تعتقد جهات رفيعة في جهاز الامن أنه يجب استغلال المحادثات بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل لتهدئة التوتر في الضفة الغربية عن طريق بادرات حسن نية، وتقديم تنازلات للفلسطينيين، خلافاً لسياسة الحكومة ورئيسها، بنيامين نتنياهو، والتي تقول بأنه يجب قطع أي علاقة بين اتفاقات التطبيع مع الدول العربية والقضية الفلسطينية. وعرضت هذه الجهات الرفيعة هذا الموقف امام اعضاء الحكومة في اطار النقاشات حول الاتفاق الآخذ في التبلور .
مع ذلك، يتوقعون في جهاز الامن أن نتنياهو سيجد صعوبة في تجنيد دعم الائتلاف لمثل هذه الخطوة. ويتوقع أن يعارض وزراء في "قوة يهودية" و"الصهيونية الدينية" وبعض وزراء "الليكود" الخطوة ايضا. وقالت الجهات الرفيعة ايضا بأنه حتى الآن لا توجد أي تفاهمات بين إسرائيل والسعودية، وأنه ضمن تشكيلة الحكومة الحالية فان التوصل الى اتفاق بين الدولتين هو سيناريو مستحيل تقريبا.
حتى الآن لم تصل الى إسرائيل طلبات واضحة من الفلسطينيين في اطار الاتفاق بين الرياض وواشنطن والقدس. ومع ذلك فانه في الاسابيع الأخيرة ارسلت السلطة الفلسطينية للسعودية قائمة بالطلبات التي تقترح عرضها على إسرائيل في اطار المحادثات، منها نقل اراض في الضفة التي توجد الآن تحت سيطرة إسرائيل الكاملة الى سيطرة جزئية للفلسطينيين، وتجميد مؤقت للبناء في المستوطنات، وافتتاح قنصلية ثابتة للسعودية لصالح العرب في شرقي القدس. ووصل وفد للسلطة الفلسطينية الى الرياض، الثلاثاء الماضي، للالتقاء مع شخصيات رفيعة في المملكة السعودية، وكان الوفد يضم الشخصيات المقربة جدا من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس: رئيس المخابرات، ماجد فرج، وأمين سر اللجنة التنفيذية في م.ت.ف، حسين الشيخ، والمستشار السياسي لمحمود عباس، مجدي الخالدي.
الولايات المتحدة هي التي طلبت الربط بين المفاوضات مع السعودية وبين تنازلات إسرائيلية للفلسطينيين. مصادر في جهاز الامن قالت إنهم في الادارة الأميركية يرون تفويت فرصة في التوقيع على اتفاقات ابراهيم التي لم يحاولوا فيها الدفع قدما بخطوات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وعلى أي حال، ايضا في واشنطن وفي السعودية يدركون أن الحكومة الإسرائيلية بالتشكيلة الحالية ستجد صعوبة كبيرة في تقديم تنازلات للفلسطينيين. وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، المسؤول ايضا عن السياسة في الضفة الغربية بكونه وزيرا في وزارة الدفاع، قال في الاسبوع الماضي إنه "لا توجد أي علاقة بين القضية الفلسطينية والسلام مع السعودية، وإن إسرائيل لن توافق على تقديم أي تنازلات لصالح الفلسطينيين في اطار الاتفاق المستقبلي".
في الوقت ذاته قالت مصادر امنية إن الولايات المتحدة والسعودية تقتربان من التوصل الى اتفاق مبدئي حول تفاصيل الاتفاق بينهما. وحسب ما يظهر فان هذه الدول لن توقع على تحالف دفاعي يلزم الولايات المتحدة بالعمل عسكريا مع السعودية اذا تمت مهاجمتها، بل على اتفاق سيتضمن فقط الالتزام باعطائها مساعدات أمنية. وبخصوص مطالبة السعودية اقامة مشروع نووي مدني على اراضيها يبدو أنهم في واشنطن على استعداد للموافقة على ذلك شريطة أن يكون الموقع خاضعا للرقابة الدولية. وفي جهاز الامن في إسرائيل عبروا عن تخوفهم من الوضع الذي ستكون فيه للسعودية قدرة على تخصيب اليورانيوم على أراضيها. على أي حال، الاتفاق، الذي سيكون انجازا للرئيس الأميركي، جو بايدن، قبل الانتخابات الأميركية الرئاسية في تشرين الثاني 2024، سيكون بحاجة الى مصادقة مجلس الشيوخ عليه، الذي سيكون مطلوباً فيه اغلبية الثلثين لاقراره. في الحزب الديمقراطي يتوقع أن يكون هناك سناتورات يرفضون تأييد الاتفاق اذا لم تكن فيه أي انجازات للفلسطينيين.
في غضون ذلك، في جهاز الأمن سموا ما نشرته وزارة الخارجية عن اتفاق بين وزير الخارجية، ايلي كوهين، ووزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنكوش، في الشهر الماضي "خللا خطيرا". مصادر رفيعة في الجهاز قالت إنه لم يتضح بعد حجم الضرر الذي تسبب به هذا النشر على العلاقات السرية لإسرائيل مع عدد من دول العالم، لا سيما الدول العربية. وحسب اقوال هذه المصادر فان تسريب موضوع اللقاء أضر بموثوقية المحافل الامنية في إسرائيل، التي تعمل مع دول لا توجد لإسرائيل علاقات علنية معها. ايضا أظهر التسريب التفهم الموجود في الولايات المتحدة وفي إسرائيل بأن القضية الفلسطينية هي مسألة ما زالت تشغل الدول العربية، وهي شرط ضروري من اجل اجراء المحادثات حول اتفاق التطبيع مع إسرائيل.
عن "هآرتس"