ثمة ما هو مهم ان نعود للخلف لاطروحات وفرضيات كونداليزا رايس وما طرحته من معطيات ومقدمات لشرق اوسط جديد والتي حضرت له لسنوات وكان نتاجه ما يسمي ثورات الربيع العربي واختراق لمؤسسسات المجتمع المدني في دول متعدةة في الشرق الاوسط وخاصة تلك الدول التي اتت بمتغيرات بعد الحرب العالمية الثانية بما يسمي الثورات العربية وفي مقدمتها مصر واليمن والعراق وسوريا وليبيا وهي تلك الدول التي تعرضت لمتغيرات حادة خرجت منها مصر بسلامة اما باقي الدول فما زالت للان هي دول فاشلة تحطمت فيها مؤسسات الدولة وبالتحديد المؤسسات السيادية .
حاولت الادارة الامريكية بمختلف اداراتها الديموقراطية والجمهورية ان تشدد قبضتها علي تلك الدول وخاصة في فترة حكم الحزب الجمهوري وخاصة ادارة اوباما بادعاء ( المال واحتكار الخامات والالتزام بالتوجهات الامريكية في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا وامتداداتها مقابل الحماية من المتغير الحاد الذي حدث في ايران واسقاط نظام شاه ايران وتحول ايران الي دولة ذات منظومة اسلامية تحالفت في مراحلها الاولي لاسقاط نظام صدام حسين القومي العربي .
سقطت نظرية كونداليزرايس عندما فشلت ثورات الربيع العربي وسقوط امريكا في افغانستان وان احتلت امريكا العراق ,الا انها فشلت في تطبيق نظرية الامن الامريكي في المنطقة وباالتالي استغلت ايران( بالعمق المذهبي) ظاهرة الفراغ التي لم تستطيع امريكا ملؤها في المنطقة بعد الفوضى العارمة التي حدثت في المنطقة مما يهدد مصالح دول الخليج التي تعتمد عليها امريكا واوربا في منظومة الطاقة والامن الاقليمي ولكن ايضا لم تستطع امريكا جزر او تجميد الامتداد الايراني في المنطقة ولم تستطيع ايضا توفير حماية اقليمية لدول الخليج والمملكة العربية السعودية والامور واضحة في جنوب العراق وفي لبنان وسوريا وفلسطين المحتلة ولم تستطيع امريكا ايضا تجميد الطموح الايراني النووي والتقنيات العسكرية العالية وعالية الدقة في المجال البحرى والبرى والجوى وفي مجال الاسلحة الاستراتيجية وسلاح الجو المسير عالي الدقة وبالتالي كل المفاوضات التي تمت مع ايران من امريكا واوروبا تجاوزتها ايران في تقدم مستمر لتخصيب اليورانيوم ولذلك مؤخرا اصبحت امريكا تقر ومعها اوروبا بأن ايران قوة اقليمية لا يمكن تجاوزها في منطقة الخليج والشرق الاوسط بشكل عام ونقطة التحول في الحرب اليمنية التي مضى عليها سنوات بين الحوثيين وما يسمي الدولة العميقة اليمنية والتحالف العربي تلك الحرب التي دعمتها ايران مع الطرف الحوثي لتهدد مصادر النفط في السعودية والمصالح الخليجية بشكل عام من خلال الصواريخ بعيدة المدى والطياران المسير .
ما اسسته نظرية تطبيقات معاهدات ابراهام باختراع مؤسسات الحزب الجمهوري الامريكي برئاسة ترامب والتي اقرها الحزب الديموقراطي لبايدن مازالت الضغوط مستمرة علي المملكة العربية السعودية لتتراجع عن مبادرتها للسلام واقرار حل الدولتين وتطبيقه وكما يريد نتنياهو عند قوله تنتهي( القضية الفلسطينية )والسلام في المنطقة ويتحقق عندما تطبع دول الخليج والسعودية برمزيتها العربية والاسلامية مع اسرائيل ومازالت المحاولات مستمرة .
