هارتس : نتنياهو يسافر إلى الولايات المتحدة رئيساً من الدرجة الثانية!

تنزيل (20).jpg
حجم الخط

بقلم: يوسي فيرتر



أغلبية المواطنين اليهود في إسرائيل سيجلسون هذا المساء (مساء أمس) حول طاولة العيد وهم قلقون ومحبطون. بعضهم متشاجرون. بنيامين نتنياهو وحكومة الفاشلة نجحوا في تيئيس الدولة حتى النخاع؛ الأغلبية الساحقة التي تعارض جريمة الانقلاب النظامي والأقلية المؤيدة والغاضبة لأنها لا تتقدم ما وعدت به. لم يتجاوز هذا الشعور بالضائقة أي بيت.
قبل 50 سنة احتفل جنود الخدمة الإلزامية وجنود الاحتياط بعيد رأس السنة، سنة 1973، مع عائلاتهم. وبعد بضعة أسابيع من ذلك قُتل الآلاف منهم في الحرب. آخرون تم أسرهم، أو أصيبوا وبقوا معاقين في أجسادهم وأرواحهم. دفعت حكومة الفشل التابعة لـ "المعراخ" الثمن النهائي فقط بعد ثلاث سنوات، في الانقلاب الذي حدث في 1977. كانت الضربة قوية جدا. فقدت حكومة الفشل التابعة لنتنياهو ثقة الجمهور بعد فترة قصيرة من ولادة الانقلاب في كانون الثاني من هذا العام. ولكن بعماها والجنون الذي سيطر عليها تواصل الركض الأحمق نحو الهاوية التي تنتظرنا.
وكأن كل ذلك لا يعنيهم. ففي نهاية العيد سيسافر رئيس الحكومة وزوجته في رحلة اخرى من رحلات الفساد التي اصبحت معروفة بعاداتهما المتعفنة. في هذه المرة يفعلان ذلك مباشرة من خشبة القفز أو من درجة رجال الاعمال. ستة ايام كاملة في الولايات المتحدة، بما في ذلك عطلة نهاية الاسبوع في احد الاجنحة الفاخرة من أجل اللقاء مع رئيس الولايات المتحدة وخطاب في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، الذي تم تبكيره بشكل متعمد الى صباح يوم الجمعة من اجل أن لا يفوت وقت بث معقول في القنوات الإسرائيلية، وعلى الطريق انهاء السبت. التكلفة هي بالملايين. وايضا بالوقاحة.
في ولاية سابقة لم يمتلكوا مثل هذه الجرأة. ولكن في هذه الولاية لا يوجد أي شيء يشبه ما كان في السابق. بعد سنة ونصف من الامتناع القصري عن سرقة خزينة الدولة عادا للانتقام وهما متعطشان لملذات المنصب ومتعة النهب. بدأ الأمر مع بداية ايام الكنيست، بالتصريح المتعلق بعدد المقرات الرسمية و"قانون الهدايا" الذي تم تجميده في الوقت الحالي.
في البيت الأبيض يختلفون حول مضمون وتأطير مقابلة الرئيس بايدن مع نتنياهو. هناك من يعتقدون أنه من المحظور عليه الالتقاء معه طالما أن الانقلاب النظامي لم يشطب من جدول الأعمال. وهناك من يعتقدون أنه يجب اجراء اللقاء، نصف لقاء ما، وأن تعطى جزرة صغيرة بعد العصي (اللفظية والاحتفالية فقط حتى الآن). ربما سيستيقظ رئيس الحكومة الإسرائيلية عندها.
تردد جو بايدن. هو في الواقع متفائل، ويرى في الآخر الخير قبل الشر. ولكن ايضا يعرف ما هو معنى الهدايا بالنسبة لنتنياهو. هي بشكل عام باتجاه واحد. سيأكل بيبي الجزرة وسيرمي الوردة في الحديقة.
استمرت الإهانة حتى نزول النسخة الى المطبعة، وفقط بعد ذلك صادق الأميركيون، ليس بشكل رسمي، على إجراء اللقاء. هذا كما يبدو ما يقصده رئيس هيئة الامن القومي، تساحي هنغبي، الذي يصرح صباح مساء بأن "العلاقات مع الولايات المتحدة هي الأفضل منذ أربعين سنة". ربما هذا صحيح، لكن الأميركيين وجدوا طريقة غريبة لإظهار هذا التقارب.
