العبارة التي تقول إننا نظام طبيعي تفشل يومياً، هكذا ايضا حياتنا، وحين يتأقلم الخاضعون لنا، او يقولون «شكرا سيدي» فاننا نقوم كل يوم وفي كل جيل بإخضاعهم وسحقهم، وحين يأتي الشبان الصغار، من حركة الاحتجاج، ويشوشون الحالة الطبيعية المزيفة، فانهم ابطال بعيون جمهورهم، رغم ان هذا الجمهور يتحفظ على اعمالهم ولا ينضم إليهم. انهم المتحدثون غير اللامعين، مفهومون وغير مفهومين. كل مرة يفاجئون من جديد رغم انهم مقلدون، وجزء من روتين جديد. انهم لا يستمعون للمنطق ولا للاجهزة الأمنية الفلسطينية، التي تقول ان الشعب والوطن بحاجة اليهم أحياء. انهم يسمعون فقط صوت الأبواب التي تغلق أمامهم، ويرون الافق الذي يزداد ضيقا، إنهم لم يكونوا هناك أبداً، لكنهم يعرفون أن غزة هي النموذج الذي جهز لهم (التخطيط، والتحرش الاسرائيلي، مع عدة لمسات من ريشة «حماس» و»فتح»، والعالم، الذين يقومون باطعام السجين ويصادقون السجان).
نحن نقول «مخربون»، ونحصل على اسمائهم الكاملة ومنشوراتهم من الفيس بوك، ونتعرف من خلالها الى المشاكل الشخصية في البيت، المدرسة، والحي.
نقول «مخربون» ممن تعلموا الالف باء عن البواريد والدبابات والطائرات الاسرائيلية وأجهزة التتبع التي تدخل جميع البيوت، وكل واحد يعرف وجوه الأولاد والشيوخ الذين قتلوا بالدبابات والقنص والاعدام على يد ابطالنا الذين لا تنشر أسماؤهم وفرص العمل بالهاي تك مفتوحة أمامهم.
هناك فشل استخباري اساسي في تعريف الموجة غير تامنظمة على انها «ارهاب» وان القاء الحجارة في المظاهرات هي «ارهاب شعبي». الخبراء العسكريون يخطئون ويفوتون المعلومات الموجودة امامهم، صحيح ان «رويترز» و «نيويورك تايمز» و «هآرتس» لا يعتبرون الولد «ارهابيا» ولا يعتبرون السلطة العسكرية كذلك، لان التصنيفات هي ملك خاص للمنتصرين.
لا يكفي أن يقول الخبراء انه من المفترض السماح لغزة بتصدير المزيد من البندورة وان أجهزة الامن الفلسطينية جيدة، مواطنونا – بالزي العسكري او المدني، في المستوطنات او داخل اسرائيل – يُقتلون لان حكوماتنا اخطأوا الحسابات بان الفلسطينيين سيخضعون للاملاءات وللتفوق العسكري والخديعة الدبلوماسية لهم، لنا.
يعتصر القلب على فقدان الحياة والخطط والبرامج، والفراغ الذي حصل لعشرات العائلات. في دولة سليمة كما تقول الكلاشيهات هناك من يدفع ثمن الاخطاء بعدم إعادة الجيش وبعدم إجراء مفاوضات من أجل مستقبل الحياة والامل للشعبين، لكن الجمهور الاسرائيلي يحب المستوطنات والمزارع الخاصة في النقب، والقرى الفاخرة في الشمال، وتكفي الأقفاص للفلسطينيين.
كيف سنردعهم الآن؟ نضيف تهمة «شاب» الى كتاب التهم في النيابة العسكرية ونعتقل جميع الفلسطينيين بين 16 – 23 اداريا، ونطرد مئات العائلات الى الاردن او لبنان، كما يطالب اقارب بعض القتلى الاسرائيليين.
لا يجب ان نبحث عن الرأفة لدى الشبان حاملي السكاكين، حيث ان كل ما رأوه منا هم وعائلاتهم هو التفوق بأدوات القتل واوامر المصادرة العسكرية، والتدمير والابعاد والاعتقال، يعتصر القلب على فقدان الحياة والامل، على المزيد من الفراغ لعشرات العائلات الفلسطينية التي كانت هدفا للسلاح الاسرائيلي واوامر الادارة المدنية. وها هي الاهداف الفلسطينية تعتبر الاسرائيلي هدفا. لماذا، اذاً، هذه الصدمة الكبيرة؟
سيصرخ اليمين بان هذا تأييد للإرهاب، وهو يثبت بذلك انه غير قادر على القراءة، لماذا يقرأ اصلا؟ الشريط الاسرائيلي للاستيلاء والنهب لا زال يدور: مع مفاوضات او بدون مفاوضات. مع السكاكين والبواريد او بدونها. الفيلات في نيلي تستمر في البناء، وسوف نهدم ام حيران البدوية لصالح حيران التي هي مستوطنة يهودية، مع مصادقة محكمة العدل العليا.
عن «هآرتس»
-