تتجه الانظار الى القاهرة بعد دعوة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس للفصائل الفلسطينية للمشاركة في اجتماع الأمناء العامين اعتبارا من الثلاثين من تموز في أعقاب العدوان الإسرائيلي على جنين ومخيّمها، والذي استمر ليومين، وأدى لاستشهاد 13 مواطنا وإصابة أكثر من 100.
وفي الوقت الذي دفع فيه لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس حركة حماس اسماعيل هنية في تركيا الى شعور بالتفاؤل لانهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة وصولا الى وحدة وطنية شاملة فان البعض يطرح تساؤلات بشأن هذا اللقاء وإمكانية أن يمثل نقطة فاصلة في تاريخ المصالحة الفلسطينية، ودفع جميع المجتمعين في القاهرة للتوصل إلى اتفاق ولكن حركة الجهاد الاسلامي اعلنت بشكل واضح على لسان الأمين العام زياد النخالة عن شروطها للمشاركة باجتماع الأمناء العامين في القاهرة حيث قال النخالة، في تصريح صحفي: "إن الجهاد الإسلامي لن يذهب لاجتماع الأمناء العامين في القاهرة قبل الإفراج عن اعضاء حركة الجهاد المجاهدين في سجون السلطة الفلسطينية".
وادت هذه التصريحات مجددا الى ارباك الساحة الفلسطينية وبالتالي تقليص فرص التوصل الى اتفاقات وتفاهمات واضحة حيث تبذل حركة حماس جهودا كبيرة لاقناع حركة الجهاد بضرورة حضور هذا الاجتماع والمشاركة في طرح تصورات المرحلة القادمة لحياة الشعب الفلسطيني ومستقبله وضرورة توحيد الجهود الوطنية لمواجهة المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية خاصة مشاريع الحكومة الاسرائيلية المتطرفة وفي مقدمة ذلك الخطر الأساسي المتعلق بالضفة والقدس المحتلة اضافة الى وجود حالة من الإحباط واليأس لغياب التداول والديمقراطية والتطور الاجتماعي والحرمان الوظيفي لدى الكثير من الكفاءات، ما أدى لتصاعد الهجرة عند الكثير من الأكاديميين والأطباء والمهندسين وغيره، فضلا عن انسداد الأفق السياسي كليا مع انتشار الفقر عند الغالبية الكاسحة في غزة، بينما يتمتع بعض من الناس بثراء فاحش".
ووفقا لتقديرات محللين سياسيين من المختصين بالشأن الفلسطيني فان محتوى اللقاء وما تم التوصل إليه حتى اللحظة بعيد كل البعد عن إمكانية نجاح لقاءات القاهرة، انطلاقا من الفجوة الكبيرة في الرؤى والبرامج والأدوات المستخدمة لبناء استراتيجية وطنية قادرة على مواجهة التحديات في ظل الحكومة الإسرائيلية اليمينية الفاشية، وما تقوم به من جرائم وإجراءات بحق الشعب الفلسطيني".
وسيؤثر غياب الجهاد الاسلامي عن الاجتماع على النتائج المترتبة عليه وسيعمق الشرخ الكبير في العلاقة بين الفصائل الفلسطينية رغم حرص حركة حماس على المشاركة واستعدادها على لسان عدد من مسؤوليها للوصول الى تفاهمات في سبيل تحقيق المصالحة ..
وفي ضوء غياب بوادر ايجابية للافراج عن المعتقلين السياسيين لحركة الجهاد الاسلامي من سجون السلطة الوطنية الفلسطينية فان الفشل يحيط بالاجتماع وسيكون بعيدا عن تحقيق رؤية وطنية شاملة ..
وفي الوقت الذي انشغلت فيه الساحة الفلسطينية بالتحضير لهذا الاجتماع المرتقب فان الحرب الاعلامية كانت مستعرة لا سيما وان تصريحات مسؤولي حماس والجهاد الاسبوع الماضي اكدت حرصهما على تعزيز كافة الجهود لتحقيق الوحدة الوطنية ولكن الجهاد عبرت بصراحة عن موقف اخر وهو "أن يكون الحوار على قاعدة المقاومة بكل أشكالها بما يلائم كل طرف، أما ألانجرار إلى حوار على قاعدة أوسلو وقرارات الشرعية الدولية فهذا ما ترفضه الحركة وهو ما سيقلص الى حد كبير من فرص صدور برنامج وطني موحد لمواجهة مخططات الاحتلال، ووضع خطط عملية لتنفيذ ما سيتفق عليه، والاتفاقيات السابقة وذلك يعني أن الوضع الفلسطيني الداخلي صعب".
كانت جلسات الحوار الفصائلية السابقة، في القاهرة وفي الجزائر، جيدة من حيث المخرجات، لكن ينقصها التطبيق، وتتحمل السلطة مسؤولية عرقلة تفاهمات الجزائر، وعدم إجراء انتخابات حتى الآن".
في خضم هذه التصريحات التي ترافقها تصريحات من قياديي حركة فتح بضرورة ان تكون النقاشات على طاولة الحوار في القاهرة بدلا من اللجوء الى وسائل الاعلام وفي ظل اشتراطات الجهاد الاسلامي للافراج عن معتقليها من سجون السلطة الفلسطينية التي تمتنع عن القيام بهذه المبادرة رغم تمني حركة حماس عليها فان الساحة الفلسطينية ستتجه حتما الى مزيد من الانقسام والضياع وكل مَا سيصدر عن اجتماعات القاهرة سيبقى مجرد تفاهمات على الورق ولن تخرج الى النور والى التطبيق الفعلي وسيكون الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة الغربية والقدس هو الخاسر الاكبر جراء المعادلات التكتيكية التي يتحصن خلفها كل فصيل فلسطيني ويسعى من خلالها لتحقيق اهدافه واجنداته ومفرداته الشخصية بعيدا كليا عن مصلحة شعب انهكه الفقر والجوع والحصار والاحتلال