اسرائيل اليوم : منع الحرب مع "حزب الله" لا يزال ممكناً

يواف ليمور.jpeg
حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور

 



ثمة إحساس جماهيري بأن إسرائيل تقف أمام حرب قريبة، محتمة، مع "حزب الله".
ليس هذا هو الوضع: بسلوك سليم، وحكيم، يمكن لإسرائيل أن تواصل الاستمتاع بهدوء في حدود لبنان، مثل الوضع الذي ساد في الجبهة في الـ 17 سنة الماضية منذ حرب لبنان الثانية.
يوجد عدة أسباب للإحساس الجماهيري بالنسبة للحرب التي على الأبواب. الأول – الوقاحة المتزايدة لـ "حزب الله" في الأشهر الأخيرة.
بعد سنوات شعر فيها بأنه ملاحق، يشعر حسن نصر الله مرة أخرى، بأنه على الجواد. يمكنه المناكفة إلى الأبد حول من مسؤول عن ذلك – إجراءات الحكومة أو الاحتجاج – لكن السطر الأخير هو أن نصر الله، مثل باقي زعماء "الإرهاب"، يشعر بأن إسرائيل أضعف وبالتالي يتجرأ على تحديها أكثر.
من ناحية "حزب الله" يجد هذا تعبيره في إقامة عشرات الاستحكامات على طول الجدار تحت غطاء مواقع مدنية، وفي إقامة الخيام في أراضي إسرائيل في هار دوف، وفي أحداث حدودية مختلفة استهدفت إثارة الاستفزاز، والأخطر من كل شيء في إطلاق "المخرب الذي نفذ العملية (التي فشلت لشدة الحظ) في مفترق مجدو.
السبب الثاني يأتي من مجال علم النفس. نحن شعب مضطهد، يعيش في وضعين أساسيين: الحرب، والإعداد للحرب.
لن يجدي نفعاً أن يكون عصر الحروب الكبرى قد انتهى قبل خمسين سنة، ولا حقيقة أن إسرائيل أقوى بأضعاف من كل جهة أخرى في المنطقة ومنها جميعاً معاً.
من ناحيتنا نحن الإسرائيليين، من شأن المصيبة أن تدق أبوابنا في كل لحظة، ويجدر جداً الاستعداد لها.
من المحظور أن نفهم من هذا أنه مسموح لنا أن نكون غير مبالين – فمهمة الجيش هي أن يكون جاهزاً ومستعداً دوماً – لكن لإحساس الويل - الويل - الويل الحالي لا يوجد مكان. حتى لو وقعت حرب فإنه على كل صفعة تتلقاها إسرائيل سيتلقى "حزب الله" لكمة أليمة أكثر بأضعاف.
السبب الثالث مأخوذ من عوالم الوعي. الحروب هي مادة ممتازة للعمل عليها.
اسألوا حسن نصر الله، الذي أقام حياة مهنية من التخويفات. فلو حصلنا على شيكل على كل محاولة تخويف له، لسددنا منذ زمن بعيد الحفرة في ميزانية الدولة.
هذا لا يعني أن الوضع عندنا أفضل. فالسياسيون يستغلون الحروب كي يجنوا المرابح، وهكذا أيضاً من يعارضونهم.
الوضع السياسي الحالي في إسرائيل يوفر انعكاساً جيداً لهذا الوضع الذي يحذر فيه الطرفان ما سيحصل في الحرب التالية فيما إذا كان كل منهما يواصل طريقه، وعلى الطريق كلهم معا يحاولون إدخال الجمهور كله في حالة فزع.
وبعد كل هذا، إسرائيل قريبة اليوم من الحرب أكثر مما كانت في الصيف الماضي.
الوضع الداخلي عندنا، والابتعاد الذي يخلقه عن واشنطن وعن بعض من الدول العربية والغربية، يدفع بعضاً من الأعداء ليفكروا بأنهم على الجواد. وأنهم إذا ما عملوا فإن إسرائيل ستحتمل الضربة ولن ترد، وإذا ردت فإنها ستفعل كل شيء كي لا تتدهور إلى تصعيد وإلى حرب.
النتيجة هي أن هذه الجهات، وعلى رأسها "حزب الله"، يتجرؤون أكثر مما في الماضي.
لكن هم أيضاً يحرصون على ألا يحطموا الأواني لعلمهم بالثمن الباهظ الذي سيدفعونه في معركة شاملة.
هذه لعبة دجاجة خطيرة لكن يجب الاعتراف بأنها هكذا وعدم الانجرار إلى مغامرات خطيرة. الأسهل هو الإخلاء منذ هذا الصباح للخيام في هار دوف أو قتل بضعة نشطاء من "حزب الله" على الجدار، وتلقي الصواريخ في كريات شمونا رداً على ذلك والرد عليها، والتدهور كل الطريق حتى السيناريو الذي نشرته هنا، أول من أمس، ليلاخ شوفال، مع آلاف الصواريخ في اليوم ومئات القتلى والضرر المادي والاقتصادي والبنيوي الجسيم.
لا حاجة للخوف من حرب كهذه، لكن أيضاً لا يوجد أي سبب للاندفاع إليها في قفزة رأس. إذا ما قيض لإسرائيل أن تقاتل فهي ستقاتل وستنتصر. لكن القاعدة الحديدية التي توجه استراتيجيتها الأمنية في الـ 75 من سنواتها هي تأجيل وإبعاد الحروب قدر الإمكان وردع العدو عن البدء بها.
وبالتالي، فإن المهمة الحالية لإسرائيل يجب أن تكون إعادة "حزب الله" إلى زاويته، حيث هو مردوع وحريص على القواعد.
هذا لن يكون سهلاً أمام الشهية المتزايدة لنصر الله وأسياده وشركائه، ومع اعتبار الوضع الداخلي في البلاد، لكن هذا ممكن وواجب أيضاً، وأساساً لأن البديل أسوأ بكثيرـ وثمنه الباهظ يستحق عمل كل شيء لأجل توفيره.

عن "إسرائيل اليوم"