شروط السعودية للادارة الامريكية ان تحقق مالم تستطيع تحقيقه من قبل,فسياسة المملكة العربية السعودية بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان الشاب الفتي والمحنك والذكي والقوي الذي احدث انفتاح خارجي وداخلي في السعودية واصبحت المملكة مرتكز للتصورات السياسية والامنية في المنطقة الأن, اذن السعودية تسير في مسارين متوازيين وهي تعلم ان الادارة الامريكية في اضعف حالاتها فهي تريد تقنيات نووية وصاروخية وتطبيق مبادراتها العربية للسلام مع اسرائيل واصبحت جدة والرياض, والسعودية بشكل عام هي التوجه لكثير من المسارات الاقليمية والدولية ولكن ايضا لم تغفل السعودية عن استيعاب المتغير الحاد الذي حدث بقيادة بوتين في ارويا والحرب الاوكرانية ونظرية الاقتصاد الموازية لاقتصاد الدولار فتبلور حلف اقتصادي بعملة بديلة وعملات محلية للتبادل التجاريي بين دول متعددة كبرى كالهند وروسيا والبرازيل والصين وتسعي بعض الدول العربية (الخليجية) للالنضمام لهذا السوق فلم تعد امريكا هي القوى الحاكمة عسكريا واقتصاديا واصبحت اوروبا منهكة اقتصاديا بفعل تبنيها لنظرية الدفاع عن اوكرانيا وامتلاك الكثير من الدول التي اصبحت قادرة علي الانفكاك من النفوذ الامريكي .
ولذلك وكما اسلفنا سابقا تطور العلاقات بين ايران والمملكة العربية السعودية وقطر والامارات هي تلك البوابة للانفكاك من الغطرسة الامريكية والسلوك الامريكي المستفز واصبحت العلاقة بين السعودية وايران بالبعد الاقليمي قادرة علي حل عدة قضايا حساسة في المنطقة كاليمن وسوريا والعراق ولبنان واصبحت نظرية تبادل الرعب واستخدام مصطلح (الاعادة للعصر الحجري ) في تبادلية التهديد بين قوة حزب الله التابعة لايران واسرائيل وتعلم اسرائيل جدية التهديد الايراني بثوب حزب الله . ولكن الضربة الصاعقة التي قد تكون النصف الاخر لانهيار اوروبا وفي مقدمتها فرنسا وانتهاء حقبة السوق الاوريبية واليورو, فما يحدث في غرب افريقيا من تحول حاد ومغاير لانظمة كانت تخضع للنفوذ الامريكي والفرنسي و محاولة فرنسا قيادة حرب غير مباشرة في افريقيا من دول الاوكس المتغذية بتقنيات اوروبية للحفاظ علي مكتساباتها ,وتعتمد فرنسا علي 70 % من اليورانيوم والذهب من تلك الدول النيجر ومالي وبوركينا فاسو وغينيا . وتلك الدول التي اعلنت عن انحيازها لروسيا والصين في المتغير الحاد القادم .
اذا ما يحدث الان في منطقة الشرق الاوسط هو هذا التحول الذي ينذر بتفكك الولايات المتحدة لعدة ولايات واتفكك اوروبا وظهور امبراطوريات عسكرية واقتصادية جديدة كالصين وروسيا والهند وايران والسعودية وتركيا . ومصر .
هكذا ستتغير منطقة الشرق الاوسط وسيتغير العالم بقواه وبرغم ان هناك احتمالات كبرى لحرب نووية وحرب عالمية ثالثة وقد اقول :صدق ماركس وانجلز في نظريتهما بان (الامبريالية اعلي مراحل الرأسمالية ) وهي قمة الهرم الذي سينهار وهذا ما سيحدث في حركة التاريخ .
سميح خلف .