تحول السفر على الشوارع في "يهودا" و"السامرة" أمرا خطيرا. وفي الحقيقة يشتكي السكان اليهود من أنهم تحولوا أكثر فأكثر إلى "بط في ميدان الرماية". "الإرهاب" الفلسطيني شديد، ويتسبب لنا بخسائر كثيرة. الرد على الوضع الأمني يوجد في يد المستوى السياسي، الذي يجب عليه إيجاد التوازن الصحيح بين الوسائل التي لا تضر بالفلسطينيين وبين الوسائل التي يكون فيها ما من شأنه أن يعطي أمنا أكثر للسكان اليهود.
"الإرهاب" القاسي لا يبرر ما شاهدناه مؤخرا. فاليهود يخرجون إلى تنفيذ نشاطات عقابية أو انتقامية في القرى التي خرج منها "الإرهابيون"، بما في ذلك إحراق بيوت وممتلكات أشخاص غير مشاركين. مظاهر المذابح ضد الفلسطينيين الأبرياء أمر لا يغتفر، لكن سلطات القانون في "يهودا" و"السامرة" والمستوى السياسي أيضا لا يسارعون إلى اعتقال المشاغبين. الإدانات، التي تسمع من المستوى السياسي، ضئيلة، وتعطي الإشارة للمشاغبين بأنه لا توجد أي نية للمس بهم.
أريد التأكيد على أن اليهود منفذي المذابح هم حفنة، ويبدو أنهم من الهوامش المتطرفة في أوساط سكان "يهودا" و"السامرة". غالبيتهم يسمون "شبيبة التلال"، وبعضهم لا يعيشون في المنطقة، بل وصلوا "للمساعدة" في تنفيذ أعمال الشغب من أماكن داخل إسرائيل.
المسؤول عما يحدث في "يهودا" و"السامرة" هو القائد العسكري، الذي حسب القانون الدولي هو صاحب السيادة، وهو الذي يجب عليه أن يحافظ على النظام والأمن. القائد العسكري في "يهودا" و"السامرة" هو قائد المنطقة الوسطى الذي يجب عليه تشغيل جهات الأمن والجيش والشرطة و"الشاباك" من اجل اعتقال المشاغبين وتقديمهم للمحاكمة. للأسف، توجد للقائد العسكري صلاحية إصدار أوامر تقييد تحظر على "شبيبة التلال" التواجد في "يهودا" و"السامرة". وإذا لم يخضعوا للأوامر فيمكن تقديمهم للمحاكمة أو إصدار أوامر اعتقال إدارية ضدهم، لأن أفعالهم تضر بالأمن في المنطقة.
مرة أخرى، يجب التأكيد على أن منع استمرار الإرهاب هو قبل كل شيء يقع على مسؤولية المستوى السياسي الذي يجب عليه إعطاء التعليمات لقائد المنطقة الوسطى حول الطرق التي يجب أن تقيد سكان المنطقة من اجل منع تجول "المخربين" بشكل حر في الشوارع القريبة للمستوطنات اليهودية. إضافة إلى ذلك يجب أن يكون تقييد حياة سكان المنطقة حذرا ومتزنا، وليس له أي صلة برد المشاغبين الذين يصنعون القانون بأنفسهم، ويعرضون حياة الناس والممتلكات للخطر.
الخطورة التي لا تقل عن ذلك تتمثل برد وزراء الحكومة على الأعمال "الإرهابية". مثلا، أحد الوزراء وصل إلى "عيلي" واقترح على "شبيبة التلال" الإسراع في توطين التلال المحيطة بدون صلاحية وبدون فحص لمن تعود الأراضي هناك. كل ما كان يعنيه هو تثبيت الحقائق على الأرض. الوزير، الذي يتصرف بهذا الشكل، يفقد، حسب رأيي، حقه في الجلوس في الحكومة، وكان من الجدير أن تفحص المستشارة القانونية للحكومة إذا كانت أقواله لا تعتبر مخالفة.
خرجت وزيرة أخرى في الحكومة أيضا بتصريح فظيع (بعد ذلك اعتذرت) في الرد على رئيس الأركان والمفتش العام للشرطة ورئيس "الشاباك" الذين قاموا بإدانة أعمال الشغب التي قام بها اليهود وسموها إرهابا قوميا متطرفا يهوديا. "من أنتم، هل أنتم قوة فاغنر؟"، هكذا انتقدتهم. ويجب ألا ننسى الوزير الذي اقترح "محو حوارة". وزراء يقفون ضد قوات الأمن ويحرضون لا يستحقون شغل مناصب وزراء. ولكن يجب عدم التوقع مسبقا من رئيس الحكومة الحالية اتخاذ إجراءات ضدهم.
الضرر الحاصل من أعمال الشغب مزدوج، سواء على الصعيد الوطني أو الدولي. فعلى الصعيد الوطني، تؤثر الأقلية المتعصبة على صورة الأغلبية العادية وتضر بها. وعلى الصعيد الدولي يثير هذا بدرجة أكبر التشكك حول حقنا في العيش في "ارض إسرائيل".
عن "هآرتس"