"سحرت لبنتي عشان تسرق خطيبها"

تقرير: قصص ضحايا السحر والشعوذة مصيرهم المرض والجنون حتى الموت

ضحايا السحر والشعوذة
حجم الخط

غزّة - خاص وكالة خبر - مارلين أبو عون

"ايش معنى هو وضعه وحياته ماشية وبكسب كتير وأنا لا- لازم أوقف حياتها وأخلي جوزها يطلقها وعمره ما طلع في وجهها - ما بقدر أشوفهم متفقين ومبسوطين لازم أعمل لهم عمل يخليه ما يقرب منها ويضلوا بعاد عن بعض وهو يصيبوا المرض لغاية ما يضل ياكل بجسمه لغاية ما يموت- بَحِّبُ ولازم يخطبني ويبعد عن خطيبته ويكرهها كمان"، أسباب كثيرة اجتماعية ونفسية ودينية تدفع بالعديد ممن تبدلت الإنسانية في وجدانهم وتحولت إلى كره وبغض لم نجدها عند الحيوانات.

قصص عديدة ضحاياها أناس أرادوا الحياة بأمن وأمان لكن الأقرباء منهم أبوا ذلك، بعد أنّ تحولت نفوسهم المريضة إلى كتلة من الحقد الذي جعلهم يبحثون عن وسائل لتدمير غيرهم، عدا عن الوازع الديني والبعد عن القرآن وعن الله يجعل هذه الفئة تتمادى في التعامل مع السحرة والمشعوذين حتى وإنّ دفعوا لذلك الغالي والنفيس، فالمهم من وجهة نظرهم أنّ تتحقق مآربهم الخبيثة في تدمير العائلات والأفراد، وكم من أشخاص أصيبوا بأمراض مختلفة ولم يستطع الطب الحديث علاجهم، وكم من أفراد ماتوا نتيجة إقدامهم على الانتحار والسبب "عمل سفلي الهدف منه الجنون والمرض والموت".

وكالة "خبر" التقت بعض من الذين آذتهم تلك الأعمال السفلية والذين من حُسن حظهم استطاعوا كشفها، والبعض الآخر يُعاني منها حتى كتابة هذا التقرير، ورحلة طويلة من المعاناة ما بين معالجين بالقرآن وبين المشعوذين وبين الطب الحديث ولا جديد وتحسن يذكر على حالهم.

"سحرت لبنتي عشان تسرق خطيبها"

"أم تحسين" هي أم لعروس كانت تتجهز لفرحها الذي كان مقرراً عقده قبل سنتين، وتحدثت عن معاناة ابنتها التي لم تستطع الحديث معنا لصعوبة وضعها الصحي، فقالت: "ابنتي انتهت من دراستها الجامعية، تخصص الصيدلة، وتقدم لها قريبنا وهو ممرض وضعه المادي جيد جداً، ويُشهد له بحُسن الخلق، وحدث النصيب وتم عقد قران ابنتي وكانت سعيدة جداً بخطوبتها وهو كذلك كان سعيد بابنتي وكان لا يحب أن يرفض لها أي طلب، وبعد شهر من الخطوبة تبدل الحال، وأصبحت ابنتي فجأة هزيلة لا تقوى على الحركة وطوال الوقت تريد النوم، وكان كلما يأتي لزيارتها خطيبها تصرخ بنا لأنّنا نطلب منها الخروج لمقابلته، وتقول لنا إنّها لا تُريد رؤية وجهه ويجب أنّ يُغادر المنزل".

وتابعت: "حينما سألنا خطيبها عما إذا حدث بينهما أيّ خلاف جعلها على هذا الحال، فأقسم أنّه مصدوم من ردة فعلها وخصوصاً أنّه لم يحدث بينهما أيّ أمر يستدعي منها أنّ تُعامله بهذه الصورة، وأنّهما كانا في آخر مرة بزيارة  لأقرباء له، وسهروا عندهم وكانوا سعداء جداً وأوصلها للمنزل وغادر، وفي اليوم التالي اختلفت ابنتي سلوى وأصبحت على هذا الحال".

وأشارت أم تحسين، إلى أنّها لم تترك طبيباً إلا وزارته وكل طبيب يُخبرها بأنَّ ابنتها لا تُعاني من أيّ مرض عضوي، والحالة التي هي عليها ربما تكون نفسية، وانتقلت إلى الطب النفسي الذي لم يستطع أيضاً أنّ يُغير من حالها، حتى نصحتها إحدى الجارات بأخد ابنتها لشيخ فربما تكون ابنتها مسحورة".

