صعوبات كبيرة تعترض مباحثات إدارة بايدن مع السعودية حول التطبيع

P5VlX.jpg
حجم الخط

بقلم دهاني العقاد

 

تبذل إدارة بادين منذ فترة ما يقارب العامين حتى الان جهودا كبيرة للتوصل الابرام اتفاق بوساطتها بين السعودية وإسرائيل يقضي بإقامة علاقات تطبيع تهيئ لعقد اتفاقات اقتصادية وتكنولوجية وعسكرية وامنية الا ان هذه الجهود برغم كثافتها واستمراريتها لم تصل للمستوى الذي يمكن ان يفتح فيه بات غرفة توقيع الاتفاق حتى لو على مسودة تكون اطارا ما لاتفاق قادم مع ان الخطوط العريضة للاتفاق وضعت اكثر من مرة وكانت هذه الخطوط تتغير مع كل جولة مباحثات في محاولة لتحقيق اختراق ما يمكن إدارة بايدن من الاعلان عن الاتفاق وتوقيعه . لم تدخر ادارة بايدن جهدا الا وبذلته في هذا الموضوع الا ان جل مباحثاتها تتركز مع الجانب السعودي وكأنها تعمل بالوكالة لصالح إسرائيل وحكومة نتنياهو. لعل ما يهم إدارة بايدن ان تحقق هذا الاتفاق وتخرجه للعلن قبل مارس القادم أي قبل انتخابات الرئاسة الامريكية كصفقة تشتري بها أصوات اليهود الامريكان لصالح الحزب الديموقراطي وبالتالي يحظى بايدن بولاية حكم ثانية.

الصعوبات التي تعترض الجهد الأمريكي ليست سببها السعودية بل إسرائيل بالدرجة الاولى التي تريد اتفاق تطبيع مجاني وبدون ثمن سياسي تدفعه لأنهاء الصراع وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة العربية والقائم على أساس إعطاء الفلسطينيين حقوقهم عبر اعتراف دولة الاحتلال بحق تقرير المصير للفلسطينيين وبالتالي انهاء الاحتلال الغاشم وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. (انتوني بلينكن )وزير الخارجية الأمريكي خرج مؤخرا بتصريح هام وتحدث فيه عن إمكانية تطبيع العلاقات بين العربية السعودية وإسرائيل في المستقبل وجاء حديثة خلال المؤتمر الصحفي مع نظيرته الألمانية ( انالينا بيربوك) وقال " على الرغم من انني ارى ان التطبيع ممكن الا ان هذا الامر في كل الاحول غير مضمون" . اليوم نقلت صحيفة ايلاف السعودية ان الادارة الامريكية أبلغت اسرائيل بوقف السعودية مباحثات التوصل لاتفاق تطبيع بوساطة أمريكية بسبب تمسك نتنياهو بموقف اليمين وعدم قبوله بتقديم أي تنازل سياسي للفلسطينيين والتزام نتنياهو بمطالب اليمن المتطرف (بن غفير وسموترتش) وهذا ما نسف أي إمكانية للتقارب مع الفلسطينيين وبالتالي السعوديين.

كل هذا جاء عشية انتهاء جولة مباحثات أمريكية سعودية مع وفد فلسطيني كان قد زار الرياض برئاسة السيد (حسين الشيخ ) امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والذي اجرى مباحثات منفردة مع وفد امريكي برئاسة مبعوث إدارة بايدن لشؤون الشرق الأوسط (بيرت مكفورك) و(باربارا ليف) مساعد وزير الخارجية (انتوني بلينكن ) في المنطقة ومباحثات اخرى مع وفد رفيع من العربية السعودية ، انتهت المباحثات دون أي تصريح للأعلام ولا حتى كلمة واحدة فيما يبدو ان الفلسطينيين والسعوديين اتفقوا على ذات النقاط بان لا اتفاق تطبيع الا بعد تطبيق مبادرة السلام العربية بكافة بنودها دون تغيير واعلان إسرائيل بقبول مبدا حل الدولتين . الحقيقة ان العربية السعودية هي التي متنت الموقف الفلسطيني وجعلت الموقف الفلسطيني اقوى في هذا الموضوع فقد تركت الكرة في ملعب الفلسطينيين عندما عبرت السعودية عن رؤيتها في هذا الموضوع بان تقف الى جنب الحقوق الفلسطينية كاملة وغير منقوصة , عندما تتصرف السعودية بهذا التصرف فأنها تتصرف كدولة مركزية تقود العالم الإسلامي يعنيها بان لا تهتز مكانتها العربية والإسلامية لذا فهي تصر على موقفها الثابت تجاه المسالة الفلسطينية بان لا اتفاق تطبيع مجاني دون ان تعترف دولة الاحتلال بحقوق الشعب الفلسطيني كاملة ودون ان تنفذ إسرائيل مبادرة السلام العربية واعتقد ان عودة مباحثات التطبيع مع واشنطن لن يكون الا بعد استعداد إسرائيلي بتقديم تنازلات تقنع السعودية .

