يتهمون السفارة بالتقصير والأخيرة ترد

شاهد: من نكبة إلى نكبة.. فلسطينيو العراق لا قانون يحكم تواجدهم ولا حلول جذرية بالأفق

شاهد: من نكبة إلى نكبة.. فلسطينيو العراق لا قانون يحكم تواجدهم ولا حلول جذرية بالأفق
حجم الخط

بغداد - خاص وكالة خبر - مارلين أبو عون

وكأنه كُتب على الفلسطيني التهجير والوجع أينما حل في بقاع العالم، وفي كل الأزمنة وشتى الظروف، وينطبق ذلك الوضع المأساوي على اللاجئين في العراق الذين لم يكتفي القدر بحرمانهم من وطنهم عام 48، حتى تكالبت عليهم الظروف والقرارات التي صدرت بحقهم والتي من شأنها أنّ تُهجرهم مرة أخرى أو تُميتهم وهم على قيد الحياة. 

مراسلة وكالة "خبر" أجرت اتصالات مكثفة مع أطراف عديدة، لبحث قضية معاناة اللاجئين الفلسطينيين في العراق، وأبرز القرارات التي صدرت والتي أُلغيت وكان لها تأثير سلبي وسيء على كافة مناحي حياتهم. 

وبالرجوع بالزمن إلى الوراء، أصدرت الحكومة العراقية القرار 76 لعام 2017 والتي ألغت بموجبه جملة من القرارات حول الأجانب المقيمين في العراق، ومن بينها القرار 202 لعام 2001 والذي ينص على "معاملة اللاجئ الفلسطيني بالمثل مع المواطن العراقي باستثناء الجنسية وخدمة العلم والحقوق السياسية".

594d50ec-54b4-49a3-8b48-3cda9b588aa6.jfif

هذا القرار حرم أكثر من ستة آلاف لاجئ فلسطيني يعيشون في العراق من إصدار وثائق سفر وبطاقات شخصية ودفع رسوم دخول المدارس والجامعات، في حين كانوا معفيين منها سابقاً، بالإضافة إلى أنّه يحرمهم من العلاج المجاني في المستشفيات العراقية الحكومية، بالإضافة لحجب البطاقة الغذائية الشهرية عنهم، والتي تُمثل عصب معيشة العائلة في العراق، ومنع الحقوق التقاعدية للفلسطيني المتوفى، وحرمان ورثته من امتيازاته، والتنافس على الوظائف والخدمات، وحرمانهم من التقدم بطلبات للحصول على سكن ضمن المشاريع الحكومية، وحرمانهم من القانون (21) الخاص بتعويض ضحايا العمليات الإرهابية والأخطاء العسكرية التي ارتكبها الاحتلال الأمريكي  أو المجموعات الإرهابية، وهو ما يعني ضياع حقوقهم الإنسانية.

وبحسب مختصون في أحوال الفلسطينيين بالعراق، فإنهم يتخوفون من أنّ يكون هذا القانون بداية لتصفيّة جديدة لوجودهم في العراق، وهو الأمر الذي من شأنه تحويلهم إلى جاليّة مقيمة تترتب عليها دفع رسوم الإقامة ودفع تكاليف التعليم والعلاج، وحرمانهم من كافة ميّزات قانون "202" المُلغى وفق القانون المُصادق عليه والتي ذكرناها آنفاً.

كما انتقدوا قانون عدم السماح لفلسطينيي العراق بالسفر إلى الخارج لأكثر من 30 يوماً، وأنَّ هناك عدد من المرضى غادروا العراق لأغراض علاجية وحين عادوا للعراق تفاجأوا بأنَّ السلطات العراقية لم تسمح لهم بدخول العراق بحجة وجودهم خارج البلاد لأكثر من شهر، واصفين إياه بغير المنطقي، ومطالبين رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني بالنظر في هذه القضية الإنسانية.

