رفع المتظاهرون الإسرائيليون المحتجون على الانقلاب القانوني، ممن احتلوا مطار بن غوريون فجر يوم 11-7-2023 شعاراً يقول: "أهلاً بكم في مملكة غلعاد"؟ أعادني هذا الشعار إلى متابعته، اكتشفت أنه مقتبسٌ من المسلسل الأميركي (The Handmade Tale) عام 2017 وهو يحكي قصة استيلاء المتزمتين الأصوليين العقيمين في أميركا على الحكم، وإجبار الفتيات أن يعملن في بيوتهم منجبات للأطفال وخادمات فقط! وهذا يماثل بالضبط ما يجري الآن في إسرائيل!
موضوع قمع النساء في إسرائيل مسكوتٌ عنه إعلامياً في معظم وسائل الإعلام، لأنه يمس بصورة إسرائيل دولة ديموقراطية، كما أن بروز ظاهرة القمع النسائي في إسرائيل سيُفشِل (بربوغندا) إسرائيل حين تتهم الفلسطينيين والعرب بأنهم أعداء النساء، كتبتُ كتابا بعنوان: قصص نساء يهوديات معنفات وهو مقتبسٌ كلُّه مما تسرَّب من صحافتهم عن هذا القمع!
نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت يوم 23-6-2023 فيديو يصور امرأة إسرائيلية تزور حائط البراق (المبكى) في الركن المخصص للنساء وهي تخلع ملابسها وكأنها تصطاف على شاطئ البحر، ونشرت الصحيفة تعليق، شموئيل رابينوفتش حاخام الحائط الغربي: "شعرنا بالرعب من هذه الصورة في قدس الأقداس"!
لم يبرز الخبر في معظم وسائل الإعلام، لأن ذلك يمسُّ (بديموقراطية) الدولة!
الفتاة التي تعرّت اسمها مايا عمرها 36 سنة، تنتمي إلى تيار النساء الثائرات على احتقار النساء وضربهن وطردهن لأنهن نساء (نجسات) يصلين عند الحائط، مايا امرأة متدينة تنتمي إلى مجموعة (نساء الحائط الغربي) ممن يتحدين التمييز الجندري، مايا، تعرتْ احتجاجاً على مشروع قانون عرضه أحد أعضاء (حكومة غلعاد) أريه درعي زعيم حركة شاس في الكنيست، وهو قانون الحشمة وفق مواصفات الذكور، ينص على وجوب التزام النساء بلباس خاص يفرضه الحاخامون عليهن، يُحظر عليهن بموجب القانون أن يحملن التوراة أثناء صلواتهن، وعليهن ألا يرتدين شال الصلاة فهو مخصص للرجال فقط، وعليهن ألا يرفعن أصواتهن عند تلاوة التوراة، لأن صوت المرأة عورة! ستدفع مايا ثمن فعلتها، لأن العقوبة على احتجاجها في نص القانون هي السجن ستة أشهر وغرامة بمقدار عشرة آلاف شيكل!
ما أكثر قصص قمع النساء في إسرائيل، غير أنها لا تحظى بالنشر فلو حدثت تلك القصص والأخبار في قطر عربي لتهافتت وسائلُ الإعلام العالمية لنقلها!
فلو قام بعضُنا مثلاً بتقسيم أحد الشوارع الكبيرة في دولة عربية إلى نصفين مستخدماً ساتراً من القماش، وأرغمْنا النساءَ أن تسير في قسم منه، والرجال في القسم الآخر كما يحدث اليوم في حي مائة شعاريم في القدس لقالوا عنا: "انظروا فليس غريباً على العرب، فكلهم طالبان"! ولو قامت مجموعة بنزع كل إعلانات الدعاية التي فيها صور النساء من الشوارع والحافلات كما يحدث كل يوم في أحيائهم الحريدية الأصولية لاستُنْفِرت وسائلُ الإعلام وتوافد الصحافيون من كل أقطار العالم لتغطية الحدث وقالوا أيضاً: "العرب متخلفون"!
ولو خصصت إحدى دول العرب وفلسطين حافلاتٍ شرعية خاصة بالرجال وأخرى للنساء، كما هو جارٍ في الأحياء الأصولية في إسرائيل، أو أجبروا النساء أن يركبن في مؤخرة الحافلة، وخصصوا مقدمة الحافلة للرجال فقط، وهذا ما هو مُتَّبعٌ حالياً، لقالوا أيضاً: "العرب متخلفون يعيشون في العصر الحجري"!
قليلون الذين يعرفون (جماعة العفاف) وهي ميليشيا من (بلطجية) المتزمتين الحارديم يعربدون في كل الأحياء الحريدية، يهاجمون المنازل يقومون بتأديب النساء اللائي يخرجن عن أوامرهم بالضرب والطرد! تتعرض النساء في طرقات بيت شيمش والقدس للشتائم والبصاق ورش الفلفل في عيونهن لأنهن نساء فهن نجاسة، لا يمكن للحريدي أن يجلس على مقعد كانت تجلس عليه امرأة إلا بعد مرور وقت طويل من جلوسها عليه، ولا يَسمح الحريدي لامرأةٍ أن تجلس إلى جواره في مقعد الطائرة والحافلة لأنهن نجسات!