قانون اليوم: الأقوياء فقط يقررون.. لا مكان للحقوق

UFOTBLWIIV.jpg
حجم الخط

بقلم عماد الدين أديب

من قواعد العالم الجديدة التي تشكَّل الآن نهاية قانون أنّ الحقّ هو القوّة لصالح قانون يقول إنّ القوّة بكلّ أشكالها وأدواتها هي الحقّ. يتمّ تعطيل فعّالية القانون الدولي واحترام سيادة الدول، وإلقاء القرارات الدولية في سلّة المهملات.

يتمّ الآن فرض العقوبات، واستخدام القوّة العسكرية والتدخّلات الأمنيّة والاختراق السيبراني، واستخدام أسلحة القتال والطاقة والأسمدة والمواصلات وقطع الغيار ومستلزمات الإنتاج وتوفير سلاسل الإمداد للضغط والابتزاز وإذعان الآخر.

يمارس القويّ القوّة على الأقلّ، والكبار يحاولون تعطيل صعود القوى المنافسة، وصاحب احتكار السلطة الاستراتيجية يقهر الذي يستوردها، والذي يدفع الثمن الآن فقراء العالم في إفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا.

لنتأمّل الذي يحدث في العالم الآن:

- أوّلاً: حرب كونية مسرح عمليّاتها يدور بين روسيا وأوكرانيا والهدف النهائي منها إضعاف الصين وروسيا. علينا قراءة تقرير الاستخبارات الأميركية الذي تمّ تسريبه عن عمد ويدّعي أنّ الصين تساعد روسيا بقطع الغيار والصواريخ والمسيّرات مباشرة أو عبر كوريا الشمالية. الهدف هو بناء موقف قانوني دولي يفرض عقوبات على الصين مماثلة لتلك التي فُرضت على روسيا بوصفها شريكاً متضامناً في ما يسمّونه: "الغزو الشرير الروسيّ للأراضي الأوكرانية".

- ثانياً: سعي الإدارة الأميركية وأوروبا عبر الحلف الأطلسي إلى إطالة عمر الحرب الروسية الأوكرانية من خلال تزويد أوكرانيا بأسلحة ومساعدات تجاوزت قيمتها 170 مليار دولار. يعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن هذه الحرب أحد أهمّ إنجازاته وسيستند إليها في معركته الرئاسية المقبلة، بمعنى أنّه يسعى إلى الفوز عبر أموال أوروبا ودافعي الضرائب الأميركيين ودماء الروس والأوكرانيين.

- ثالثاً: تمرّد العديد من القوى في العالم على الرضوخ للهيمنة الأميركية في عدّة محطّات:

أ - نجاح القمّة الروسية الإفريقية في سانت بطرسبورغ على الرغم من الضغوط المجنونة للإدارة الأميركية من أجل إفشالها.

ب - انعقاد مجموعة "البريكس" الشهر المقبل لتقرير اعتماد عملة خاصّة بها في نظام المبادلات التجارية خارج نطاق العملة الأميركية.

ج - سياسة دول "أوبك بلاس" التي تعتمد سياسة الإنتاج والتسعير خارج رغبات واشنطن.

د - نجاح الصين في علاقاتها الدولية ودورها الفعّال في صراعات إقليمية بدءاً من اتفاق بكين بين السعودية وإيران ووجود مبعوثين خاصين لها في كلّ الأزمات من حرب روسيا وأوكرانيا إلى أزمة لبنان الحالية.

هـ - تمرّد طهران على إنجاز الاتفاق النووي الآن مع واشنطن حتى لا يكون مكافأة للرئيس بايدن في انتخابات الرئاسة.

- رابعاً: خفوت وتناقص الدور الفرنسي في منطقة دول الساحل، وخاصة في بوركينا فاسو ومالي وأخيراً النيجر.

- خامساً: فشل النظام الدولي في فرض حلول على أنظمة محلّية، من فشل باريس في فرض تسوية رئاسية في لبنان إلى فشل باريس وواشنطن والاتحاد الأوروبي في إجبار النيجر على إعادة الرئيس الشرعي محمد بازوم مقابل سطوة سلطة الانقلاب. وختاماً فشل واشنطن في إيقاف أو حسم نتائج الحرب الأهلية في السودان.

بصرف النظر عن صاحب الصواب أو عمّن هو مرتكب للخطأ، وبصرف النظر عمّن يحترم القانون الدولي أو الدستور المحلّي، وبصرف النظر عمّن بدأ الصراع أو من هو المعتدى عليه، وبصرف النظر عن الذي حرّض أو موّل أو أرسل سلاحاً أو أشعل حرباً، فإنّ القوّة، والقوّة وحدها بكلّ أشكالها، هي التي ستفرض الأمر الواقع.

من هنا علينا فهم هذه الحقائق المؤلمة وكيف نتعامل مع هذا الواقع المفضوح.