صعوبة الرهان على إدارة بايدن!

ZHXQYDUEFE.jpg
حجم الخط

بقلم عماد الدين أديب

سوف يعيب التاريخ على جو بايدن وإدارته مجموعة من القرارات الكبرى الخاطئة، وأهمّها قرارات عظمى تاريخية.

على الرغم من أنّ الرجل لم يُتمّ بعد فترته الرئاسية الأولى، إلا أنّ الجدل عظيم في تقويم إنجازاته وأداء إدارته حتى الآن.

من المؤلم له ولعهده أن تُظهر آخر استطلاعات الرأي الأميركية أنّه قد حصل على أدنى نسبة رضاء عن أداء رئيس أميركي في فترة رئاسته الأولى منذ أكثر من 30 عاماً.

جردة حساب

دعونا نستعرض ما فعله بايدن.

من حيث الإنجازات:

1- أميركيّاً: يمكن اعتبار حسن تعامل إدارة بايدن مع وباء كورونا في الـ120 يوماً من رئاسته عملاً إنقاذياً للنظام الصحّي الأميركي الذي انكشف عن سوء أداء في فترة الرئيس السابق دونالد ترامب. كما أنّ شبكة التغطية الاجتماعية في الصحّة وبرنامج الضمان الصحّي وإلغاء القروض الجامعية ورصد ميزانيات لتطوير الطرق والمرافق العامّة وتعويض المودعين في البنوك التي أفلست هي أعمال تُحسب للرجل وإدارته.

2- خارجيّاً: إحياء التحالف الأمنيّ وعودة الدعم الأميركي للحلف الأطلسي واتّباع سياسة نشطة في جنوب بحر الصين والمحيط الباسيفكي هما خطوتان داعمتان للاستراتيجية الدفاعية الجديدة لواشنطن.

من حيث الأخطاء التاريخية:

1- سوء التقديرات الاستراتيجية في التعامل مع روسيا بوتين في كلّ مراحل الحرب الروسية - الأوكرانية من الألف إلى الياء.

2- دفع روسيا دفعاً من دون احتساب ردّ فعلها إلى أن تذهب مضطرّة ومرغمة إلى تسعير سلعها الاستراتيجية (نفط، غاز، قمح، أسمدة، سلاح) وكلّ معاملاتها بالروبل الروسي وبسعر تقويم يحدّده البنك المركزي الروسي بعدما تمّ فرض عقوبات خانقة على الاقتصاد الروسي، وأهمّها حرمان روسيا من بيع الغاز والنفط وإخراجها من النظام النقدي العالمي ومن استخدام نظام "السويفت" للتحويلات البنكية الصادرة والواردة.

من كان يعتقد يوماً ما أنّ موسكو سوف تبيع النفط والغاز والقمح للهند والصين ودول أخرى بالروبل الروسي؟

من كان يعتقد أنّ مجموعة دول شنغهاي سوف تقوم بتفعيل نشاطها سريعاً بالابتعاد عن منطقة "الدولار الأميركي"؟

من كان يظنّ أنّ مجموعة "دول البريكس" سوف تعجّل بتفعيل الإعلان عن عملة ونظام معاملات تجارية بعملاتها المحلّية خارج نظام المبادلة والتسعير بالدولار الأميركي (في الاجتماع هذا الشهر)؟

3- أسلوب التعامل المتأرجح المتذبذب مع السلوك الإيراني في مفاوضات الاتفاق النووي.

تارة يتمّ اللهث نحو إنجاز أيّ اتفاق بأيّ ثمن، وتارة أخرى يتمّ التوسّل لوساطة فعّالة عن طريق الدوحة أو مسقط أو بغداد أو باريس، وتارة ثالثة يتمّ التشدّد في التصريحات العلنية مع استمرار الاتصالات السرّية.

خفّفت إدارة بايدن في بدء عملها من وجودها العسكري في المنطقة بدءاً من سحب بطاريات الباتريوت والتوقّف عن التبادل المعلوماتي لصور الأقمار الصناعية، ثمّ الانسحاب المضطرب الغريب من أفغانستان وتسليم البلاد إلى حركة طالبان والتخلّي عن كلّ ما تمّ إنجازه في هذا البلد خلال 20 عاماً وبعد إنفاق 3.7 تريليونات دولار!

الآن في هذه الأيام نعيش صفقة تُسمّى بشكل مهذّب صفقة تبادل بين طهران وواشنطن تسلّم إيران بموجبها خمسة من المسجونين الأميركيين مقابل السماح لكوريا الجنوبية بالإفراج عن 6 مليارات من الدولارات كانت محجوزة بسبب العقوبات.

هذه الصفقة هي ابتزاز إيراني بامتياز على الرغم من أنّ الدستورين الأميركي والعربي السياسي يمنعان أيّ تفاوض مع خاطفين أو دفع فدية لهم.

يرى البعض من "البراغماتيين" أنّ هذه الصفقة قد تمهّد لإنجاز الاتفاق النووي.

ترى المعارضة من الحزب الجمهوري أنّ هذه الصفقة هي مكافأة غير مستحقّة للنظام الإيراني الذي سوف يستخدم هذه الأموال لتدعيم مشروعاته الشرّيرة في المنطقة على الرغم من تأكيد إدارة بايدن أنّها وضعت شروطاً صريحة بأن يتمّ استخدام هذه الأموال على مشروعات الصحّة والتعليم والغذاء والاحتياجات الأساسية للشعب الإيراني.

أخطاء بايدن هذه في التعامل مع روسيا، الصين، الحرب الأوكرانية والملفّ الإيراني أضرّت بمكانة إدارته.

ترامب يتقدّم على بايدن

تثير قضية تعامل جهات التحقيق مع مخالفات نجل الرئيس هنتر بايدن في مسائل الضرائب وملفّات أخرى شكوكاً حول تسييس وزارة العدل للملفّ في الوقت الذي يتمّ فيه التعامل مع ملفّات مخالفات الرئيس السابق ترامب بكلّ حدّة وتشدّد.

نُصح ترامب باستخدام مسألة "المظلومية" هذه والتحريض السياسي الذي يتّهم به إدارة بايدن في التنافس الرئاسي مع هذا الأخير.

أسفر هذا الأمر عن تفوّق المرشّح الرئاسي ترامب المتّهم الذي يخضع لعدّة محاكمات وتحقيقات على منافسه الرئاسي بايدن.

السؤال العظيم الذي يطرح نفسه بقوّة الآن في واشنطن هو: إذا كانت صحة بايدن الجسمانية وقدرته على التركيز وإدارة الأمور مع تقدّم عمره والاستطلاعات الأخيرة لا تعطي مؤشّرات قوية إلى احتمالات فوزه وتطرح علامات استفهام كبرى، فلماذا يمكن لروسيا أو الصين أو إيران أو أيّ لاعب أساسي في هذا العالم المضطرب أن يراهن عليه وعلى إدارته الآن؟

خلاصة القول يصعب اتّخاذ أيّ مواقف استراتيجية مع إدارة بايدن إلى حين حسم اسم الرئيس المقبل للولايات المتّحدة!

وخلاصة الخلاصة: واشنطن لاعب أساسي أمس واليوم وغداً، لكن يصعب جدّاً الرهان على إدارة بايدن.