أكد مشاركون مختصون بالشأن الاقتصادي، اليوم الأربعاء، أنّ المخرج من الأزمة الاقتصادية التي يمر بها قطاع غزة يكون عبر معالجة التداعيات الاقتصادية بمنظور وطني.
جاء ذلك خلال ورشة عمل جرت ضمن فعاليات حملة "لأجل فلسطين" بعنوان: الآثار الاقتصادية لاستمرار حصار قطاع غزة، سبل المواجهة، التي نظمتها دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير ومركز حيدر عبد الشافي للثقافة والتنمية في مقر المركز غرب مدينة غزة.
وتناول الباحث الاقتصادي في مركز التخطيط بمنظمة التحرير مازن العجلة آثار الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة وتأثيراته السلبية على الاقتصاد الوطني، سواء على القطاع الزراعي أو القطاع البحري، وحصار عناصر الإنتاج، حيث إن الاحتلال الإسرائيلي السبب بتأثر عملية الإنتاج سلبياً بشكل كبير.
وأوضح العجلة أنه ضمن أدوات الحصار، الاعتداءات العسكرية، وهي أحد الوسائل التي استخدمها الاحتلال لتدمير الأصول الإنتاجية وللقتل، فالعنصر البشري الذي يستشهد فهو أحد عناصر الإنتاج، مضيفاً أن من أهم الأدوات الخاصة بالحصار ما يسمى بمنع استيراد بضائع ذات استخدام مزدوج، كمواد البناء والأدوات الصحية وكلها في قائمة طويلة يمنع دخولها الاحتلال إلى غزة.
وقال العجلة: "نحن أمام منظومة كاملة من الحصار على رأسها الاحتلال، وأول ما ترتب على ذلك تدمير القطاعات الإنتاجية، التي تستخدم السلع الناتجة عن الاستيراد والتصدير والاستهلاك المحلي، إضافةً إلى البناء، قطاع الزراعة والصناعة.
وأشار إلى أن الاحتلال أفقد قطاعات إنتاجية مهمة عملها، فقطاع الإنشاءات أوقف تماماً خلال فترة إيقاف الاحتلال مواد البناء، فبدون مواد بناء لا يوجد قطاع انشاءات وترتب على ذلك إغلاق نحو 500 منشأة، وحجم الضرر الذي لحق بالأصول الإنتاجية نتيجة الحصار والتدمير المباشر اثناء الاعتداءات الإسرائيلية.
وبين العجلة أن موضوع التجارة متعلق بالمعابر والقدرة على التصدير، حيث إن التجارة وهي الاستيراد أو التصدير تأثرت خلال السبع عشرة سنة الماضية نتيجة إغلاق المعابر وعدم القدرة على التصدير والاعتماد على الواردات، منوهاً إلى مؤشر خطير في موضوع التجارة وهو الواردات.
من جهته، تحدث مدير مركز حيدر عبد الشافي للثقافة والتنمية محسن أبو رمضان عن حق الشعوب في التنمية، المكفول دولياً، موضحاً أنه في إطار الحملة التي يخوضها شعبنا لتثبيت عضوية دولة فلسطين في كافة المحافل الدولية وخاصة في الأمم المتحدة في مواجهة مقولات نتنياهو الرامية لاختزال فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة وفي مواجهة خطط السلام الاقتصادي وخطة الحسم الرامية لتصفية المحاور الرئيسية للقضية الوطنية لشعبنا.
وقال أبو رمضان: نحن في ذروة الصراع والموضوع الاقتصادي مترابط مع البعد السياسي، والجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت قرار 1803، الذي يعطي الشعوب الحق في السيطرة على الموارد والثروات، وربما وصل المجتمع الفلسطيني كل مكوناته سلطة وجامعات ونقابات ومؤسسات أهلية حوالي 45مليار دولار منذ عام 1994حتى هذه اللحظة، والسؤال هنا لماذا تستمر معدلات الفقر والبطالة في الارتفاع في الوقت الذي يوجد حالة من التمويل الدولي.
وأوضح أن الجواب المباشر على ذلك هو عدم تمكين الشعب الفلسطيني من حقه في السيطرة على الموارد والثروات والحدود والمعابر.
وأضاف أبو رمضان، نحن نتحدث عن فصل القطاع عن الضفة وعن آلية الرقابة التي تحدد "مسموحة الاستخدام" وأخرى "غير مسموحة الاستخدام"، مشيراً إلى أن هناك استيلاء في عملية التنمية بصورة عامة ناتج عن تحكم دولة الاحتلال الإسرائيلي بالمعابر والحدود، وسيطرة كاملة على منطقة "ج" بالضفة.
ونوه أبو رمضان، إلى القيود المتعددة فيما يتعلق بحرية الاستثمار لهذه الموارد الطبيعية، إضافة إلى التحكم بحرية الحركة للبضائع والأفراد والتحكم بعملية التصدير من غزة للضفة والعكس، والتحكم في الحدود، وتحويل مجتمعنا والسوق المحلي إلى استهلاكي يعتمد على استهلاك المواد الغذائية، والمواد التي تأتي من دولة الاحتلال حتى تغذي اقتصاده، وربما حوالي 5-6 مليار دولار عائد دولة الاحتلال من عملية تصدير هذه البضائع إلى أسواق الضفة الغربية وقطاع غزة.
وذكر أبو رمضان أن المعضلة الرئيسية وراء ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في قطاع غزة، هي العدوان والحصار وتداعيات الانقسام، لكن العامل الأبرز هو الحصار، حيث وصلت معدلات الفقر إلى حوالي 65%، ومعدلات البطالة حوالي 45-48% من حجم القوى العاملة، ونسبة البطالة بين صفوف الشباب هي الأعلى بالعالم وتصل إلى 63-73% حسب كل سنة من السنوات، ويعتمد حوالي 80% من المواطنين على المساعدات الغذائية التي تقدمها الأونروا، وهناك ظاهرة انعدام الأمن الغذائي التي تصل إلى حوالي 55-60%.
وقال أبو رمضان: نظرتنا لمخرج الأزمة الاقتصادية، التي يمر بها مجتمعنا هي نظرة وطنية، فيجب أن يتم معالجة التداعيات الاقتصادية لقطاع غزة بمنظور وطني عنوانه وحدة الجغرافيا، ووحدة الأرض، والوحدة القانونية، فالضفة الغربية وقطاع غزة والقدس حسب القانون دولي وحدة سياسية وجغرافية وقانونية واحدة.