الكُتاب القلائل في اسرائيل اليوم يقومون بتخويفنا من النخب الجديدة التي تتشكل، والتي تسعى الى انهاء العالم القديم الذي أعلنت عليه الحرب. ففي الوقت الذي يؤيدون فيه أخطاء حركة «إن شئتم» الكبيرة والتي حولت أفضل الكُتاب لدينا الى «مدسوسين»، يقومون ايضا بالاهتمام بالمعركة الناجحة التي تمت ضد المنظمة التي كانت ستحظى بالجوائز في دولة سليمة – «الصندوق الجديد لإسرائيل».
يبدو أنه رغم الكبوة الصدفية لـ «إن شئتم»، إلا أنها جزء من النخبة الجديدة ومثلها جمعيات يمين مثل «حونانو» التي تساعد اليهود الذين يقتلون العرب، أو «لهفاه» التي تكافح الاندماج. هذا جزء من النخبة الجديدة التي يحاول شلدون أدلسون فرضها على بلادنا.
لكن النخب الاجتماعية أو الايديولوجية لا تكفي. إن القراءة العميقة لكتابات اليمين تنشئ الانطباع أن النخبة السياسية الجديدة قد نشأت من وراء الظهر الواسع لنتنياهو. ومن بين هؤلاء السياسيين الجدد يعلو نجم الوزير ياريف لفين، الذي أعلن عن نفسه أنه عدو للنخب قبل أن تبدأ «اسرائيل اليوم» في حملتها. ولفين هو عدو لأي نظام غير يميني واضح: يجب على المحاكم أن تخدم، حسب رأيه، النظام. ووسائل الاعلام شيء ضار. وليس غريبا أن مكانته تزداد قوة في نظر من يعمل على فرض النخب الجديدة.
يبدو أنه في اطار وظيفته هذه كعدو للنخب القديمة وكنجم للنخب الجديدة، قرر لفين الخروج في الآونة الاخيرة اثناء جلسة الحكومة، ضد التيارات غير الارثوذكسية في اليهودية، حيث حذر من أن هناك «اندماجا بشكل قوي جدا».
ياريف لفين هو وزير السياحة في اسرائيل. وهذه الوظيفة أعرفها عن قرب. أعرف ما هي الطاقة التي يجب أن ترشده. عليه المحاولة من اجل انشاء ظروف تستقطب السياح الى اسرائيل، في الوقت الذي ليس لاسرائيل فيه صورة لجذب السياح. ولو كان لفين وزيرا للسياحة بحق، وليس مرشحا لعضوية النخبة المتبلورة، لكان شمر عن ذراعيه والتقى مع رؤساء التيارات المختلفة في اليهودية من اجل تسويق اسرائيل أمام سياح محتملين. لكن لفين لم يفعل ذلك، ليس بسبب احترامه بل لأن التفكير في إجراء حوار مع المنظمات غير الارثوذكسية هو شيء مرفوض من ناحيته.
يبدو لفين هنا ليس فقط كعدو ايديولوجي، بل جاهل أيضا لا يفهم الدور التاريخي الذي تلعبه التيارات الاصلاحية في الحفاظ على اليهودية. لقد عشت في نيويورك وأعرف هذه المنظمات ومن يرأسها. وحسب رأيي، هم الضمانة الوحيدة لبقاء الشعب اليهودي. ولولا وجودهم لكان الشعب اليهودي قد تفرق في جميع الاتجاهات. إن كل من لا يريد أن يكون جزءاً من الارثوذكسية يمكنه تقديم الحاجة الى الشعور بالهوية اليهودية حسب طريقته، من خلالهم. هو وأولاده يستمرون في الاحتفال بأعياد اسرائيل والشعور بالصلة بالارث اليهودي. هذه المنظمات تقدم الحل لليهود الليبراليين، بالضبط لاولئك الذين كانوا سيندمجون لولا ذلك، حيث يريدون الاستمرار في اعتبار أنفسهم يهودا.
لو كان الوزير لفين تعمق في المسائل التي يستوجبها منصبه لكان عرف أن الوسط الحريدي يقف أمام ازمة كبيرة. عضو الكنيست، موشيه غفني، يمكنه الاستمرار في القول «لن يتم الاعتراف بالاصلاحيين الى الأبد». لكنه يعرف أيضا أنه يكافح من اجل الحفاظ على الكثير من شباب الوسط الفضوليين داخل البيت المغلق، وأن المشكلات الاقتصادية فقط هي التي تمنعهم من الخروج الى العالم الخارجي.
«إن شئتم» وياريف لفين والحاخام غفني هم جزء من النخبة المتبلورة التي تضعضع أسس الصهيونية الحقيقية الليبرالية. وهي نخبة خطيرة تحاول جرنا الى الخلف. ومن المحظور أن نسمح لها بذلك.
عن «هآرتس»
-