الصحفي الفلسطيني والناشط الاجتماعي، حسن الخالد، يوضح مراحل ما يمر به اللاجئ حين يقوم بتقديم معاملة ما لدى إحدى الدوائر، فيقول: "المشكلة أنّه يتم السير بالمعاملة بشكل طبيعي، وإكمال الإجراءات في كافة الدوائر الحكومية سواء كانت الرعاية الاجتماعية أو دائرة التعويضات الخاصة بالشهداء والمتضررين من العمليات الإرهابية، ولكن بعد الوصول للمرحلة الأخيرة المتمثلة بوصول المعاملة للإدارة العليا وبمجرد أنّ تعلم بأنَّ صاحب المعاملة فلسطيني، يتم وقف المعاملة بالكامل بحجة إلغاء القرار 202 الخاص بإعطاء الفلسطينيين بعض المزايا التي يتمتع بها المواطن العراقي"، لافتاً إلى أنَّ من كان يتقاضى راتباً قبل إلغاء القرار أو تعويضات بقوا كما هم، لكن بعد صدور القرار لم يتم تسجيل أيّ معاملة جديدة.

996f8132-0e8f-4ebc-9248-2879542c8f27.jfif
واستهجن الخالد، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، استثناء السلطات العراقية، للاجئين الفلسطينيين المتضررين من العمليات الإرهابية من التعويض، وذلك وفقاً للقانون رقم 20 لسنة 2009 والذي لم ينص على شمول المتضرر غير العراقي بالتعويض.

وأضاف: "أعداد الفلسطينيين في العراق تقلصت إلى 6 آلاف لاجئ موزعين بين بغداد والموصل وأربيل، ويعيشون أوضاعاً صعبة، بسبب عدم وجود قانون ينظم حياتهم".

ولفت إلى أنَّ "هناك غياباً واضحاً وصريحاً لأيّ تشريع أو قانون يفسّر وجود الفلسطينيين في العراق، بسبب إلغاء قانون 202، وجراء ذلك تعرض الفلسطينيين المقيمين في العراق لكل هذه المشاكل، ويوماً بعد يوم تترتب عليهم أوضاع أخرى، لدرجة أنّ الفلسطيني في العراق، بات محروماً حتى من مهنة سائق التاكسي".

وتساءل الخالد، عن دور دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية وعدم تفقدهم أحوال الاجئين والاطلاع على أوضاعهم عن قرب، والسفارة الفلسطينية في العراق من رعاية هذه العائلات وتحمل مسؤوليتها تجاههم، مُؤكّداً على أنَّ الفلسطينيين في العراق يعيشون في فراغ قانوني، وهم غير مشمولين بقانون التعيينات في الحكومة، ولا يُسمح لهم بالعمل في دوائر الدولة بعد إلغاء القرار. 

وحث مجلس النواب العراقي على الإسراع في المصادقة على مشروع تعديل قانون إقامة الأجانب رقم (76) لسنة 2017، ضمن جدول أعمال المجلس في الجلسات المقبلة.

وكان مجلس النواب العراقي وافق في ديسمبر/ كانون الأول 2020 على تعديل قانون الأجانب، ومساواة الفلسطيني المقيم في العراق لعشر سنوات بالمواطن العراقي، وجاء في نص القانون المعدل أنَّ "الفلسطيني المقيم لعشر سنوات في العراق يُعامل معاملة العراقي في الحقوق والواجبات، باستثناء حصوله على الجنسية العراقية، ومشاركته في الانتخابات ترشيحاً وتصويتاً، للحفاظ على حقه بالعودة إلى وطنه".

ونوّه الخالد، إلى أنَّ التعديل تمت قراءته في البرلمان العراقي قراءة أولى وثانية في العامين 2020 و2021، لكن لم يتم المصادقة عليه داخل قبة البرلمان في الدورة البرلمانية السابقة (2021).

وبيّن أنَّ اللاجئين الفلسطينيين في العراق منذ ذلك الوقت، ينتظرون بفارغ الصبر المصادقة على التعديل، الذي وُضع أكثر من مرة على جدول أعمال المجلس، لكِن في كل مرة يتم تأجيله، مُطالباً مجلس النواب العراقي بالإسراع في المصادقة على التعديل، من أجل تنظيم أوضاع الفلسطينيين القانونية في العراق.

واعتبر الخالد، أنَّ عملية التصويت على تعديل القانون ستُعيد بعض الحقوق لهم، لافتاً إلى أنَّ التعديل يُعتبر حلاً جزئياً لأوضاعهم.

