رغم ارتفاع ثمنه

تقرير: الذهب الأصفر حلم السيدات وتحويشة العمر الذي لا يمكن الاستغناء عنه

السيدات والذهب
حجم الخط

غزّة - خاص وكالة خبر - مارلين أبو عون

المعدن الثمين الذي لا تختلف عليه النساء، فتجدهن يتباهين به في مناسباتهن الخاصة والعامة، الذهب الأصفر حلم كل فتاة وعروس مقبلة على الزواج، وحتى أنك تجده يزين أجساد النساء الكبار في السن.

فحين تتقدم بقدميك داخل أسواق الذهب في غزّة تجده معروضاً على واجهة محلاته بأشكالٍ مختلفة من المصاغ اللامع الذي يسر الناظرين، من الأسوار والقلائد والخواتم وغيرها من المصاغات التي تُحب أنّ تقتنيها السيدات، فيتهافت أصحاب تلك المحلات على الزبائن الذين يسيرون في السوق ويطلبون منهم أنّ يدخلوا لمحلهم ويختاروا ما شاءوا من مصاغ.

مجموعة من السيدات وبعض الرجال يقفون خلف بتارين العرض وآخرون يدخلون المحلات ليروا ما لديها من مصاغ، فتيات يتجهزن للزواج وأخريات جمعن تحويشة العمر وأيام طويلة في العمل، وأخريات سيقدم لهن شريك العمر هدية ثمينة من الذهب، يقفن في أحد المحلات التي قصدتها مراسلة "خبر" لتسألهم عن مدى رضاهم عن أسعار الذهب، وكانت كالتالي:

"محمد" وهو صاحب محل لبيع الذهب في شمال قطاع غزّة، يقول لمراسلة وكالة "خبر" حين سألته عن إقبال الناس على شراء الذهب: "هذه الفترة بدأت حركة البيع والشراء تنتعش قليلاً بعد حالة الركود التي مر بها سوق الذهب في الآونة الأخيرة، ونحن الآن في فصل الصيف وهو الفصل الذي تكثر فيه مناسبات الأفراح، فيقبل الخاطبين على شراء الذهب قبل فرحهم تحضيراً لحياة جديدة، ورغم ارتفاع سعر الجرام الواحد من الذهب إلا أنّه ضرورياً في بعض الأحيان شراء الذهب، كالعروس التي تشتري شبكتها من مهرها".

وعن أسعار الذهب، قال: "إنّ أسعار الذهب تتراوح ما بين الـ39 دينار إلى45 دينار للجرام الواحد، وهو يختلف حسب عياره "24، 22، 21، 18، 14، 12" وفي معظم الأوقات ننصح المواطن بشراء الذهب المُصنع في غزّة، فهو لا يقل جودة عن الذهب الخليجي والإماراتي والأجنبي وسعره أقل من الأنواع الأخرى".

ولفت محمد، إلى أنَّ بعض السيدات لا يرغبن في شراء الذهب لارتدائه، ولكن يعتبرنه مالاً مُجمداً للزمن، فلا يهم شكل القطعة والمهم لديهن عدم الخسارة عند البيع.

وأوضح أنّه وكما يوجد بيع يوجد شراء للذهب من الزبائن، فيأتي الزبون الذي يحتاج للمال في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه القطاع، ليبيع قطعة من مصاغ زوجته لفك أزمته والأمثلة كثيرة، مُضيفاً: "نحن نشتري ونربح طبعاً في شراء الذهب، ونخصم من سعره إعادة التصنيع، وإنّ كان الذهب جيداً أو جديداً نقوم فقط بتلميعه وإعادة عرضه في المحل ليشتريه زبون آخر".

شبكة لا تزيد عن 500 دينار أردني

"نهى" وهي عروس تقوم بشراء شبكة خطوبتها وزواجها، وكان برفقتها خطيبها ووالدتهما ويساعدنهما في اختيار القطع الجميلة للعروسة، تنظر نهى له وكلها حيرة من جمال القطع المعروضة أمامها وتقوم بتجربة ارتداء الخواتم والدبل وهي تبتسم لخطيبها وتسأله عن رأيه، فيخبرها هو بأنّها حرة في اختيار القطعة التي تُحبها، مراسلة "خبر" قطعت عليهما حيرتهما وسألتهما عن القطع التي يُريدون شراءها، فقالت: "جئت مع يوسف خطيبي لنختار خاتم ودبلة وعقد خفيف بحدود 500 دينار، لكِننا تفاجئنا أنَّ ما نود شراءه يفوق المبلغ المذكور، أو يجعلني أختار قطعاً خفيفة، فالقطع الثقيلة يتراوح سعر الواحدة منها تقريباً 200 دينار، وحتى اللحظة اخترنا الدبل والمحبس وكلفنا فقط 300 دينار، وبالتالي لن أستطيع شراء العقد بباقي المبلغ، فنحن الآن نُفكر أنّ نتخلى عن المحبس ونكتفي بالدبلة ونشتري عقداً وقرطاً خفيفاً".

