هارتس : إسـرائـيـل تـخـلـق جـيـلاً فـلـسـطـيـنـيـاً لا يـؤمـن إلا بـالـسـلاح

جاكي-خوري.jpeg
حجم الخط

بقلم: جاكي خوري

 



في القريب ستعلن إسرائيل بصورة احتفالية انتهاء الحملة العسكرية في جنين، التي بدأت ليل الاثنين.
المتحدثون بلسان الجيش ورئيس الحكومة ووزير الدفاع سيوضحون بأن أهداف العملية تم تحقيقها: تمت إصابة مسلحين وتم اعتقال مطلوبين، وتمت مصادرة وتدمير سلاح.
كل هذه الإنجازات، التي سجلت حتى الآن تقريباً دون أي خسائر إسرائيلية باستثناء جندي أصيب إصابة طفيفة، ستثير الشعور بالرضى في إسرائيل.
بالنسبة للجمهور الإسرائيلي فإن عدد القتلى والمصابين الفلسطينيين والإضرار الكبير بالبنى التحتية، لا يمكن أن يغطيا على الشعور بالانتصار.
كل عملية توجد لها صفحة رسائل، أيضاً في هذه المرة كل فلسطيني هو خطر محتمل على أمن إسرائيل، ولذلك فإنه هدف مشروع. لا يتم إجراء نقاش جدي حول ماهية النزاع وتداعياته.
في إسرائيل عملوا عدة أسابيع على شرعنة العملية. ظهرت عناوين رئيسة حول الحاجة إلى عملية واسعة ومكثفة، وتم غرس تعريف جنين بأنها "عاصمة الإرهاب الفلسطيني" في الرأي العام.
الاعتقالات المستمرة والتصفيات المركزة في نصف السنة الماضية لم ترضِ الذين طالبوا بعملية أوسع إزاء العمليات في الضفة، بما في ذلك العملية الأخيرة في عيلي. وإذا لم يكن هذا كافياً فإن المحاولة في الأسبوع الماضي لإطلاق صواريخ من الضفة نحو بلدات مرج ابن عامر أعطت الدعم لكل قرار عملياتي، من يئير غولان وحتى يوسي دغان. كل ما بقي هو تحديد ساعة الصفر، التي جاءت فور انتهاء عيد الأضحى.
سيعود الإسرائيليون إلى روتين الحياة بعد بضعة أيام وهم يتوقعون أن يفعل الفلسطينيون ذلك أيضاً – لعق الجراح ودفن القتلى والمواصلة إلى الأمام.
لا أحد سيهتم بالمستقبل أو سيفكر بخطة للاتفاق، لأنهم في إسرائيل يريدون تثبيت واقع فيه الفلسطينيون معتادون على العيش تحت الاحتلال وسيطرة إسرائيل، وشؤونهم المدنية تديرها سلطة فلسطينية متعثرة، وبين حين وآخر ينطلقون إلى عملية عسكرية محدودة تحصل على صمت صارخ من قبل معظم المجتمع الدولي، لا سيما العم سام في واشنطن.
قضية السيطرة على الفلسطينيين لا تعني متخذي القرارات. بالنسبة لهم الشعب المختار يمكنه أن يسيطر إلى الأبد. والفلسطينيون لا يستحقون أن يكون لهم أفق، وعلى الشباب من بينهم التسليم بالوضع.
قبل عقدين انطلقت إسرائيل إلى عملية أوسع بكثير ضد المسلحين في جنين، الذين حصلوا على الدعم من ياسر عرفات. الآن إسرائيل تحارب الذين كانوا في حينه أطفالاً، وربما لم يكونوا ولدوا بعد.
تربى الجيل الذي ولد بعد اتفاقات أوسلو على الدمار من العام 2002 وعلى الاستفزاز والوقاحة الإسرائيلية، وعدم الاهتمام الدولي وتفكك الوحدة الوطنية الفلسطينية.
جيل من الشباب غاضب ومحبط وليس لديه أمل. كل هدفه هو حمل السلاح وإطلاق النار. من ناحية الرأي العام في إسرائيل ربما تم تحقيق صورة انتصار، لكن كل عملية كهذه تشرعن جولات قتال أخرى وسفك الدماء.
ربما ستنجح إسرائيل في التوصل إلى نوع من التهدئة المحددة، لكن الصور من جنين ستكون أرضاً خصبة أُخرى لنمو جيل آخر لا يرى أمامه أي افق.
في هذه الأثناء تقوم إسرائيل بسحق السلطة الفلسطينية التي يمكنها أن تكون مسؤولة عن "المناطق".
في الوضع الحالي فإنه حتى هذه العملية هي فقط حلقة أخرى في سلسلة الدماء.

عن "هآرتس"