046fd2a3-f423-40af-bac0-4aa2af021483.jfif
سفارة فلسطين: "ليس هناك من يقرع الجرس"!

بدوره، أكّد سفير فلسطين لدى العراق، أحمد عقل، على أنّه قد عُرض على البرلمان قانونين "قانون الأجانب وقانون اللاجئين"، وبأنّ الوضع الفلسطيني كان مطروحاً في قانون اللاجئين والذي ينص على استمرار التعامل مع الفلسطيني على ما جاء في تطبيق قرار 202، والذي حدث أنه تم اعتماد وإقرار قانون الأجانب، وتم رفض قانون اللاجئين وإعادته للحكومة. 

وتابع السفير عقل، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "قابلنا رئيس البرلمان في ذلك الوقت ونائبه واللجنة القانونية ولجنة العلاقات الخارجية ومجموعة كبيرة من الأحزاب والقوى وجميعهم أقروا بالخطأ الوارد في بند قانون الأجانب والذي تم به إضافة بند من بنود قرار 202 الخاص باللاجئين وليس الأجانب، ولكِن للأسف كان في ذلك الوقت البرلمان على نهايته، وبداية الانتخابات وتشكيل ومجيئ حكومة جديدة، ومنذ ذلك الوقت ونحن نجتمع مع مجلس الوزراء والخارجية والداخلية والأحزاب والقوى، وأثرنا الموضوع إعلامياً لانتزاع حق الفلسطيني".

وأكمل: "قدمنا قانون جديد مشابه لقانون 202 تعديلاً على قانون الأجانب للبرلمان، وقُرأ بالقراءة الأولى والثانية على أنّه من المقرر أنّ يكون هناك اجتماعات لإقرار هذا القانون، ولكِن للأسف حدث حريق مستشفى الناصرية آنذاك، وبالتالي لم يُناقش هذا القانون وتم مناقشة موضوع الحريق فقط".

وأردف السفير عقل: "بعد عام تقريباً جاءت الحكومة الجديدة وأعدنا تقديم القانون وأعيد قراءته بالقراءة الأولى، وصدر عن مجلس الوزراء دعم لهذا القانون وتم إضافة بعض البنود الإيجابية التي هي في مصلحة الفلسطيني، ووعد رئيس البرلمان بوضعه على جدول الأعمال في أقرب فرصة، ونتوقع ذلك في القريب العاجل".

أما فيما يتعلق بقضية حقوق اللاجئين في العراق، قال السفير عقل: "إنَّ 90 بالمئة من المشاكل التي تعترض ذلك، سواء التعليم أو الصحة أو البطاقة التموينية أو إجازات السواقة أو القبول بالوظائف وغيرها، سيتم حلها بعد إقرار البرلمان قانون اللاجئين بالقراءة الثانية". 

وحول أوضاع المتقاعدين، أوضح أنَّ المشكلة في ورقة المتقاعدين الذين استشهدوا أو توفوا وليس المتقاعدين الذين هم على قيد الحياة، والتي لم يتم حلها رغم أنّنا بذلنا جهود كبيرة للمطالبة بالمعاملة بالمثل، لافتاً إلى أنَّ قضية الجرحى والشهداء في العمليات الإرهابية أيضاً يشوبها نوع من الحساسية حتى اللحظة.

واستدرك: "نظراً لوجود الأحزاب المتعددة، ولأنَّ العراق مقسم لعدة أقسام، تتأخر فيه الإجراءات أو التصويت على القرارات، لذلك ننتظر ونأمل أنّ يتم التصويت علي ما قدمناه في القراءة الثانية لمساعدة الفلسطينيين في التمتع بمزايا المواطنة بالعراق".

وفي ختام حديثه، شدّد السفير عقل، على عدم وجود مركزية في القرار بالبرلمان العراقي، مُردفاً: "إذا أردت انتزاع قرار عليك أنّ تذهب لكافة الجهات من أجل إعلامهم بما تريد، وبالنهاية ليس هناك من يقرع الجرس".

0c6ab31f-3203-483a-9879-aff312f2ef3e.jfif
معاناة اللاجئين: "مستقبل أولادنا بيضيع"!

