فشل استراتيجي لمشروع المستعمرة

image_processing20220613-527191-7cesgm.jpg
حجم الخط

بقلم حمادة فراعنة

مهما  فعلت المستعمرة، وزادت من قوتها وشراستها ضد الشعب الفلسطيني، وحاولت مراراً في برنامجها وأولوياتها تشريد الفلسطينيين خارج وطنهم كما سبق وفعلت عام النكبة 48، وعام النكسة 67، باحتلال الجزء الأكبر من خارطة فلسطين أولاً، واستكمال مسعاها لاحتلال كامل خارطة فلسطين ثانياً.


الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يقوم على مفردتين: 1- الأرض، 2- البشر، تمكنت من احتلال كامل خارطة فلسطين، ولكنها فشلت استراتيجياً في طرد وتشريد ونزع كل الفلسطينيين وتهجيرهم خارج وطنهم.


فشلت المستعمرة في طرد كل الفلسطينيين، مثلما فشلت في تدجينهم ورضوخهم وقبولهم للأمر الواقع وتسليمهم لبرنامج الصهيونية، والتكيف معه.


في مناطق 48 بقي حوالي 150 ألف فلسطيني، تحولوا إلى كتلة بشرية تتجاوز المليون ونصف المليون، يُشكلون خُمس السكان.


تعالوا ندقق بهويتهم الوطنية الفلسطينية: تتقوى ولا تضعف، وندقق بقوميتهم العربية: تسود ولا تتراجع، بإسلامهم ومسيحيتهم ودرزيتهم: ثابتة وتتعمق، وهي مظاهر دالة على فشل تدجين الفلسطينيين بعد 75 سنة على عام النكبة 1948، وفشل أسرلتهم وعبرنتهم وتهويدهم وصهينتهم.


النتيجة أوضح وأعمق لدى فلسطينيي مناطق الاحتلال الثانية عام 1967، فهم يتحملون عبأ المواجهة ضد قوات الاحتلال والمستوطنين.


لا التهجير وجعل الأرض الفلسطينية طاردة لأهلها وشعبها وسكانها، ولا التدجين والأسرلة فلحوا في تحقيقها في مواجهة صمود الفلسطينيين وبسالتهم ووعيهم.


برنامج المستعمرة في التعامل العدواني المقيت ضد فلسطينيي مناطق 48 يقوم على ظاهرتين:
الأولى تمزيق التحالفات الفلسطينية، بين الكتل والأحزاب، ليبقوا ضعافاً ممزقين يفتقدون إلى الوحدة والتناغم، ومواجهة العنصرية غير موحدين متراصين، كما هو حاصل بين القائمة البرلمانية المشتركة، وبين القائمة البرلمانية الموحدة.


والثانية انتشار الجريمة وعدم التصدي لها، وجعلها عنواناً يومياً حصيلته القتل والتصفيات، وخلق العداوات بين العائلات وعلوها، وتشتيت الأولويات، بدلاً من التنظيم والإدارة والتحالفات وخوض المعارك الانتخابية بروح التعاون والقواسم المشتركة، نحو خوضها بعدوانية وثأرية وتفرد، بهدف واضح إضعاف مكانة المجتمع العربي الفلسطيني في مواجهة سياسات المستعمرة العنصرية.


لا توجد حدود أخلاقية وقيم إنسانية لدى مؤسسات المستعمرة وأدواتها، فهي تفعل ما تمليه عليها مصلحتها وبقاء احتلالها، وتوسعه، عبر بناء المزيد من المستوطنات وتمزيق أرض الفلسطينيين، ومع ذلك لن تُفلح المستعمرة في بقاء مستعمرتها ومنع هزيمتها، فالاحتلال والظلم والعنصرية إلى زوال مهما طغى وتجبر، فلدى الفلسطينيين ما يستطيعون فعله، كما حصل في الانتفاضة الأولى عام 1987، وكما حصل في الانتفاضة الثانية عام 2000.