إدارة باين لا تريد ان تضغط على حكومة نتنياهو في موضوع حل الصراع على أساس مبدا حل الدولتين ومبادرة السلام العربية لان من اهم شروط ائتلاف نتنياهو وتماسكه عدم القبول بدولة فلسطينية في الضفة والقدس او انهاء او وقف للاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية بل العكس فان تسريع الاستيطان وتكريس الضم هو احد اهم بنود الاتفاق بين نتنياهو والكتل الدينية التي تشكل حكومة نتنياهو. هذا الأسبوع اعلن مستشار الامن القومي الأمريكي (جيك سولفيان) ان الرئيس بايدن سيلتقي نتنياهو في البيت الابيض في اول لقاء يجمع الرجلين , وهنا أقول ان هذه مناسبة يستطيع فيها بايدن عن قرب ان يفتح ملف التنازلات للفلسطينيين ان كان هذا الملف ذات اهتمام امريكي لكن اشك في ذلك وقد يتركز البحث على الموضوع الإيراني كما يرغب نتنياهو وكذلك الحرب على الإرهاب. قد يذهب نتنياهو لحرف الاهتمام الامريكي عن المسالة الهامة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط ويركز على التهديدات الإيرانية ومخاوف اسرائيل بعد طرد ايران مفتشي وكالة الطاقة الذرية وابعادهم عن الأراضي الإيرانية وهو ما يزعج أمريكا وإسرائيل على حد سواء , وهنا قد ينجح نتنياهو في تخفيض الوقت المتاح لبحث تنازلات ما للفلسطينيين مقابل التطبيع وكذلك ملف الإصلاحات القضائية في إسرائيل التي من شانها ان تصادر الديموقراطية التي هي أساس الشراكة بين البلدين.

صعوبات كبيرة تواجه إدارة بايدن وخاصة بعد اعلان السعودية وقف المباحثات حول هذا الموضوع ما يعني ان الديموقراطيين قد يخسروا الانتخابات الرئاسية بسبب سياسة اسرائيل وأسلوب تعاملها مع الصراع ورفضها تقديم تنازلات لتحقيق السلام مع الفلسطينيين وبسبب اتفاقات نتنياهو مع (بن غفير و سموترتش ),وعلى ما يبدو ان جهود كل من وزير الخارجية الأمريكي بلينكن ومستشار الامن القومي (جيك سولفيان) تواجه حائط صد كبير يصعب تجاوزه على اتجاهين الأول مع الموقف السعودي الثابت والذي لا يكترث كثيرا بعلاقة التطبيع التي تحاول ان تتوصل اليها إدارة بايدن بسبب ان المملكة في سياستها الجديدة فتحت الباب على مصرعيه لعلاقات اقتصادية وامنية وسياسية وعسكرية ونفطية مع الصين وروسيا. الاتجاه الثاني بفشل رجال الإدارة الامريكية بإقناع نتنياهو بالموافقة على تنازلات للفلسطينيين تمهد لاختراق ما في مسالة التطبيع بل العكس فان (انتوني بلينكن) قال ان الفلسطينيين يرفعوا من مستوى طموحهم السياسي بسبب الدعم السعودي وعدم تنازلهم عن تحقيق بنود مبادرة السلام العربية.