بالمناسبة، يا هنغبي، قبل نحو شهرين حدث خلاف حول مضمون المحادثة الهاتفية بين نتنياهو وبايدن. هنغبي، في عدد من المناسبات، بما في ذلك امام صاحب الجلالة، صمم على أن "الرئيس قام بدعوة رئيس الحكومة في تلك المحادثة لزيارة البيت الابيض. ليس مرة أو مرتين، بل ثلاث مرات. وليس على هامش الجمعية العمومية، بل الى واشنطن وإلى البيت الأبيض".
أمر من أمرين، إما أن هنغبي، الذي كان على الخط، يقول الحقيقة. لكن تراجع الرئيس وقرر معاقبة نتنياهو أو اهانته قليلا، ربما لأنه بعد بضعة ايام على المحادثة، تمت المصادقة على قانون الغاء ذريعة المعقولية في الكنيست بشكل احادي الجانب خلافا للوعد الذي اعطاه نتنياهو. أي أن العلاقات هي ليست "الافضل"، أو أن هنغبي لم يقل الحقيقة؛ لم يقم بايدن بدعوته بصورة صريحة الى البيت الابيض كما ادعى بعد ذلك المتحدثون بلسان البيت الابيض. وهو طاقم اكثر مصداقية من المتحدثين بلسان رئيس الحكومة الإسرائيلية. حسب روايتهم فقد اتفق على أن يكون هناك لقاء، مكانه وتوقيته سيتم تحديده فيما بعد. في اختبار النتيجة لا يوجد مناص من القول بأن الرواية الثانية هي الاكثر دقة.
في الأسبوع الماضي كان رئيس المعارضة، يائير لبيد، في واشنطن، وقد التقى شخصيات رفيعة في الادارة وفي مجلس الشيوخ. لقاءات في مستوى كهذا يمكن أن تجري فقط بمصادقة الرئيس. لم يغب هذا الأمر عن انتباه مكتب رئيس الحكومة. لقد حضر احدها مستشارو بايدن مع حقائب الأمتعة في الطريق الى الرياض عاصمة السعودية.
في حينه عندما كانوا في إسرائيل يقدمون إحاطات تقول بأن خيار البيت الابيض يوجد على الطاولة، تم التحدث عن أن اللقاء سيتم عقده في نيويورك. من ناحية الأميركيين فان ميزة هذا اللقاء، بعيدا عن الرسالة التصريحية، هي أنه ايضا قصير ومباشر. لا وقت للهراءات.
"أردنا التأكد"، قال احد رجال الرئيس لأحدهم، "من أن بيبي لا يمكنه أن يفعل معنا ما فعله في حينه مع اوباما (ايضا مع كلينتون)، والسيطرة بصورة فظة على المشهد من اجل أن يعمل جولة اعلامية في إسرائيل".
لن يكون نتنياهو الوحيد من بين زعماء العالم في الجمعية العمومية الذي سيحصل على وقت محدد مع الرئيس الأميركي. وجهه سيكفهر عندما سيرى الباب الدائري للزعماء من الدرجة ب في رواق الامم المتحدة، بدلا من الجناح الذي يحصل عليه في "بلير هاوس"، وأرائك التصوير في البيت الابيض، التي منها يعطون التصريحات المسبقة قبل اللقاء المغلق. هذا هو الموقف المحبب عليه. لقد تعود على أن هذه المكانة مقتصرة عليه.
اذا لم يكن هناك تصريح مشترك امام العدسات فان نتنياهو يجب عليه أن يشكر ذلك، لأنه سيتجنب التوبيخ العلني في وجهه وأمام كل العالم، بإشارة واضحة للأخطار المتوقعة من تدمير "القيم المشتركة". بعد الوداع سيصدر المتحدثون بلسان رئيس الحكومة بياناً مدوياً عن اللقاء ومضمونه الإيجابي، بينما سيصدر طاقم الرئيس بياناً قصيراً ومقتضباً وجافاً بدرجة معينة. بهذا المعنى فان ما سيحققه من مكاسب سيعادل ما حصل عليه من عقوبة.