وأكملت: "في البداية لم أكن أرغب بالتوجه للشيوخ والمشعوذين لأنَّ إيماني بالله قوي، وثانياً لا أؤمن بأنَّ الأعمال ممكن أنّ تجعل الإنسان على هذه الشاكلة، ولكِن تدهور حالة ابنتي اضطرني لأنّ أسلك ذلك الطريق، بعد سنة من معاناتها من أمراض ليس لها علاج، والكوابيس التي كانت تراها في منامها وإقدامها على الانتحار في بعض الأحيان، وكرهها لخطيبها حتى طالت المدة ولم تتحسن واضطر والدها أنّ يفسخ الخطوبة، ليعالج ابنتنا، وقد وافقت أخيراً وذهبت لأحد الشيوخ المعروفين بعلاجه بالقران فقط".

وأردفت: "من اللحظة الأولى التي رأى فيها الشيخ ابنتي، قال لنا (ابنتكِ معمول لها عمل صعب جداً، الله يعينها على الي هي فيه)، وفي البداية أنا ارتعبت ولم أستطع أنّ أتحدث بحرف واحد، وأصبحت أفعل ما يأمرني به الشيخ، أمسكت ابنتي، وأخذ يقرأ عليها آيات من القرآن الكريم، وأثناء قراءة القرآن كانت سلوى تصرخ وتنتفض وكأنّها لا تُعاني من أيّ مرض في جسمها، وكانت قوية لدرجة لم أستطع أنّ أمسكها أنا والشيخ المُعالج، حتى أنَّ  صوتها اختلف فجأة وكان أحد يسكن جسدها ويتحدث وينظر لي وللشيخ بكره شديد وغضب لا يمكنني نسيانه، فأصبح هذا الصوت يعلو وكلما أمره الشيخ أنّ يتحدث لماذا سكن جسد ابنتي، كان يرفض الإجابة ومع قراءة القرآن كان كأنه يحترق، فيأخد بالصراخ والصراخ حتى انصاع لأوامره وقرر أنّ يقول، وكم أصابني الخوف والدهشة، كان ذلك الصوت يقول إنّه سكن جسد ابنتي من خلال شربها للعصير وأنّه جني أُحضر ليسكن جسد ابنتي وروحها لتكره خطيبها ويصيبها المرض والوجع والجنون حتى الموت".

وأكّدت أم تحسين، على أنَّ ابنتها أصبحت تتماثل للشفاء في كل جلسة تذهب بها للشيخ، لكِن ما بها لم ينتهي نهائياً بعد، وأنّ مَّنْ ضرت ابنتها هي قريبة لخطيبها أسقتها العمل لكي تكره خطيبها وتؤذيها، ولتتزوجه هي، علماً بأنّ الشيخ المعالج لم يذكر اسم تلك المرأة، ولكِنه يقوم بتحصين ابنتها حتى لا تقوم تلك المرأة بتجديد العمل الذي أخد من صحة سلوى وعقلها ونفسيتها وخطيبها أيضاً.

من الأوائل.. ولكن!!

"خالد" الذي كان يجلس بجوار باب غرفته، ويتمتم بكلمات غير مفهومة، يقول والده لمراسلة "خبر": "كما ترين ابني على هذا الحال من قبل امتحانات الثانوية العامة، حيث إنّه كان من المفروض أنّ يكون قد أنهى العام الدراسي مثل زملائه الذين نجحوا بتفوق، مع العلم أنَّ ابني كان متفوق جداً في دراسته، ومعدله في كل سنة دراسية كان في حدود الـ99% وكنت مستبشراً بأنّ يكون من الأوائل على الوطن لهذه السنة، لكِن حاله تغير فجأة قبل الامتحانات."

وأضاف: "ابني الذي كان يحُب الدراسة أصبح يتغيب عن المدرسة باستمرار بحجج كثيرة، بل كان يكره أنّ يفتح كتبه الدراسية، حتى أنَّ المدرسة أرسلت بطلبي لتسألني عن تبدل حاله، ولم أجد أيّ إجابة أشرح بها وضعه، وأصبح ينعزل أكثر في غرفته ولا يدرس، بل يقوم كل يوم مفزوعاً من نومه ويقول إنّه يرى شبحاً كبيراً يأتيه في منامه ويخنقه حتى يكاد يفقد النفس فيقاومه ويستيقظ مفزوعاً، حتى قررت أنّ أستدعي له بعض الشيوخ لقراءة القرآن في غرفته، بعضهم قال إنَّ ابني ممسوساً بالجن الذي يجعله يكره الدراسة ويُصبح مريضاً، والبعض الآخر أخبرني أنَّه لا يعاني من شيء وكل ما يمر به هو ناتج عن ضغوطات الدراسة ليس إلا، كون ابني متفوق في دراسته".

