هناك مثل شعبي قوي وصادق وهو ان «القوي عايب والضعيف خايب» وهذا الكلام لم يفارق مخيلتي طيلة الايام الماضية، وانا اشاهد ممارسات الاحتلال وغطرسته واعتداءاته المتكررة ضد كل شيء من البشر والارض والحجر والحاضر والمستقبل ومواقفنا المؤلمة والمخجلة.
لقد قلت كما قال كثيرون غيري، ان عدد اليهود بالعالم يساوي عدد سكان القاهرة وحدها تقريبا، ومع هذا فان اليهود في اسرائيل يسيطرون عمليا على مناطق ودول كثيرة في المنطقة، ولليهود بالعالم نفوذ دولي كبير لا يوازيه نفوذ اية قوة اخرى، ولهم سيطرة على سياسات دولية كثيرة خاصة عندما يتعلق الامر بهم او بأهدافهم.
وحين اتطلع الى عالمنا العربي من المحيط الى الخليج والسكان بالملايين والامكانات والطاقات لا حدود لها، احس بالألم والحسرة لما نعانيه رغم كل ذلك، وكيف نقف عاجزين عن انجاز اقل القليل مما نحن مؤهلون لفعله ولدينا الامكانات والمؤهلات والطاقات اللامحدودة للقيام بذلك.
والتساؤل الاكبر هو كيف يمكننا القيام بذلك وما الذي يحول دون تحقيقه ولدينا ما نسميه جامعة الدول العربية وكثير من مؤسسات الوحدة الوطنية الوهمية وغير القادرة على فعل اي شيء.
وابسط الامثلة على ذلك اننا نتحدث كثيرا بكلام جميل وافكار ايجابية، ولكن التنفيذ يظل حلما بعيدا، ونظل ندور بالحلقة المفرغة من هذا الكلام الاجوف وتلك الشعارات التي فقدت كل قيمتها، ونعقد الاجتماعات ونستمع الى الخطابات الرنانة، والمطالب الجميلة وحين تنتهي هذه الاجتماعات ينتهي كل شيء ونعود الى نقطة الصفر التي نقف منذ سنوات، عند حدودها.
وحتى لو ابتعد كثيرا لا بد من القول اننا نحن الفلسطينيين نعاني من هذه العقلية كثيرا، ولا نجد اية وسيلة للتفاهم بين حماس وفتح، او بين الضفة وغزة، ونظل نردد الشعارات والخطابات ويظل الانقسام المدمر هو الحقيقة.
لقد ناشد كثيرون، القوى المسيطرة من فتح الى حماس بالعودة الى المنطق والمسؤولية الوطنية القوية واستعادة الوحدة والوقوف صفا واحدا للدفاع عن حقوقنا واستعادة حريتنا وارضنا، ولكن لا حياة لمن تنادي وتظل النداءات كالطبل عند اطرش.
والوسيلة لتحقيق هذه الوحدة بسيطة، وواضحة، وهي بالعودة الى الانتخابات النزيهة والوطنية الحقيقية ليقول الشعب كلمته ويختار من يحكمه ولمدة محدودة نعود بعدها الى الانتخابات وتتكرر الحالة كما هو المطلوب، ولكن لا حياة لمن تنادي، وسنظل ندور والهدف هو المصالح الخاصة وليس الوطنية، ونحن بالوقت نفسه نرى الاحتلال يلتهم ارضنا وحقوقنا ونكتفي في صف الكلام الفارغ بدون اية قيمة وتظل المصالح الشخصية هي سيدة الموقف لدى هؤلاء وندفع نحن وارضنا ومستقبلنا، الثمن الكبير والمدمر.