"مكور ريشون" : خطر فوري: هل إسرائيل جاهزة للحرب متعددة الجبهات؟ (1من2)

20231008050400.jpg
حجم الخط

بقلم: أورن سولومون



يتحدى "حزب الله" الجيش ودولة إسرائيل أكثر فأكثر، حتى أن ديوان رئيس الحكومة أعلن أن مشاورات جرت بمشاركة مندوبين عن المؤسسة الأمنية ورئيس الحكومة، للبحث في الموضوع.
إذاً، هل علينا أن نكون هادئين بعد اللقاء؟ لا. "حزب الله" - بشكل غير مفاجئ - يسير على حافة الحرب، حيث يرى أنه يوجد الآن تضافر ظروف خاصة واستثنائية يريد استغلالها. الجيش جاهز، ولكن هذا لا يعني أنه لا توجد مخاطر وأثمان. وماذا بشأن المستوى السياسي؟ عليه أن يسيطر على نفسه، وأن يجمع "الكابينيت"، وأن يبحث في الاستراتيجية. وبدلاً من إجراء حوارات عميقة بشأن مسألة "الضربة الاستباقية" وتحضير الدولة لحرب متعددة الجبهات، فإنهم يجرون حوارات مقلصة بشأن الأحداث والردود. إذاً، نعم، نحن في حالة خطر واضح وفوري.

أسباب ثقة نصر الله المتزايدة
هل يريد "حزب الله" الحرب؟ يبدو أن الجرأة لديه، وثقته المبالَغ فيها بنفسه، وحتى استعلاء حسن نصر الله، يمكنها أن تدفع إلى إشعال حرب هنا، ليس فقط في مواجهة "حزب الله"، بل حرب متعددة الجبهات، حتى أنها يمكن أن تكون إقليمية. علامَ يعتمد؟ يمكن فحص الأحداث التي جرت خلال العامين الأخيرين: التهديدات والشروط التي وضعها الحزب بشأن منصة الغاز "كاريش" وقرار حكومة إسرائيل الوصول إلى اتفاق مريح، و"المخرب" في مفرق "مجدو" الذي خرج من تحت يده (وبمصادقته)، وبمعجزة تم منع كارثة كبيرة، ونصب الخيام في منطقة "هار دوف"، وإقامة أبراج بغطاء مدني على طول الحدود، بالإضافة إلى التجوال حول الجدار الحدودي واستفزاز جنود الجيش و"المواطنين" الملاصقين للجدار.
يمكن أيضاً الذهاب أبعد من ذلك: خلال الأعوام الأربعة السابقة، يقوم "حزب الله" بتحدي الجيش في المجال الجوي اللبناني، ويحاول إسقاط طائرات سلاح الجو - من دون ردّ إسرائيلي، وإدخال منظومات دفاع جوي مصنّعة إيرانياً، وحالات إطلاق نار في منطقة "أفيفيم" ونهاية الحادثة بنجاح بسبب عدم قتل "المخربين" الذين كانوا في مرمى القناصة (تخوفاً من ردّ على الرد)، وفي "يوم ناجح"، لأنه انتهى من دون إصابات إسرائيلية، وكأن الحديث يدور عن مسرحية، وهذا كله من أجل الامتناع من "تصعيد" في المدى القصير، لكن هذا يُراكم الضرر الذي يقضم من القدرة على الردع بصورة مستمرة. السياسة التي تسمح بهذا كله، يجب ألاّ تفاجأ بازدياد شهية "حزب الله" - إنه "تنظيم إرهابي" ومقاومة - وهذه طبيعته.
لكن بالإضافة إلى وجهة النظر الإسرائيلية، هناك حسابات أُخرى جدية يأخذها نصر الله بعين الاعتبار: إيران ولبنان. بالنسبة إلى إيران، فإن "حزب الله" لم يعد يُستخدم فقط كذراع تنفّذ أوامر من إيران. نصر الله نفسه بات جزءاً من عملية اتخاذ القرار الإيراني، وفي هذه المرحلة، فإن المصلحة الإيرانية هي جعل الأمور أصعب على إسرائيل، أن ينزف دمها من دون الوصول إلى حرب بالضرورة، ولكن هذا لا يمنع الوصول إلى الحرب أيضاً. أما فيما يخص الحسابات اللبنانية - فإن لبنان دولة في حالة انهيار مستمر، و"حزب الله" موجود منذ أعوام في مكانة غير واضحة في أوساط الجمهور اللبناني، وحتى أن هناك اتهامات له بأنه المسؤول عن الوضع المنهار في الدولة، أو على الأقل، يستند إلى إيران والأموال الخاصة بها (بالدولار)، وبينما يصارع الجميع على الكهرباء والوقود والدواء. من دون مؤسسات حُكم فاعلة، وفي الوقت الذي لا تساعد الدول العربية بسبب تدخّل "حزب الله"، فإن الطريق التي يمكن تحويل الغضب الداخلي إليها هي إسرائيل، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تصعيد. وفي حال أضفنا إلى هذا كله الوضع الداخلي الإسرائيلي في أعقاب الانقسام الاجتماعي الآخذ بالتعمق، فإننا نغدو أمام فرصة "لمرة واحدة" في الانقضاض على حيوان جريح، وحتى تغيير الواقع الحساس.