ولفت والد "خالد"، إلى أنَّ ابنه لم يتحسن كثيراً بعد جلسات العلاج الكثيرة، فقد أصبح أكثر هدوءًا ولا يصرخ ولا يتحدث معهم في البيت، ويضل يتمتم بكلمات مفهومة وغير مفهومة، عدا عن ضياع سنة دراسية مهمة بالنسبة له".

وتمنى الأب المكلوم أنّ يتعافى ابنه مما هو فيه، رافعاً يده للسماء قائلاً:" الله يجازي كل واحد ضر ابني مشان يقف حاله، الله يجعله ينكشف لكل الناس ويموت موته شنيعة الي بيضر الناس ويؤذيهم".

الأجهزة الأمنية تُلاحق السحرة والمشعوذين 

وقيما يتعلق بدور الأجهزة الأمنية بغزّة، فهي لم تتوانى لحظة في تتبع السحرة والدجالين وتوعدت كل من يتعامل معهم بأقصى العقوبة ليكون رادعاً لغيرهم لمنعهم من أذية الناس، حيث إنه وقبل شهرين قامت مباحث شمال غزّة بضبط أكثر من 166 ما بين ساحر ومشعوذ ومعالج بالقرآن "يستخدم طلاسم وكلمات غير موجودة بالقرآن".

وقال مدير المباحث، الرائد أحمد الكريري، في حديث صحفي سابق: "إنَّ لدى وزارة الداخلية إحصائيات لفئات من الناس اُرتكبت بحقهم أمور خطيرة من قبل المشعوذين عند ذهابهم إليهم للعلاج بالقرآن"، لافتاً إلى أنَّ بعض من يعملون بهذا المجال يتبعون للأجهزة الأمنية سابقاً كجهات معلوماتية بهدف جمع المعلومات الأمنية عن الشخص "المُعالَج".

يُذكر أنَّ ممارسة السحر والشعوذة محظورة في غزّة، ولا يوجد لها مراكز مرخصة، كما يوجد قانون عقوبات تم إقراره من قبل الحكومة لمواجهة السحرة والمشعوذين وهو سجن المُثبت بحقه أنّه "يُعالج بالقرآن" لمدة عام مع دفع غرامة مالية، وعقوبة قد تتراوح حبس ثلاث سنوات خاصة للدجالين المعروفين ممن يفتحون أبواب بيوتهم لامتهان هذا الأمر الخطير".

"الإسلام توعدهم بنار جهنم" 

يعتبر الإسلام السحر والشعوذة بشكل عام شكلاً من أشكال الكفر وهما ممنوعان تماماً، ويُعتبران من كبائر الذنوب ويعتبر من يمارسها معصية لله، ويستخدمان للتلاعب بالعالم غير المرئي، وأنّهما ينطويان على طلب المساعدة من الأرواح الشريرة والشياطين، ويعتبر هذا شكلاً من الشرك بالله وهو من أعظم الذنوب في الإسلام.

كما أنَّ السحر والشعوذة من عمل الشيطان، ويُستخدم لخداع الناس وإبعادهم عن الدين، ولم يُحدد الإسلام عقوبة التعامل مع السحرة والمشعوذين، لأنّها تعتمد على الظروف الخاصة وقوانين المجتمع الذي وقعت فيه الجريمة، ومع ذلك فإنَّ ممارسة السحر والشعوذة بشكل عام تُعتبر خطيئة كبرى في الإسلام وممنوعة منعاً باتاً.

وكالة خبر استطلعت بعض آراء رواد موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وكانت على النحو التالي:

تقرير: قصص ضحايا السحر والشعوذة مصيرهم المرض والجنون حتى الموت
تقرير: قصص ضحايا السحر والشعوذة مصيرهم المرض والجنون حتى الموت
تقرير: قصص ضحايا السحر والشعوذة مصيرهم المرض والجنون حتى الموت
تقرير: قصص ضحايا السحر والشعوذة مصيرهم المرض والجنون حتى الموت
تقرير: قصص ضحايا السحر والشعوذة مصيرهم المرض والجنون حتى الموت
تقرير: قصص ضحايا السحر والشعوذة مصيرهم المرض والجنون حتى الموت
تقرير: قصص ضحايا السحر والشعوذة مصيرهم المرض والجنون حتى الموت