الاستنتاج الأول الذي يستخلص بعد دقيقتين من نشر العينة مضنٍ على نحو خاص: ينبغي تغيير الشعب. لا انتخابات لقيادة الدولة بعد اليوم، بل انتخابات عامة لانتخاب شعب إسرائيلي جديد، وفورا. فهذه الدولة بحاجة الى ذلك وعلى عجل. وهي ستجد صعوبة في أن تصمد في ولاية اخرى لبنيامين نتنياهو، الذي لاح أنه سيشكل على ما يبدو الحكومة التالية ايضا.
إذا كان بعد ست سنوات لا شيء؛ اذا كان بعد ست سنوات من نشر المخاوف والهواجس، الكراهية واليأس هي فقط خيار الشعب، فانه بالتالي مريض جدا. اذا كان بعد كل ما انكشف في الاشهر الاخيرة؛ اذا كان بعد كل ما كتب وقيل؛ اذا كان بعد كل هذا، نجح طير الرماد هذا، العنقاء الاسرائيلي، ان يصعد من الرماد وينتخب من جديد؛ اذا كان بعد كل هذا انتخبه شعب اسرائيل لأربع سنوات اخرى، فان هناك بالتالي شيئا ما فاسدا جدا فيه، ربما بلا صلاح.
نتنياهو جدير بشعب اسرائيل وشعب اسرائيل جدير بنتنياهو. الاتجاه هو ان قسما كبيرا من الاسرائيليين انقطع نهائيا عن ارض الواقع. هذه نتيجة كل سنوات غسل الدماغ والتحريض. لقد صوت هؤلاء الاسرائيليون لصالح من سيؤدي فوراً بالولايات المتحدة الى اتخاذ خطوات قاسية ضد إسرائيل، ولصالح من مل العالم منه منذ زمن بعيد. لقد صوتوا لمن اعترف بانه خدع نصف العالم بخطاب بار ايلان والان مزق اللثام وتنكر له نهائيا. لقد قالت اسرائيل نعم لمن قال لا لدولة فلسطينية – ماذا تعني نعم؟ ماذا، بحق الجحيم، نعم، ايها المصوتون الاعزاء لـ «الليكود»؟ خمسون سنة اخرى من الاحتلال والنبذ؟ هل انتم تؤمنون بذلك حقا؟
لقد صبت، أول من امس، الأساسات لدولة الابرتهايد التي على الطريق. اذا ما نجح نتنياهو بتشكيل الحكومة القادمة برئاسته، بروحه وعلى شكله، فعندها سيدفن نهائيا حل الدولتين وسيتولد الصراع على طابع الدولة الواحدة. اذا كان ها هو هي جاء رئيس الوزراء التالي (نتنياهو)، فان اسرائيل طلقت، أول من امس، تماما ليس فقط الحل السياسي بل والعالم ايضا. اقفز لنا، ايها العالم العزيز، فنحن على حالنا. رجاء الا تتدخل، نحن نيام، الشعب مع نتنياهو. يمكن للفلسطينيين أن يسخنوا منذ الان مقاعد محكمة الجنايات الدولية، ويمكن لآليات المقاطعة ضد إسرائيل أن تتسارع، وفي غزة بات يمكن منذ الان انتظار الهجوم المنفلت التالي من الجيش الاسرائيلي.
ان المعركة على كل هذا لم تحسم نهائيا، أول من أمس. فرئيس الوزراء القادم سينتخب ليس باصوات المواطنين بل باصوات البحارين، وهو سينتخب بصوت موشيه كحلون وعدة رؤساء للاحزاب الصغرى. في لحظة كتابة هذه السطور لم يقل كحلون بعد كلمته. والكرة تنتقل الان الى الصغار: هم سيقررون اذا كان نتنياهو سيستمر. معظمهم يمقتونه. ولكن من المشكوك فيه أن يتأزروا بالشجاعة لقلب ظهر المجن لجماهيرهم والسير مع اسحق هرتسوغ. هذا سيكون اختبارهم. اختبار شجاعتهم واستقامتهم: موشيه كحلون أو آريه مخلوف درعي – هل انتما حقا تصدقان ان نتنياهو افضل للمجتمع ورفاهيته التي تدعون الحرص عليها من هرتسوغ؟
هل رئيس الدولة النزيه والشجاع، رؤوبين ريفلين، يعتقد أن نتنياهو سيكون رئيس وزراء افضل من هرتسوغ؟ الكثير ملقى الان على كاهله – ولكن في كل الاحوال، حقيقة أن شخصية كنتنياهو وحزب كـ «الليكود» نجحا، أول من امس، في الحفاظ على قوتهما كالحزب الاول في اسرائيل، او للاسف، كمتساوي القوة مع البديل، تقول الكثير. نتنياهو يهدد بتجاوز دافيد بن غوريون في مدى ولايته. وهو منذ الان الثاني له ومن الصعب التفكير بانجاز مهم واحد له. قائمة الأضرار طويلة. ولكن اذهب وتحدث الى الحائط: نتنياهو منتخب من الشعب، على الاقل القسم الاكبر من الشعب. مثل هذا الاختيار يجب احترامه، ومع اختيار كهذا من الصعب جدا الأمل في الخير. لا يتبقى سوى فرحة الفقراء: ولاية اخرى واحدة لنتنياهو على الاقل ستوقظ العالم للعمل.
عن «هآرتس»
الاحتلال يُجرف أساسات بركة مياه جنوب بيت لحم
27 سبتمبر 2023