نشهد مؤخراً تعاظماً في هجمات سياسيين وشخصيات عامة على قادة جهاز الأمن، بينما لا يفعل قادة الائتلاف، ورئيس الوزراء على رأسهم، ما يكفي لإيقافهم بل يكتفون بتنديدات هزيلة بأقصى الأحوال.
ترتبط الهجمات بأحداث عملياتية لا يعمل فيها رجال جهاز الأمن، زعماً، وفقاً لسياسة الحكومة. وثمة نماذج مثل: اتهام قائد المنطقة الوسطى بإعطاء إسناد للمخربين؛ اتهام الضابطية العليا في الجيش بأنها تمثل حكماً خفياً لليسار؛ اتهام رئيس “الشاباك” بأنه يلاحق سياسيين أو يقيد حركتهم؛ إسناد لأفراد الشرطة أو للجنود الذين يحقق معهم للاشتباه بأنهم عملوا ضد الأوامر. يدور الحديث عن حالات متطرفة يحاول فيها منتخبو الجمهور تحريض جهاز الأمن على استخدام قوة غير معقولة – تتجاوز الأنماط المعتادة والأنظمة المتبعة والاستقامة المهنية.
يخيل أحياناً أن جوهر الهجمات على قادة جهاز الأمن يستهدف تشجيعاً للمستويات التابعة لهم بالعمل بخلاف الأوامر والأنظمة في أجهزتهم. بمعنى، أنه في الوقت الذي تهاجم فيه محافل متطرفة المسؤولين الكبار على أنهم يتحركون بمصالح سياسية ويتآمرون على الحكومة، فإنها عملياً تتوجه إلى العاملين في الأجهزة وتحاول تشجيع أولئك الذين يؤيدونها ظاهراً من ناحية سياسية على العمل من خارج حدود الانضباط الداخلي في الأجهزة.
غير أن التشجيع على استخدام القوة المبالغ فيها وفقاً لاحتياجات الحكومة ليس السبب الوحيد للتهجمات على قادة جهاز الأمن؛ فنحن نقترب من موعد سيتعين فيه على قادة الأجهزة أن يحسموا كيف سيعملون إذا ما وقعت الأزمة الدستورية بكامل قوتها. قريباً، سنعرف كيف ستقرر محكمة العدل العليا في ثلاث مسائل صادمة: رفض وزير العدل عقد لجنة انتخاب القضاة، وقانونية إلغاء علة المعقولية، وصلاحيات الإعلان عن عجز رئيس الوزراء. إذا ما قضت محكمة العدل العليا ضد الحكومة أو الكنيست، سيتعين على رئيس الوزراء أن يقرر إذا كان سيوجه نحو إطاعة المحكمة أو يسمح بتنفيذ الأصوات الداعية إلى الصدام بين السلطات.
واضح لي أن هناك من يفكرون بأنه إذا ما تدخلت المحكمة فستكون هي التي تتحمل المسؤولية عن الأزمة الدستورية. لكن من ناحية قواعد المنظومة الإسرائيلية وأنماط السلوك والسوابق، يبدو الواقع مختلفاً؛ فلمحكمة العدل العليا صلاحيات للبحث في إجراءات التشريع والتحذير حين يكون صدام جوهري بين القوانين. الادعاء بأنه محظور عليها البحث في قوانين أساس هو ادعاء ضعيف جداً في ضوء إقرار الكنيست تعديلات شخصية في جوهرها على قوانين أساس دون إجماع واسع تحت نقد جماهيري غير مسبوق، وتتوقع الآن الحماية من النقد القضائي. مهما يكن من أمر، فإن الصدام بين السلطات سيتطلب من قادة جهاز الأمن أن يقرروا إذا كانوا سيطيعون رئيس الوزراء والوزراء حين يرفض هؤلاء بشكل غير مسبوق طاعة قرار المحكمة.
لم يسبق أن شهدنا حدثاً لم تجد فيه السلطات الثلاث سبيلاً لتسوية الخلافات بينها دون تحطيم الأدوات. في الماضي، كان ثمة فهم بأن سلطة أخرى عليها أن تطأطئ الرأس أمام النظام الديمقراطي. نحن نقترب من نقطة كفيلة فيهه الا تفعل السلطات ذلك. لأن السبب هو محاولة تغيير النظام القائم من طرف واحد. ودون توافقات واسعة فالحكومة هي الملزمة بالتوقف. رئيس الوزراء يتحمل مسؤولية عليا عن كل أزمة، وعليه العمل على حلها دون الانزلاق إلى العنف.
محافل متطرفة في الائتلاف تحاول ردع قادة جهاز الأمن عن اتخاذ الموقف الواضح المتمثل بإطاعة المحكمة. والأخطر، أنهم يحاولون خلق أجواء تشعر فيها المستويات التابعة لقادة الأجهزة بشرعية العمل ضد الأوامر، وكسر الصفوف والتمرد على القادة. هذه رسالة خطيرة ويجدر التوقع من قادة الائتلاف ومن رئيس الوزراء أن يوقفوا هذا بإعطاء إسناد كامل لقادة الأجهزة بشكل فاعل وجارف.
بطاقة الزيارة لقادة الأجهزة هي الرسمية. معظم الشعب يشد على أيديهم ويؤمن بأهمية المهنية غير المنحازة التي يقفون على رأسها. كونوا أقوياء في وجه المياه العاصفة التي أمامكم وواصلوا في قيادة مرؤوسيكم بجسارة وبحكمة.
يديعوت أحرونوت