الاوضاع المعيشية في غزة بين الحقيقة القاسية وتصريحات المسؤولين المتفائلة

image_processing20220908-6045-pkx07l.jpg
حجم الخط

بقلم منير الغول

 

في احدث واخر صرخات الاحتجاج على الاوضاع المعيشية الصعبة في قطاع غزة نظم عدد من المواطنين يوم الاحد الموافق ٢٣ تموز الجاري وقفة احتجاج في بعض احياء قطاع غزة واشعلوا خلالها الاطارات سخطا وغضبا من اوضاعهم المعيشية المأساوية التي يحيون خلالها تحت خط الفقر دون وجود مقومات لحياة طبيعية وكريمة ..

 

والاحتجاجات في قطاع غزة ليست جديدة فمنذ بداية الحصار الاسرائيلي قبل ١٧ عاما وغزة ترزح تحت ظروف اقتصادية ومعيشية واجتماعية مقلقة للغاية وعادة ما تخرج مسيرات  جماهيرية حاشدة بدعوة من الحراك الشبابي الفلسطيني للاحتجاج على سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية وتفاقم أزمة الكهرباء بسبب الحصار المفروض على القطاع.

 

ويردد المشاركون في المسيرات هتافات رافضة لاستمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، وتطالب السلطة الفلسطينية والقوى السياسية بالعمل على رفع المعاناة عن القطاع وإلغاء العقوبات المفروضة عليه بشكل كامل، وتوفير حياة كريمة لسكانه.

 

ويرفع المشاركون في المسيرات لافتات تحمل عناوين (إلى أين نحن ذاهبون؟" و"كفى حصارا"، ويطالبون برفع الحصار وإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية.

 

وبموازاة هذه المسيرات التي هدأت نسبيا في الاعوام القليلة الماضية بعد ان قامت الاجهزة الامنية لحكومة حماس بالتصدي لها فان التصريحات الصادرة عن مسؤولي حماس والجهاد الاسلامي والتي يتم من خلالها تقديم صورة معبرة ومتفائلة عن الاوضاع في قطاع غزة لا تعكس الصورة الحقيقية للاوضاع القاسية على الارض حيث يعاني  قطاع غزة للعام السابع عشر  على التوالي من أوضاع اقتصادية وإنسانية، لطالما وصفتها تقارير أممية ودولية بأنها الأسوأ في العالم.

 

وبدأت الأيام الأولى لحصار غزة عندما فرضته سلطات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع إثر نجاح حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية في يناير/كانون الثاني 2006، ثم عززت إسرائيل الحصار في منتصف يونيو/حزيران 2007 إثر سيطرة حماس على القطاع عسكريا ومنذ هذه التواريخ حتى يومنا هذا يتعرض القطاع الى هجمات اسرائيلية بعضها كان واسع النطاق وتسبب في تدمير البنية التحتية وخنق فرص الامل لمواطني غزة بالحصول على حياة كريمة فيها كبرياء وهو ما يتناقض مع التصريحات الاخيرة لزعماء ومسؤولي الجهاد الاسلامي عقب العدوان الاخير على القطاع بان الحياة في القطاع مقبولة وجيدة ، فالاوضاع على الارض مغايرة تماما وما الاحتجاجات الاولية التي انطلقت يوم الاحد بشكل مقلص الا رسالة مفادها ان المواطن في غزة سئم العيش في ظروف معيشية مزرية وان من حقه الحصول على حياة كريمة كما يحياها ابناء القيادات والزعماء والمسؤولين وهذا ما ظهر من خلال الهتافات التي رددها المشاركون في الاحتجاجات ..

 

وتتفاقم صورة الاوضاع المأساوية تدريجيا في القطاع بسبب ارتفاع الاسعار والغلاء وفرض الضرائب والجمارك وهذه المعضلات اضافة للمشاكل المترتبة على الحصار الاسرائيلي دون بارقة امل كفيلة بتحريك مشاعر الغضب لدى السكان المحليين اذا لم تتدارك حكومة حماس الموقف قبل وقوع ما لا يحمد عقباه ..

 

صحيح ان الهدوء النسبي المرتبط بالحالة الامنية في قطاع غزة يوفر الامن والامان للمواطنين لكنه لا يمكن باي شكل من الاشكال ان يؤمن لهم الماء والطعام والدواء والكهرباء او يخلق  فرص عمل جديدة فالامور لا زالت على حالها دون اي انفراجة في المباحثات والمفاوضات التي تجري من وراء الكواليس والتي تهدف الى فتح مشاريع عمل امام المواطنين وبناء مرافق ومدن اقتصادية وانشاء ميناء عصري والسماح بحرية الحركة والتنقل الى الخارج ومد القطاع بشبكات حديثة للكهرباء والماء وغيرها من الامور المتعلقة بالبنية التحتية ،وفي كل محاولة  للتقدم تجد الكرة عادت الى الملعب الخلفي بسبب مواجهة او صدام او توتر فالى متى؟ 

 

عنوان استراتيجي يرفعه ويصرخ من اجله مواطن القطاع الفقير ويقول الى متى سنبقى رهينة للحصار والانقسام الذي يخنقنا ويعزلنا عن العالم؟

 

أن اوان ان تتحرك المياه الراكدة وان تتدفق بغزارة لتحقيق احلام وتطلعات مواطني قطاع غزة خشية اندلاع موجة قاسية من مظاهر الاحتجاج تؤخر ولا تقدم شيئا في حياة المواطنين وتفرض مجددا صورة قاتمة لواحدة من اكثر بقاع العالم فقرا ومأساوية