مطلوب وسيط عنيد
قام الرئيس اسحق هرتسوغ بالقاء خطاب، الأربعاء الماضي، في اللطرون في لقاء للواء 14 لاحياء الذكرى الخمسين لحرب "يوم الغفران". وقد حذر مرة اخرى، وتوسل مرة اخرى، وطالب مرة اخرى بمسؤولية من القيادة السياسية، ومرة اخرى لم يقم بالاشارة الى المذنبين كما وعد بأن يفعل، ومصطلحاته التي يستخدمها اصبحت متطرفة، وازدادت الانذارات شدة وارتفعت النغمة، لكن لا توجد نتيجة. تبدو اقواله مثل احكام بدون اسماء المدانين.
تحدث لجنود اللواء المدرع عن خطة المصالحة الأخيرة وعن أنه يوجد اتفاق واسع من الطرفين، لكنه لم يخبرنا ماذا حدث بعد 17 دقيقة على النشر، الاثنين الماضي.
من أجل جنودنا سنكمل الصورة: تنصل نتنياهو، بعده بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير، اللذان سميا الوثيقة "استسلاما". في اليوم التالي أكد ياريف لفين عملية القتل في جولة مقابلات. وقبل ذلك في المعسكر الرسمي ابلغوا الرئيس بأن المبادئ مقبولة وأن هناك أساساً للحوار.
هذه العناصر المهمة غابت عن خطاب الرئيس. هو ايضا لم يخبرنا بأنه قبل يومين من النشر، همس نتنياهو نفسه في أُذنه عن دعمه للوثيقة التي صاغها رجاله. ولم يخبر رجال المدرعات بأن رئيس الحكومة أكد له بأن "لفين في الصورة". دافع هرتسوغ عن وثيقة الاستقلال، وطلب امتثالا كاملا بدون تحفظ سلطة القانون. لم يذكر اسماء الذين يهددون المحكمة العليا أو اسماء الذين يتركون مسألة الامتثال لقرار مفتوح. سنساعده ايضا في ذلك: نتنياهو، لفين، بن غفير، سموتريتش، غولدكنوفف، اوحانا ووزراء آخرون، كثيرون وسيئون.
مبادئ الوساطة النزيهة، التي القاها هرتسوغ، ربما كانت ذات صلة في بداية الطريق. انتهت صلاحيتها منذ زمن. يعرف الرئيس أنه عندما نوجه مسدسا نحو نتنياهو فان ماكينة سمه تشغل على الفور قذائف المدفعية ردا على ذلك بمساعدة النيران. هو يعتقد أنه يمكنه أن يحلق الآن فوق الوحل دون أن يتسخ. ولكن ايضا يتعين عليه أن يعرف بأن نتنياهو يعرف فقط لغة القوة. شركاؤه يجسدون هذا الفهم كل يوم. ربما لن يفكك الرئيس الائتلاف المرعب، لكنه ما زال المشرعن الوحيد له في الساحة الدولية. فهناك نتنياهو بحاجة اليه حقا.
في هذه الأثناء كل يوم يثبت مجددا الى أي درجة نتنياهو أسير ويتم التحكم به على يد رئيسي حزبي اليمين المتطرف، سموتريتش وبن غفير. إن نبأ بشأن نقل سيارات مصفحة للسلطة الفلسطينية – وهي حاجة أمنية ضرورية لإسرائيل – ادخل "شبان التلال"، الذين ارتدوا ربطات العنق الوزارية، في صدمة غضب. صدمة شملت تهديدات صريحة (لكنها فارغة) بحل الحكومة.
بعد بضع دقائق على توبيخ بن غفير لنتنياهو ومطالبته بنفي ذلك بنفسه، وقف رئيس الائتلاف اليميني المقيد وهو مذعور ومتكدر أمام الهاتف الذكي لأحد مساعديه ونفذ الامر، كجندي مخلص. لو أن رئيس "قوة يهودية" طلب منه الوقوف على قدم واحدة وأن يصرخ "كوكو ريكو" لفعل ذلك ايضا. "هذا قرار يعود للحكومة السابقة"، حاول تبرير موقفه.
غريب. في الايام الاولى للحكومة تفاخر الوزراء بالغاء فوري وصبياني لقرارات قانونية وخطط من فترة حكومة التغيير. اصلاحات التعليم، وخطط القضاء على الجريمة في المجتمع العربي، وقوانين الادوات التي تستخدم مرة واحدة والمشروبات الخفيفة والمشروبات المحلاة وغيرها. في كل ما يتعلق بالحي المعادي لم يتغير أي شيء. خرج اتفاق الغاز مع لبنان الى حيز التنفيذ في ظل حكومة اليمين. السياسة في "المناطق" وامام غزة بقيت على حالها. يبدو أنهم لم يتمكنوا بعد من فحص كل ذلك.

