التزاماً بالموقف التاريخي الثابت لدولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم صمود الشعب الفلسطيني على البقاء والثبات في مواجهة فاشية الاحتلال الإسرائيلي، وسيراً على خطى الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد آل نهيان، بادرت دولة الإمارات بتوجيه من رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، للإعلان عن تقديم منحة عاجلة للمساعدة في إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي، خلال عدوانه الأخير الذي تواصل لأكثر من 48 ساعة متواصلة في مدينة جنين ومخيمها، والذي أدى إلى تدمير 80% من مرافق المدينة وبنيتها التحتية.
نهج الشيخ زايد.. دعم الشعب الفلسطيني حتى إقامة دولته المستقلة
ورغم التربص بمواقف دولة الإمارات من بوابة التطبيع، إلا أنَّ السياسية الثابتة للإمارات في التعامل مع القضية الفلسطينية، حددتها كلمات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الإمارات، التي قال فيها: "دعمنا للشعب الفلسطيني سيستمر حتى يُحقق هذا الشعب طموحه في إقامة دولته المستقلة". وهذا هو النهج الذي سار عليه أبناء الشيخ زايد آل نهيان.
ولابّد من التنويه إلى أنَّ دعم الإمارات لصمود أبناء مخيم جنين، ليس وليد اللحظة، فقد بادرت إبان مجزرة جنين في نيسان من عام 2002، بتقديم نحو 25 مليون دولار لصالح إعادة إعماره. واليوم يسير الشيخ محمد بن زايد على درب الأب المؤسس بالإعلان عن منحة عاجلة لإعادة إعمار المخيم من جديد، في رسالة تأكيد على إيمان دولة الإمارات بالحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني في العودة على "المخيم" كشاهد حي على النكبة الفلسطينية وفاشية الاحتلال في اقتلاع شعب من أرضه عبر تسويق أكذوبة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".
وكانت الخارجية الإماراتية قد كشفت أنَّ دعم دولة الإمارات للشعب الفلسطيني بلغ نحو 883 مليون دولار أمريكي، منذ عام 2013 وحتى 2021، لتمويل القطاعات الحيوية ودعم جهود التنمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ووكالة الأونروا.
الإمارات.. لم تقف مكتوفة الأيدي
من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي، عماد عمر، أنَّ "مبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة، بتقديم منحة عاجلة لإعادة إعمار مخيم جنين، يُعد ضربةً للاحتلال الإسرائيلي، وكذلك رسالة واضحة بعدم وقوف الإمارات مكتوفة الأيدي بعد تدمير المخيم. وذلك رغم المزايدة على موقف دولة الإمارات، في خطواتٍ عملية تؤكد حرصها على القضية الفلسطينية والتزامها بنهج الأب المؤسس المغفور له سمو الشيخ زايد آل نهيان".
وأكد عمر، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، على أنَّ الإمارات حريصة على بقاء الشعب الفلسطيني فوق أرضه وأنّ لا يُهجر أبناء مخيم جنين؛ لذلك بادرت لإعادة إعمار المخيم؛ خاصةً أنَّ الاحتلال دمر قرابة 300 بيت تدميراً كلياً وقرابة 500 بيت بشكلٍ جزئي، إلى جانب تدمير خطوط الكهرباء والمياه والطرق، وهو الأمر الذي يتطلب من الدول العربية وقفة جادة لإعادة الإعمار.
وأوضح أنَّ الإمارات ستُنفذ مشروع إعادة الإعمارعبر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، لأنَّ المخيم يقع تحت مسؤولية "الأونروا"، وذلك بالتنسيق مع بعض المسؤولين في المخيم، مُضيفاً: "الأونروا ستُشرف على كل ما يُقدم من الإمارات لإعادة إعمار البنية التحتية، بعد القيام بحصر الأضرار حتى تتمكن من رصد المبالغ اللازمة لإعادة إعمار مخيم جنين".
الإمارات.. إعادة إعمار لمخيم جنين في 2002
وأشار إلى أنَّ الموقف الإماراتي التاريخي مُساند للشعب الفلسطيني، مُنذ الراحل سمو الشيخ زايد آل نهيان، عندما أقدم على رعاية وتلبية نداء مخيم جنين، عندما دمره الاحتلال عام 2002، وقام بتوفير 25 مليون دولار لإعادة إعمار المخيم في اجتياح الضفة الغربية عام 2002 وحتى اليوم بتوجيهات من رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
حضور قوي في ميدان دعم الشعب الفلسطيني
وبيّن عمر، أنَّ دولة الإمارات دأبت على تقديم كل ما يُساند الشعب الفلسطيني سواء في المجال الصحي عبر تقديم لقاحات لمواجهة وباء كورونا، وكذلك تقديم الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني بمشاريع الزواج الجماعي والإغاثة السنوية التي تُقدم كل عام ومنح زراعة العقم.
وأكمل: "الإمارات دعمت إقامة المدن السكنية للشعب الفلسطيني كمدينة الشيخ زايد ومسجد الشيخ زايد"، مُستدركاً: "كذلك دعمت الإمارات مشاريع إعادة ترميم منازل المواطنين في مدينة القدس المحتلة؛ لدعم صمودهم هناك، وأيضاً تدعم وتحتضن الشباب الفلسطيني من خلال تقديم منح للطلاب لاستكمال تعليمهم الجامعي".
وخلص عمر، إلى أنَّ هذه المشاريع تأتي في إطار المساندة والدعم للشعب الفلسطيني.وهو الموقف الذي تعود عليه شعبنا مُنذ عهد سمو الشيخ زايد وورثه نجله سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في استكمال لمشاريع الخير لتقديم يد العون والمساعدة لشعبنا في الضفة والقدس وغزة ومخميات الشتات في كافة الأزمات التي يتعرض لها خلال تصديه للاحتلال.
بدوره، أكّد القيادي في حركة فتح من جنين، النائب شامي الشامي، على أنَّ "مبادرة الإمارات لإعادة إعمار مخيم جنين، ليس بالأمر الجديد، إنّما هي تأكيدٌ على التزامها وتعهدها بدعم القضية الفلسطينية بدءاً من أيام المغفور له الشيخ زايد آل نهيان، وقد سار على نهجه أبنائه الذين يسعون جاهدين لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه حتى استعادة حقوقه المشروعة في العودة وتقرير المصير.
وقال الشامي، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ الإمارات لم تنتظر اجتماع المؤسسات الدولية لترصد ميزانيات لإعادة إعمار مخيم جنين، وإنّما بادرت لذلك التزماً بسياستها الثابتة اتجاه الشعب الفلسطيني، خاصةً أنَّ الاحتلال حرص على تدمير 80% من البنية التحتية للمخيم بكل مرافقه في محاولة لردع المقاومة؛ لكِن هذا الجيل أثبت إرادته الصلبة في استعاده حقوقه، وذلك في الوقت الذي يرفض فيه الاحتلال الحل السياسي عبر المفاوضات".
وختم الشامي حديثه، بالتأكيد على أنَّ الإمارات يدها طويلة في الخير، وكما عهدها الشعب الفلسطيني حريصة على دعمه وإسناده للبقاء والصمود على أرضه، وهو الأمر الذي تم ترجمته عملياً بتقديم منحة عاجلة لإغاثة مخيم جنين.