هل اضعاف القضاء في إسرائيل بداية النهاية؟

حجم الخط

بقلم فتحي أحمد

 

استهل مقالتي هذه بالخبر التالي لقد وافق البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" يوم الاثنين، بشكل مبدئي على مشروع قانون "عدم المعقولية"، يهدف إلى الحد من سلطات القضاء في مراجعة قرارات مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة، والذي وصفه معارضون ومحللون بـ"المثير للجدل".وأشار بروفيسور باندور إلى أن "اقتراح الإلغاء الكامل لفحص مدى معقولية القرارات الوزارية، بشأن القضايا غير المتعلقة بالسياسات، لا يتوافق مع الطبيعة الديمقراطية للدولة"؛ من جانبه، رفض الباحث في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، أمير فوكس، اعتبار القانون الذي يسعى الائتلاف إلى تمريره "تقليصا لحجة عدم المعقولية". وأوضح أن "المعقولية جزء من القانون الإداري وهي مرتبطة بسلسلة من القواعد التي طورتها المحكمة على مر السنين، وبعضها راسخ أيضًا في التشريع". هذا وقد صوّت 64 نائباً لصالح مشروع القانون، هم جميع أعضاء الائتلاف الحاكم، فيما عارضه كل الأعضاء المنتمين إلى الأحزاب المعارضة وعددهم 56 عضواً.
وينص القانون في الاصل على حرية الرقابة من قبل المحكمة العليا على قرارات الوزرات والجهاز التنفيذي برمته في إسرائيل، فالهدف من التعديل على حجة عدم المعقولية، هو أن لا يكون هنالك حكم أو يصدر أمراً ضد مجلس الوزراء أو وزير ولا حتى عضو كنيست .


المعارضة تحتج
تقف المعارضة اليوم بشكل قوي في وجه هذا التعديل مما زاد من حجم المظاهرات في تل ابيب، وقد أدى ذلك لإغلاق مسالك الطرق في قلب المدينة، ورغم استمرار المظاهرات منذ شهور ما زالت حكومة نتنياهو ماضية في تعديل القانون بما يتوافق ومصلحتها، ولحاجة في نفس يعقوب، وبعد هذا المقترح زاد الغضب في صفوف المتظاهرين لدرجة ينذر بحرب أهلية، في حال استمرت الأمور لدرجة التعنت، فهذا كفيل بنسف الديمقراطية، وانتشار الفساد في البلاد.


رئيس المعارضة يائير لبيد يقول : "قولوا الحقيقة - هذا قانون ينص على أنه سيكون من الممكن تعيين مجرم مُدان كوزير ، وأنه سيكون من الممكن إصدار أوامر بالسجن لأي شخص يعارض هذه الحكومة ، وأنه سيكون من الممكن إقالة المستشارة القضائية للحكومة ". كما صرح غانتس وأفيغدور ليبرمان وغيرهما دعوا إلى زيادة حجم المعارضة والنزول للشارع لتفويت الفرصة على الائتلاف الحاكم في إسرائيل، وجاء رد غانتس قوي بحجم الحدث، وقال في بلد واحد ثمة قوانين أو جهات تحكم فهنالك قانون طبريا ، وقانون الحاخامات وقانون النقابات، وفي نفس الوقت يتساءل سيضمن لنا في المستقبل عدم تغيير قوانين انتخابات الكنيست؟. في نفس السياق التاريخي فإن علاقات الصداقة التاريخية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ليست جيدة فمن جهته، قال سفير الولايات المتحدة في إسرائيل توم نايدس، الاثنين، إن خطة إضعاف القضاء التي تدفع بها حكومة نتنياهو تثير تساؤلات بشأن مدى ديمقراطية إسرائيل، وحول قوة علاقاتها مع الولايات المتحدة. فرغم محاولة هرتسوغ تقريب وجهات النظر بين الائتلاف والمعارضة للوصول لحل وسط جاء رد نتنياهو بالسلب عندما رفض نتنياهو دعوة الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ إلى استئناف المفاوضات الرامية إلى التوصل لمشروع توافقي لإصلاح جهاز القضاء، وبهذا نستطيع القول بأن الحالة التفاوضية والجلوس على طاولة الحوار مستبعدة على ما يبدو بشكل نهائي.


الاقتصاد على المحك
وفي هذا الإطار يبدو الاقتصاد الإسرائيلي ينهشه الوضع القائم اليوم في داخل الكيان، فهو يتلقى الضربة تلو الضربة، في الوقت الذي تشهد فيه دولة الاحتلال الاضطرابات السياسية والاجتماعية والقلاقل الأمنية، كما يلاحظ حجم تزايد حالة الغموض وضعف اليقين وعدم الاستقرار، وخصوصاً في الفترة التي أعقبت تبني حكومة نتنياهو المتطرفة إصلاحات يرى كثيرون أنها تمثل اعتداءً قويا على السلطة القضائية، وهذا يقود إلى بداية ترحيل رأس المال لخارج إسرائيل، فالقاعدة التي تقول رأس المال جبان ليس مجرد شعار فقط، ولكن حسب ما يرشح من داخل الكيان فهنالك الكثير من المؤسسات بدأت تغلق أبوابها وأخرى على طريق الإفلاس، وحسب البنك المركزي الإسرائيلي يقول سيكون خسارة كبيرة في غضون السنوات القادمة، تصل لعشرات المليارات من الشواكل، ومع كل هذه التحذيرات والأصوات التي تنادي بالكف عن تخريب القضاء ما زال هذا لا يفت بعضد القيادة الحاكمة في إسرائيل.


إسرائيل تنهار ذاتياً
مع تراكم الأزمات يقول الرئيس السابق لجهاز الموساد: “بينما كثُر الحديث عن التهديدات الكبيرة التي تحوم فوق إسرائيل، فإنَّ التهديد الأكبر يتمثل بنا نحن الإسرائيليين، بظهور آليةِ تدميرِ الذَّات التي جرى إتقانها في السنوات الأخيرة، مما يستدعي منَّا وقف هذا المسار الكارثي قبل نقطة عدم العودة لأن إسرائيل تنهار ذاتياً، وهذا ما اخبر به رب العزة في محكم التنزيل( يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ ). كما تخوّف رأس الهرم نتنياهو حيث أعلنها مدوية، سأجتهد كي تبلغ إسرائيل عيد ميلادها المائة، لأنَّ مسألة وجودنا ليست مفهومة ضمنًا وليست بديهية، فالتاريخ يعلمنا أنه لم تعمر دولة للشعب اليهودي أكثر من 80 سنة. بالمختصر المفيد كل المعطيات تشير لبداية تآكل دولة الاحتلال من الداخل، هكذا هو المشهد، فبدأ السوس ينخرها والأيام القادمة ربما تحمل الكثير من المفاجآت.