"أم حسين" سيدة خمسينية تُعيل 7 من الأبناء، واُستشهد زوجها عام 2015 جراء عمل إرهابي استهدف مجموعة من المواطنين، وتركها هي وأبنائها تتخبط دون هوية وبيت ومصدر دخل يُعيلها، تقول بحرقة لمراسلة "خبر": "منذ وفاة زوجي وأنا أتخبط في هذه الحياة، حيث طرقت عدة أبواب بعضها فُتح لي والبعض الآخر ظل مغلقاً، ولم أترك دائرو حكومية إلا وطرقتها، وتوجهت لدائرة ضحايا الإرهاب وقدمت لهم تقارير أبنائي المرضى، لكِنهم لم يواقفوا على قبول طلبي لأنّي فلسطينية ولأنّ قرار 202 ينطبق عليّ، فماذا عساي أنّ أفعل، لمن أذهب، عملت خادمة في البيوت وقمت ببيع ملابس البالة للناس لكي أصرف على أبنائي المرضي، أعيش بالإيجار ولا أستطيع تسديد إيجار البيت ومهددة بالطرد في أيّ لحظة، أريد من المسؤولين أنّ يعاملوني كأرملة مثل باقي الأرامل والمطلقات اللواتي تم تخصيص رواتب شهرية لهن".

وكالة "خبر" بدورها تواصلت مع السفير الفلسطيني فيما يتعلق بقضية السيدة أم حسين، ووعد بالنظر في أوضاعها حال عودته إلى العراق.

d408f285-ebb3-41c4-afb9-9d83d4f712a1.jfif
"خالد كامل" لاجئ فلسطيني آخر يتحدث لوكالة "خبر" عن معاناة اللاجئين، فيقول: "ما في أيّ قرار نسلم منه نحن، وعلى سبيل المثال الإيجارات والمتضررين منها السكن، الكثير من القضايا التي لم يوجد لها حل مثل الرعاية الاجتماعية، المتقاعدين، بطاقة التموين، المجلس البلدي والمختار، ومنها أيضاً الحالات المرضية المزمنة"، مُضيفاً: "نحن كفلسطينيين لاجئون يفترض من المفوضية السامية للشؤون اللاجئين أنّ تهتم بنا في موضوع الملفات المعلقة على الرفوف، إلى متى نحن ننتظر والعمر سينتهي؟ ماذا حققنا لأولادنا؟ الوضع صعب جداً".

38ff356c-66c0-405c-8ca3-aa92d7029f12.jfif
"نشأت الماضي"، الآخر يقول: "أنا لاجئ فلسطيني مقيم في بغداد، وعمري 49 سنة، وعندي بنتين وولد، البنتين في الكلية والولد بالمتوسطة، وأسكن بالإيجار حيث كنت آخذ من المفوضية بدل إيجار وقطعوه عني، وطالعلي إعادة توطين من أربع سنين على بريطانيا، ومكمل كل الأمور فلا هما مسفريني ولا رجعولي الإيجار، ولحد الآن نحن في نهاية الشهر ما عندي فلوس الإيجار، غير عن مصاريف الجامعات ومصاريف دواء وغذاء لأنّه إذا ما دفعت مصيرنا الشارع ومستقبل بناتي الضياع".

وفيما يلي بعض رسائل اللاجئين التي وصلت مراسلة "خبر"، بعد أنّ تقطعت السبل بأصحابها ولم يجدوا باباً يطرقوه ولا يداً تتطلع لإنقاذهم من معاناتهم اللامتناهية:

شاهد: من نكبة إلى نكبة.. فلسطينيو العراق لا قانون يحكم تواجدهم ولا حلول جذرية بالأفق
شاهد: من نكبة إلى نكبة.. فلسطينيو العراق لا قانون يحكم تواجدهم ولا حلول جذرية بالأفق
شاهد: من نكبة إلى نكبة.. فلسطينيو العراق لا قانون يحكم تواجدهم ولا حلول جذرية بالأفق
شاهد: من نكبة إلى نكبة.. فلسطينيو العراق لا قانون يحكم تواجدهم ولا حلول جذرية بالأفق