رحلة الذهاب إلى العلمين، ليست كرحلة الإياب.

ماذا حقق عباس وماذا لم يحقق؟

08131783070030779318284182254500.jpg
حجم الخط

بقلم: نبيل عمرو

لقد بادر الرئيس عباس إلى دعوة الأمناء العامين إلى لقاء عاجل إثر موقعة جنين، وما أدّت إليه من ارتدادات سلبية على السلطة، إذ وضعتها وإطاراتها ورئاستها بين شقي الرحى.

فلا الرأي العام الفلسطيني رضي عن دورها في الحرب، ولا الإسرائيليون المعتدون توقفوا عن مطالبتهم بإنجاز ما لم تستطيع القوة العسكرية الإسرائيلية إنجازه.

في هذا المناخ؛ قرر الرئيس عباس دعوة الأمناء العامين إلى لقاء.. ولا تنقص الرجل الدراية بما يستطيع تحقيقه على صعيد رؤيته لشروط إنهاء الانقسام والتي أكدها أمام رجب طيب أردوغان الصديق المشترك له ولحماس.. وللتذكير مع أن أحدا من المتابعين لم ينسَ.

  • نظام سياسي واحد.
  • سلاح فلسطيني واحد.
  • سلطة واحدة.
  • اعتراف بمنظمة التحرير كممثل وحيد، مع الجملة الإشكالية.. و"الالتزام ببرامجها وتعهداتها".

ترتيب الاجتماع وقصر مدته، أكد أن الرئيس وضع المدعوين أمام.. أجب بنعم أم لا، ومنع إصدار بيان عن المجتمعين واكتفى بلجنة وصورة وبيان رئاسي.

قيل كثيراً عن أن عباس سعى لهذا الاجتماع لتجديد شرعيته، وأنا لا أوافق على ذلك، فليس عباس المجرب ينشد شرعية من اجتماع كهذا، فشرعيته متوفرة من خلال عدم إدعاء أي فصيل لها، كما هي مضمونة بفعل اعتراف العالم بها والتعامل معها، فالرجل يُدعى إلى القمم جميعا، ولا يُدعى غيره لإلقاء كلمة فلسطين من على منبر الأمم المتحدة، وتعلق صوره على جدران السفارات سواء في عواصم الممانعة أو عواصم أخرى.

وإذا كان هنالك من نقص في الشرعية فلا تعوضه إلا الانتخابات العامة، وقد جرى وداعها في وقت سابق.

والسؤال.. ما دام إنهاء الانقسام غير وارد، وما دام تجديد الشرعية رغم تقادمها لا ضرورة ملحة له، فلماذا إذن الاجتماع؟ وهنا يجدر الحديث عن ما حققه الرجل منه؟

لقد نقل الكرة من ملعب السلطة المدانة بعدم القتال، إلى ملعب الجميع، راكبي الموجة، ولا شك في أنه كان راضٍ عن مقاطعة الجهاد الإسلامي، لأن المقاتلين غابوا وغيرهم حضر!

وفي الصورة التذكارية التي سمح الرئيس عباس بالتقاطها بديلا عن البيان الختامي، ظهر المغزى المستتر "ما حدا أحسن من حدا".

يدرك عباس أكثر من غيره أن شروطه لنجاح أي لقاء للمصالحة تبدو "تعجيزية" لأن التعامل الجدي معها بغية إنفاذها يتطلب التضحية الفورية بمزاياها، فأين تذهب مظاهر الشرعيتين والسلطتين والبرنامجين والتحالفين؟

إن بقاء الحال على ما هو عليه هو الأسلم للجميع، وعلاجه بحوارات العواصم هو الطريق الأكثر راحة والأكثر ضمانة للامتيازات.

ثم أن إنهاء الانقسام بالشروط التي أعلنها عباس في أنقرة، هي شروط غير مواتية لمستثمري الانقسام من خارج الدائرة الفلسطينية، وهؤلاء إن لم يظهروا في الصورة التذكارية، ولن يكونوا أعضاء في اللجنة الموعودة، إلا أنهم يملكون الحبر الذي تكتب به البيانات، ويملك كل واحد منهم حق الفيتو، وبداهة أن احتياجات الانقسام من التمويل يملكونه ويجيدون استخدامه.

 في العلمين، لم يحقق عباس أيّاً من شروطه لنجاح لقاء مصالحة، ولكنه حقق ترويضا مؤقتا للفصائل، ذلك ليس بفعل براعة خارقة يتمتع بها في هذا المجال، وإنما لمخاطبته المباشرة لمصلحة كل فصيل، وقابليته للترويض، وكلٌ يتكيف مع احتياجات أجندته، وكلٌ يترقب مرحلة ما بعد عباس.