التمرغ على الوثيقة

سموتريتش وبن غفير وياريف لفين أيضا يمنعون نتنياهو من التقدم نحو تسوية بشأن التشريع القانوني (على فرض أنه وبحق معني بذلك). الى جانب الأضرار الضخمة للدولة فانه يدفع ثمنا سياسيا باهظا في حزبه وفي قائمته. في الاستطلاع الذي نشر، هذا الأسبوع، (راديو 103) سئل هل على الحكومة أن تحترم أي قرار للمحكمة العليا؟ في اوساط الجمهور العام 63 في المئة اجابوا بالايجاب، 37 في المئة بالنفي. مصوتو "الليكود" يختلفون في الوسط: 35 في المئة قالوا إنه يجب احترامها و38 في المئة قالوا لا، الباقون لا يعرفون.
طالما أن رئيس "الليكود" لم ينجح في توحيد الاغلبية المطلقة للمصوتين خلفه فانه لا توجد له فرصة. هو لا يستطيع أن يفوز في الانتخابات. يجب عليه "انهاء الحدث" كما يتوسل اليه آريه درعي ويوآف غالنت، والتفرغ لمواضيع اجماعية: الامن، الجيش، الاقتصاد والسعودية. كل ما لا يمزق جمهور ناخبيه ويمزق الشعب الى اشلاء.
تخسر حكومة اليمين في الرأي العام في كل معركة، وحول كل موضوع. خط لفين هو الأخطر بالنسبة لها، مثلما يعتبر الأوكسجين للمعارضة. هي والاحتجاج أيضا حصلوا، هذا الأسبوع/ على هدية العيد من المحامي إيلان بومباخ، الذي مثل الحكومة في المحكمة العليا. مقولته المدوية حول وثيقة الاستقلال ("وثيقة كتبت بشكل مستعجل... من قبل 37 أشاخص لم يتم انتخابهم")، ترمز للعفن الذي تفشى في حكومة نتنياهو. كان يمكن التعبير بصورة محترمة والقول إن الوثيقة هي وثيقة غير ملزمة قانونيا؛ وكان يمكن وصفها كنوع من الخربشة المكتوبة عشية يوم السبت. اختار بومباخ الخيار الثاني واضطر الى أن يشرح.
في مجمل الاسئلة في تلك الجلسة تلعثم في اقواله ولم يجد الإجابات، وقدم اعتذارا غريبا عن الإعداد القصير.
عار بومباخ لا يعادله سوى الأداء الذي لا ينسى في المكان ذاته لعضو الكنيست، سمحا روتمان. جاء هذا الشخص كي يهين ويتغطرس ويظهر تفوقه اليهودي على النخبة الاوليغاركية. وكلما زادت غطرسته انكشف خواؤه.

عن "هآرتس"