بشكل مفاجئ، وعلى غير عادته طوال الأشهر الأخيرة منذ عودته الى سدة الحكم، ذهب رأس التحالف الحكومي الفاشي في دولة الكيان نتنياهو الى مدينة الخليل، حيث تم تنفيذ عملية فدائية ضد الفرق الإرهابية الاستيطانية، وبجواره وزير جيشه المرتبك تحت ضربات بن غفير وسموتريتش، ليعلن أن من يقف وراء تلك العمليات هي إيران وهدد وتوعد.
كان ملفت جدا للانتباه، سرعة ذهاب رئيس وزراء حكومة الكيان الى الخليل، وهو الذي لم يكلف نفسه بإصدار بيان بعد مقتل إسرائيليين يهود وليسوا عربا، في بلدة حوارة بنابس قبلها بـ48 ساعة، وفي كل العمليات الفدائية السابقة لعملية الخليل، لم يكن هناك غضبا وتهديدا ووعيدا، كما كان يوم الاثنين، بعد عملية الخليل.
بالتأكيد، جاءت الزيارة كون القتيلة من مستوطني الخليل، التي أنجبت فرقا إرهابية هي الأخطر، وفي توقيت يهدد ممثلي الفرق الاستيطانية في تحالف الفاشية الحاكم، بفرض منطقهم بل قوتهم على الحكومة، حيث أعلن بن غفير عن توجهه لتشكيل "حرس قومي" (مشتق من الكتائب النازية)، لتصبح قوة تنفيذية خاصة (كما حدث مع حماس في غزة 2006)، مع اعلان سموتريتش بتنفيذ القانون الإسرائيلي في منطقة (ج) بالضفة وتعزيز التهويد بها وبالقدس.
ذهاب نتنياهو الى الخليل لتبيان "غضبه" لقتل مستوطنة، دون ان يغضب لمقتل يهود آخرين في مناطق أخرى من الضفة والقدس، بل وفي قلب تل أبيب، محاولة استرضاء للقوة المتحكمة في مصيره السياسي ومستقبله الشخصي، فأي لحظة غضب وخروج "الثنائي الإرهابي الاستيطاني" من التحالف تساوي انهاء حياته العامة وإرساله سريعا لتمضية بواقي ما له في سجن مجاور لعناصر المافيا والمجرمين، وهو الكابوس الذي بات يحكم قرارته.
حديث نتنياهو من الخليل حول دور إيران، يمثل رسالة مباشرة الى الولايات المتحدة ورئيسها، بأنها من يقف وراء تطور العمل الفدائي في الضفة والقدس وداخل الكيان، خاصة وأن العلاقات الأمريكية مع بلاد فارس تسير بخط مستقيم مع تعرجات ليس بخطيرة، دون أن تدفع واشنطن ثمنا لدولة الكيان، كما كانت سابقا، ولذا وبلا تفكير وجد أن العملية فرصته لاتهام، لم يجد له مؤيد في كيانه سوى بعض من تحالفه الفاشي وخاصة الفريق الاستيطاني، بل أن قادة الليكود التزموا الصمت جراء أقوال يدرك كل طفل أنها تصريحات غبية، وخارج السياق، وشراء استعداء اليهود، وليس شراء تعاطفهم كما كان في زمن سابق.
اتهام نتنياهو لبلاد الفرس بما يحدث من فعل وطني فدائي داخل أرض دولة فلسطين وفي إسرائيل وعاصمتها تل أبيب، محاولة غير ذكية أبدا، للهروب من حقيقة الغضب الشعبي الفلسطيني، ورفضا شموليا لمخططات التهويد والتقاسم الوظيفي، التي يتم "ترسيمها" مع أطراف محلية باتت مخرز لطعن الكيانية الوطنية، وأطراف خارجية تعيش وهم السيطرة التي كانت يوما، فكل متابع يدرك أن "فتح" وكتائبها هي القوة المركزية التي تنفذ عمليات الردع المسلح، الى جانب قيادتها الحركة الشعبية، وتتحالف موضوعيا مع حركة الجهاد والجبهة الشعبية في مناطق معلومة.
قيادة حركة "فتح" للعمليات المسلحة مع الفعل الشعبي، بتحالف نسبي مع الجهاد والشعبية، يمثل الصفعة الأكبر لنتنياهو وحكومته، كون ذلك يسقط كل ادعاءات الوهم بوجود أطراف فارسية أو غيرها في القوة الصاعدة، وحرف النقاش، الذي بدأ يشق طريقه داخل الكيان، بأن الوقت آن لفك "الارتباط" بأرض فلسطين المحتلة، كي لا يكون الثمن أكبر كثيرا مما يحاول الغباء السياسي تسويقه.
وربما للمرة الأولى من إنشاء دولة الكيان اغتصابا لفلسطين التاريخية تنتفض غالبية يهودية في العالم والكيان ضد حكومة إسرائيلية، تحذر من خطرها على مستقبل "دولتهم"، ليس بالإصرار على تنمية العداء والكراهية وتغذيتها مع الشعب الفلسطيني، بل هي تستعدي أيضا غالبية سكان إسرائيل بقوانين فاشية تمهد لحرب أهلية، في تطور لم يكن يوما جزء من "النقاش السياسي" داخل إسرائيل.
نتنياهو، بالحديث عن "خطر الفرس" يبحث عن "مناورة استجداء" لحرف النقاش الداخلي في إسرائيل، بتسويق "خطر خارجي" عن الحقيقة السياسية، بأنه وتحالفه بات هو "الخطر المركزي" على دولة الكيان، سلوكا وفكرا.
الانتفاض الفدائي في الضفة ليس حدثا عابرا، ولن يكون، ولكنه قد يكون للمرة الأولى له تأثير مباشر على النقاش اليهودي – اليهودي في داخل إسرائيل ومستقبل دولتهم..وذلك تطور استراتيجي في مسار الأحداث ومستقبل الصراع في المنطقة.
اتهام نتنياهو الساذج لبلاد الفرس ومنحها "شرف" ليس بها أو لها، يجب أن يكون جرس إنذار مبكر لقيادة السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، في طريقة معالجتها الخاصة، وأن تدرك ان هناك "شعرة" بين صواب معالجة فلتان تراه خطرا، وبين فعل فدائي يجب أن يكون جزء منها وتحميه بكل ما لها...غير ذلك سيكون طريق السقوط سالكا جدا.
فعل حركة تعمل على هدم الكيانية الوطنية، لنقلها من "كتف الفلسطنة" الى ما هو خارج عنها، بتعاون ليس سريا مع الفاشية اليهودية وفرقها الاستيطانية، يجب ان يتحول لقوة بيد السلطة الفلسطينية وليس ترهيبا لها...والعكس السياسي هو صحيح جدا!
ملاحظة: مش غريب أن الناطق باسم أجهزة السلطة الفلسطينية، عامل حاله مش شايف جرائم الاحتلال واعدام شباب تحت بصر كل الناس وكاميراتهم.. عيب لما يحكي عن "فلتان" ويصيبه خرس عند جرائم عدو..هو العمى وصل البصيرة الوطنية كمان...
تنويه خاص: هل من تفسير من سكوت الحكومة الفلسطينية عن "وقاحة" النرويجي وينسلاند المفترض أنه ممثل الأمم المتحدة، وهو حامل عصا الإدانة ضد أي حق فلسطيني ضد الغزاة المستعمرين اليهود..كل صمت منكم يعتبره قوة لمزيد من السفالة السياسية ضد فلسطين..بلاش المصاري تلوثكم!