نحن و"نتنياهو" والسعودية

تنزيل (2).jpg
حجم الخط

بقلم د بكر أبو بكر

 

 

 لايبدو أن "نتنياهو" في عجلة من أمره، هذا هو الانطباع الذي خرجت به من مجمل التحليلات التي تتحدث عن فرص التطبيع "الابراهامي- الترامبي" مع السعودية، سواء من حيث توقع حدوثه قريبًا، أو تلك التحليلات التي تفترض أن المملكة العربية السعودية تتمسك بشروطها المصلحية إضافة لقضية فلسطين.
"نتنياهو" يجلس مرتاحًا كمتطرف بين مجموعة من المتطرفين الذين يوصفون بالأشد منه ما يجعل من صورته المعتدلة نسبيًا مقارنة بأولئك! ورغم أن فكرة اعتداله في ظل غابة من المتطرفين غير معقولة لاسيما وتاريخه الحافل يشهد له، الا أن هذه الفكرة قد تتسوق في ظل إمساكه حتى الآن بقبضة الحكومة ما قد يفترض تراخي أمريكي بالتعامل معه على وجه الانتخابات القادمة إن أدام إحكام سيطرته.
الاحتجاجات المجتمعية الإسرائيلية ضد الحكومة لم تتوقف بعد اعتماد الكنيست لقانون يرفض ما يسمى حجة المعقولية، لكن نتنياهو باعتباره صياد الفرص يمكنه أن يلعب هنا على إمكانية جلب بعض المزايا الاعتدالية من شركائه في مواجهة الضغوط الامريكية! وذلك بعد أن اطمئن على نفاذ القانون، ليس أقله حتى نهاية شهر سبتمبرموعد بت "المحكمة العليا" بالالتماسات ضد القانون.
"نتنياهو" غير متعجل في التعامل مع الفلسطينيين ، فالرجل المحاط بالفساد وشبكة الاحتجاجات، يجلس مرتاحًا الى يساره غلاة المتطرفين والى يمينه المتطرفون المحافظون ان جاز التعبير يعمل بتمهل شديد وبكل أريحية تمكنه من المساومات وضبط الموازين في الحكم، وفي طريقة تعامله مع الفلسطينين الموجودين كغصة في الحلق لا يجب ابتلاعها ولكنها موجودة وتؤذي.
في الضفة الغربية يعتمد الاحتلال على قوة المستعمرين وعصاباتهم التي أزاحت عن كتف الجيش الكثير من العبء في الاعتداء على الفلسطينيين، وبالمقابل فهو يوجه الضربات الساحقة ضد المقاومين العسكريين ويتجبر في اصطيادهم دون رادع حيث أسقط حدود "أوسلو" الجغرافية منذ زمن طويل، وفي قطاع غزة كفلت حقائب الأموال والتشغيل للمواطنين بالداخل أن تصمت البنادق، فلم لا يكون نتنياهو مرتاحًا من هذا الجانب ومتريثًا. ولم لا يكون متفائلًا بأن يحقق ما يريده من المملكة العربية السعودية باتفاق أو بدونه!
يقول "نتنياهو" حسب "تايمز أوف إسرائيل" أن هناك "ممرا اقتصاديا طبيعيا للطاقة والنقل والاتصالات" يمتد من آسيا عبر شبه الجزيرة العربية و"إسرائيل" إلى أوروبا" لاحظوا أنه ممر طبيعي!؟ أي لا يستطيع أحد منع تدفقه، فلا قيمة للسعودية ولا قدرة لها برأيه على منع هذا الممر الطبيعي هذا من جهة، ومن جهة أخرى وفي إطار تحقيق إرادته المهيمنة على فلسطين والمنطقة تعهد قائلا بثقة المنتصر والمهيمن: "سوف نحقق ذلك... سواء كان لدينا سلام رسمي أم لا"!
"نتنياهو" الذي لا يتعجل الأمور، والشهير بخداعه عبّر عن أنه "منفتح على تقديم مبادرات للفلسطينيين"! وفكرة المبادرات تعني بوضوح ما يسميه تسهيلات اقتصادية أو معيشية بالحقيقة لا قيمة لها في ظل حقيقة الصراع الوجودي، فهي لا تعني مطلقًا الحل السياسي المطلوب لدى الفلسطينيين ولا بأي شكل من الأشكال.
والى ذلك لمّح بخُبث واضح إلى أن السعوديين ليسوا قلقين بشكل خاص بشأن ما سيحصل عليه الفلسطينيون من اتفاق محتمل-وحسب الصحيفة أيضًا- قائلًا:"أعتقد أنه يتم طرح المسألة الفلسطينية طوال الوقت، وهي نوع من خانة الاختيار. عليك وضع علامة لتقول إنك تفعل ذلك"! أي أن بحث المسألة الفلسطينية يأتي كما نقول بالدارجة المحلية "رفع عتب" فلا جديّة لأي طرف من تحقيق شيء بشأنها ولا رغبة، وإنما كمظهر مخادع للجماهير.
بكل وضوح فرئيس الوزراء الإسرائيلي يقلّل من قيمة الاتفاق مع السعودية الى الحد الأدنى من جهة، لاحظوا الخطاب "سواء كان لدينا سلام رسمي أم لا"! فما يريده منها متحقق شاءت أم أبت أي سواء باتفاق أم بدونه فلم العجلة؟! فدع المستوطنين يقومون "بواجبهم" الإرهابي باستكمال احتلال كل الضفة وإعدام من يتمكنون من إعدامه، وما لا يستطيعونه فالجيش جاهز، والطريق مفتوح للهيمنة الواسعة في ظل الضعف السياسي العربي، والفلسطيني الشديد.
رئيس الوزراء الإسرائيلي غير معني البتة لا بدولة فلسطينية، ولا حتى بحكم ذاتي ولا غيره، ولا حتى باتفاق مع السعودية لا يحقق أهدافه "تحت الشمس" كما أوضح بجلاء، وكل ما يهمه تحقق مصالحه بالسيادة الاقليمية-القائمة برأيه ويجب أن تتوسع، إضافة الى تدمير كل الخيارات مادامت السيطرة متحققة لقواته بالشمال والجنوب، ومادام يجلس على يمينه ويساره من يبررون كل تصرفاته إضافة لعُصبة ثقيلة من المسيحية-الصهيونية في أمريكا.