمية الفلسطينية عن تقليدها بإدارة "الخدود" لمواصلة الضرب الاحتلالي..هل من غضب يقول "أنا زعلان"..؟!
ملاحظة: تشكيلة وفد الرئيس عباس الى الصين غريبة.. زيارة لبلد بدا يضع أقدامه في قيادة العالم خال من الفصائل بما فيها فتح..طيب كيف ممكن تكون الرسالة وخاصة أن أحد المكونات "قاضي شرعي"..معقول بدوا ينشر الدين في الصين...أو أنها "زيارة طبية"..الحالة تعبانة خالص يا...!
تنويه خاص: تصريحات "حزب الله" التهديدية لدولة الكيان الأخيرة، تثير أسئلة الريبة والشك عن حقيقة موقفه من فلسطين..ما دام عندك كل هاي القوة التدميرية والتهديدية ليش ولا مرة كانت موجودة مع كل حروب غزة والضفة..هي فلسطين مش القضية أم في قضية مركزية غيرها..صح النوم يا "فصايل المحور" الوهمي!