يديعوت : لليبراليين في إسرائيل: ما جدوى احتجاجاتكم بتل أبيب والمستوطنون يوقظون “يأجوج ومأجوج” خلف الخط الأخضر؟

سيفر بلوتسكر.jpeg
حجم الخط

بقلم سيفر بلوتسكر

ألقيت في مظاهرة “كابلن” بتل أبيب مساء السبت خطابات ثاقبة، وأُسمع تهديد بتشديد الاحتجاج الديمقراطي بالانتقال من نشاط مدني “لطيف وغير عنيف” إلى نشاط “غير لطيف وغير عنيف” في المستقبل القريب. ولتعليل الطريقة الجديدة، طرحت الحجة التي بموجبها بحوث في موضوع الاحتجاج في العالم (أي بحوث؟) تثبت أن نمط التحرشات غير اللطيفة تحقق للمتظاهرين نتائج أفضل. دعا أحد الخطباء إلى الشروع فوراً بعصيان مدني؛ والأمثلة التي ضربها على العصيان المدني المظفر لم تكن دقيقة.
لكن ليس ما قيل هو الذي أثر في مظاهرة كابلن. أثر ما لم يقل: لم تصدر أي صرخة شجب حادة لأعمال شغب المستوطنين اليهود في “المناطق” [الضفة الغربية] في الأسابيع الأخيرة. لم يكن للمتحدثين في المظاهرة ما يقولوه في موضوع حرج لمستقبل إسرائيل، أو أنه كان لهم، ولأسباب تكتيكية فضلوا ملء أفواههم بالماء. هذا سلوك غير أخلاقي وغير رسمي. إذا كان الجمهور الذي يسمي نفسه “ليبرالياً” لا يقف قريباً، وبكل قوته، في وجه الشغب الذي يقوده شبان يهود من المناطق ضد السكان الفلسطينيين، فعلينا جميعاً أن نسلم بوجود كيان يهودي متزمت، متطرف، خارق للقانون ويتطلع لأن يجسد، بدءاً في مناطق “يهودا والسامرة”، رؤيا حرب يأجوج ومأجوج، جهاد يهودي كمرحلة ضرورية في خلاص الشعب والبلاد. المهرجان الجماهيري التالي للاحتجاج يجب أن يتم هناك، خلف الخط الأخضر. على الديمقراطيين الإسرائيليين، ولا يهم من أي جانب من الخريطة السياسية، أن يقفوا بجموعهم في وجه منفذي الاعتداءات الجماعية، وأن يتوقفوا عن أن يكونوا لطفاء تجاههم.
إن دوافع أعمال الشغب ليست فقط أعمال الإرهاب الفلسطيني المتعاظمة؛ بل تضاف للصورة الديمغرافيا، أو للدقة خيبة الأمل الديمغرافية. لفهمها – سنقارن بين فترتين: من 2008 حتى 2017 ازداد عدد السكان اليهود في منطقة “يهودا والسامرة” [الضفة الغربية]، حسب تعريفات ومعطيات مكتب الإحصاء المركزي، بوتيرة سنوية مثيرة للدوار تبلغ 4.5 في المئة، أكثر من ضعف وتيرة النمو السكاني في إسرائيل. فعلى مدى تسع سنوات أضيف نحو 130 ألف يهودي، عندها بدأ الكبح. من 2018 حتى نهاية 2021 تباطأت الوتيرة السنوية لنمو السكان اليهود إلى أقل من 3 في المئة. هذا معدل نمو سنوي متدنٍ – نعم، متدنٍ – عن الزيادة الطبيعية لليهود في “المناطق” وهو يشهد على ترك المنطقة بأعداد كبيرة نسبياً. وهاكم معطيات الترك الصافية في 2022 في عدد من المستوطنات البارزة كما نشر مكتب الإحصاء المركزي العام الماضي: ترك “أرئيل” 50 شخصاً، و”عيلي” 202، و”ألون شافون” 109، “الفيه منشه” 94، “تفوح” 81، “ألون موريه” 70، “عوفرا” 65، “أفرات” 31، “شافيه شومرون” 22، وغيرها وغيرها. الجمهور اليهودي في منطقة “يهودا والسامرة” غير معتاد على ترك بهذا القدر. فهو مقلق ومخيف على نحو خاص، والشباب الذين يعيشون هناك بمثابة فقاعة استيطانية يكاد لا يكون لها اتصال بإسرائيل وراء الخط الأخضر. كسبب مركزي لذاك الترك الديمغرافي، يجلبون هناك انتشار الإحساس المضني بانعدام الأمن الشخصي. الأمن والعصر الذهبي الديمغرافي، كما يعتقد المشاغبون، لا يمكن إعادتهما إلا بالاعتداءات على الفلسطينيين وأعمال الشغب ضدهم.
للشبان الذين يزوغ التطرف أبصارهم والذين يعتمدون أيضاً على تصريحات وزراء حكومة نتنياهو، لا يهمهم خطر المواجهة العسكرية الإسرائيلية – الفلسطينية الكاملة، ولا يهمهم أن في مثل هذه المواجهة ستكون إسرائيل في الجانب المشجوب والإمبريالي والقامع للساحتين المحلية والدولية، فهؤلاء لا يتطلعون إليه، وليكن ما يكون. التنديدات العلنية من رؤساء جهاز الأمن لا تؤثر عليهم ولا الاعتقالات. مظاهرة جماعية من عشرات آلاف يهود إسرائيل كفيلة بالفعل أن تؤثر وتلجم أو على الأقل تزرع الشك. إذا واصل الاحتجاج الديمقراطي تجاهل أعمال الشغب ومنفذيها، فستنمو في المستوطنات ميليشيات وحشية، أيديولوجية ومسيحانية، وهذا خليط متفجر.

يديعوت أحرونوت