قدرات "حزب الله"
في المقابل، خلال الأعوام العشرة الأخيرة، تقدم "حزب الله" في 3 مجالات: بناء القوة، ومحاولة تفعيل قوة الرضوان، وملاءمة رؤيته القتالية مقابل إسرائيل.
بشأن بناء القوة لدى "حزب الله"، انتقل الحزب من الاستثمار في كميات الصواريخ والقذائف إلى النوعية، وفي الوقت نفسه، جمع صواريخ دقيقة خاصة به، حتى أنه وصل إلى قدرة إنتاج مستمرة. هذا بالإضافة إلى أنه عزّز قدرات وكميات المسيّرات والطائرات من دون طيار، وأنظمة دفاع جوي (بعضها صناعة إيرانية)، وقدرات في مجال صواريخ كروز البحرية، وقدرات القوات البرية الخاصة به - ليس للدفاع فقط، إنما وبالأساس قدرات المناورة والهجوم على إسرائيل. هذه هي قوة الرضوان التي يصل تعدادها إلى الآلاف من المقاتلين المدربين والمزودين بأدوات متطورة، وجزء من خطتهم هو التجهيز للعمل بشكل هجومي واقتحام إسرائيل من أجل إلحاق الضرر بجنود الجيش و"البلدات" الإسرائيلية.
هذه هي القدرات التي تم تعزيزها، وتضاف إليها القدرات القائمة والقديمة: تجميع، وإطلاق قذائف ذات مسار منخفض بمختلف أنواعها، وإلى أبعاد مختلفة، وقدرات دفاعية تتضمن صواريخ ضد الدروع، وعبوات ناسفة وغيرها. وهنا يجب التذكير بأن الجيش حرم "حزب الله" في سنة 2018 قدرة استراتيجية على اقتحام إسرائيل، وذلك بعد أن كشف وأحبط الأنفاق القتالية التي تم حفرها على مدار أعوام طويلة، واستثمروا فيها الكثير (مَن لم يرَ الحفر في الصخور الصلبة، لا يعرف حجم كراهية إسرائيل)، وكله من أجل مفاجأة الجيش. وإلى هذا كله، يجب إضافة الخبرة القتالية التي راكمها "حزب الله" خلال القتال في سورية، وهي خبرة كلفته الكثير من الضحايا، لكنها دفعت به قدماً إلى مستوى عالٍ من الكفاءة.
وماذا بشأن الرؤية القتالية؟ هنا أيضاً انتقل "حزب الله" في أوقات الطوارئ من العقيدة القتالية لاستنزاف إسرائيل، عبر القذائف ذات المسار الملتوي الواسع، وإلحاق الضرر بالبنى التحتية، والتجهيز للدفاع ضد المناورة - إلى عقيدة قتالية هجومية، لا تنعكس فقط في قوة الرضوان البرية، بل أيضاً بالدمج بالمسيّرات. ومرة أُخرى، القضية ليست محصورة بالكمية، إنما يدور الحديث حول إطلاق صواريخ دقيقة على مواقع استراتيجية في إسرائيل (بطاريات القبة الحديدية، وقواعد سلاح الجو والجيش، ومواقع البنى القومية وغيرها)، بالإضافة إلى القدرة على تركيز النار على البلدات وغيرها.
وبالإضافة إلى هذا كله، فمنذ حملة "حارس الأسوار" حدث تقدّم كبير في التنسيق والتعاون بين "حماس" و"الجهاد الإسلامي" والحزب، وهو ما يمكن أن يدفع إلى جبهة جديدة مقابل إسرائيل. حتى أنه يمكن في مثل هذه الحالة أن يتوهم جزء من العرب في إسرائيل بأنهم يستطيعون التحرك في الجبهة الداخلية ضد اليهود في إسرائيل، والمشاركة بشكل واسع وأكثر دراماتيكية مما كان في "حارس الأسوار". أما في سورية، فمنذ عدة أعوام، هناك عملية بناء لميليشيات داعمة لإيران ومسلحة (بالأساس بقذائف، وأيضاً بصواريخ دقيقة ومسيّرات)، وجاهزة للانضمام إلى المعركة، بحسب الأوامر من إيران.
إذاً، هذه كلها أمور تدفع نصر الله إلى الشعور بالثقة، وإلى الاعتقاد "بالخطأ" أن لديه القوة لتحدّي إسرائيل.

عن "مكور ريشون"