وجهنا حديثنا للبائع ليساعد العروس على اقتناء شيء يليق بها ولا يكسر فرحتها ولا يتعدى المبلغ الذي في حوزتهما، فلم يتوانى عن المساعدة وعرض عليهما طقماً جميلاً عبارة عن حلق وعُقد بجانب الدبلة ففرحت بهم نهى واشترتهما وغادرت المحل وهي سعيدة. 

"ليس بيدي أحبه كثيراً"

"أم محمد" امرأة ستينية جاءت لتشتري قطعة ثقيلة، ويبدو أنّها زبونة دائمة في المحل، وكانت مسبقاً قد طلبت من صاحب المحل أنّ يُحضر لها طلبها، فجاءت لرؤيته، قالت لمراسلة "خبر" وهي ترتدي "أسورة كبيرة مجدولة ثلاث جدلات وعليها 3 رؤوس أفعى"، وعلى ما يبدو أنّ سعرها سيتعدى الألفي دينار: "أنا من محبي اقتناء الذهب ولدي قطعاً من 40 عاماً ولم أبعها، وكل ما يُعجبني قطعة أتصل بمحمد (صاحب المحل) ويقوم بإحضارها لي مهما كان سعرها وأشتريها، الحمد لله زوجي تاجر ونحن في نعمة والخير كثير وهو لا يبخل عليَّ، وكلما طلبت منه أنّ يعطيني المال لشراء الذهب لا يتأخر، وهذه الأسورة أعجبتني كثيراً فهي مزيج بين الكلاسيك والحداثة وسأشتريها، ليس بيدي فنقطة ضعفي الذهب، أحبه وأحب ارتدائه في المناسبات وغيرها".

وعن سعر "الأسورة"، قال محمد: "إنَّ الجرام الواحد منها يبلغ 41 دينار وسعرها الإجمالي يبلغ 2200 دينار أردني، وأم محمد زبونة تدفع ولا يهمها وتختار القطع النادرة والجميلة".

"فك أزمة"

على استحياء دخل رجل يبدو أنّه جاء لبيع خاتم زوجته لفك أزمة أو لكي يُساعده على شراء حاجيات البيت، فأخرج الخاتم من جيبه وسأل البائع عن السعر، فأخبره بعد أنّ فحصه ووزنه بأنّ سعره خمسمائة شيكل، فنظر إليه وقد لمعت عيناه وارتسمت على وجهه ابتسامة خفيفة، فعلى ما يبدو أنّه توقع بأنّ سعره أقل من ذلك، فيسارع لإخباره أنّه موافق على البيع.

يقول الرجل لمراسلة "خبر": "إنَّ الخاتم الذي جئت لأبيعه اليوم اشتريته لزوجتي قبل 7 سنوات، حين كنت أعمل، لكنني اليوم أمر بضائقة مالية ولا أملك المال لشراء الطعام لأولادي، ولم أكن أريد أخده من زوجتي حين عرضته عليَّ لأبيعه، أعرف أنّه ليس حلاً وأنَّ مبلغ بيعه لا يكفينا لأيام ولكن ندع الأمر لله هو القادر على رزقنا".

"حلم الفتيات والعرائس"

"سعاد رمزي" كانت تجلس مع أمها لتختار معها مصاغ مهرها الذي يُقدر بـ2500 دينار، فيساعدها البائع في اختيار الذهب، كانت مسرورة وهي تختار القطع التي ستتزين بها أمام العائلة وزوجها المستقبلي، والمهنئين لها بعد الفرح، فقالت لمراسلة "خبر": "أنا سعيدة جداً اليوم، فنحن الفتيات نُحب شراء الذهب وأنا أحب أيضاً اقتناء القطع الناعمة والجميلة والحمد لله اخترت طقماً جميلاً وخاتمين واشتريت خاتماً هدية لوالدة زوجي في الفرح".

وعن أسعار الذهب تقول "سعاد": "إنَّ الأسعار مرتفعة، لكِن ماذا سنفعل شراء الذهب ضروري جداً، فهو جزء من مهري والجزء الآخر اشتريت الملابس والشنط والأحذية، مع العلم أنَّ مهري يبلغ 4000 دينار، وبالكاد استطعت أنّ أشتري كل ما يلزمني لأنَّ كل شيء غالي، فخصصت 2500 دينار للذهب والـ1500 لباقي احتياجاتي ولحفلة الحنة، والحمد لله أنّ وضع خطيبي الاقتصادي جيد، فهو يمتلك محلاً لبيع الأحذية والوضع لديه مستقر ولم ولن يبخل عليَّ بشراء ما يلزمني وما ينقصني".