جدد وزير المالية شكري بشارة مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على "إسرائيل" لوقف الاقتطاعات الجائرة من عائدات الضرائب الفلسطينية (المقاصة)، وإعادة كافة الحقوق المالية وتسوية الملفات العالقة على أرضية القانون الدولي، وإجراء تعديلات رئيسية في اتفاق باريس الاقتصادي.
جاء ذلك في كلمة ألقاها بشارة في اجتماع للجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة الذي عقد في نيويورك، اليوم الأربعاء، على هامش اجتماعات الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وخلال الاجتماع، طالب بشارة بإعادة مستويات دعم الموازنة العامة الفلسطينية إلى ما قبل عام 2016، والتي تبلغ حوالي 600 مليون دولار سنويًا، والتي كانت حينها تغطي حوالي 25% من النفقات والالتزامات المالية، تراجعت لتغطي حاليا 1.8% فقط من إجمالي النفقات.
وقال وزير المالية: "إنّ الانخفاض الحاد في مساعدات الدول المانحة رافقه مضاعفة الاقتطاعات الإسرائيلية لأموال المقاصة والتي بلغت 30 مليون دولار أميركي شهريًا في الفترة الواقعة بين كانون الثاني/ يناير حتى تموز/ يوليو 2023، أي بزيادة قدرها 15 مليون دولار عن المبالغ الشهرية السابقة، حيث تجاوز إجمالي المبالغ المالية التي استنزفتها إسرائيل من الموازنة العامة 800 مليون دولار منذ 2019.
وأكد بشارة، على أنّ انحسار الدعم الخارجي للموازنة العامة فاقم من الأزمة المالية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية، وأثر سلبا على امكانية دفع رواتب كاملة لموظفيها ما أدى إلى ارتفاع مستحقاتهم لدى الحكومة، كما ساهم في انحسار قدرتها على الايفاء بكافة التزاماتها فيما يتعلق بالمشاريع التطويرية والتنموية علاوة على تدهور الاقتصاد الفلسطيني وتأثره بالأوضاع السياسية العامة.
واوضح بشارة أنّ عام 2023 شكل تحديًا كبيرًا للسلطة الوطنية الفلسطينية، بسبب الاقتحامات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية وما رافقها من إغلاقات للمدن ما ألحق خسائر فادحة للاقتصاد الفلسطيني.
وجراء ممارسات إسرائيل، توقع وزير المالية تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي بأكمله إلى 2.7%، انخفاضًا عن معدل العام 3.9% العام الماضي.
وقال: "كل المعطيات السابقة فرضت على السلطة الفلسطينية اعتماد موازنة الطوارئ على أساس التقنين النقدي للتقليل من تداعيات الأزمة المالية".
واستعرض بشارة، خلال الاجتماع، جهود السلطة الفلسطينية لسد عجز المالية العامة، مبيناً أنّ الإيرادات نمت بنسبة 11% حتى شهر آب من العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ويأتي ذلك بعد زيادة بنسبة 14% في 2022/21، وزيادة بنسبة 24% في 2021/20 على التوالي.
وتابع: تماشيًا مع سياستنا الدائمة للحد من عجز الموازنة، نتوقع أن ينتهي العجز المالي لعام 2023 إلى ما دون مستوى العام الماضي، أي من 610 ملايين دولار إلى 450 مليون دولار، ما يترجم تخفيضا بنسبة 25%، ولولا الاقتطاعات النقدية الإسرائيلية، لكان عجزنا في نهاية العام قد بلغ 150-200 مليون دولار فقط".
وأكمل: "رغم أن عجز الموازنة أقل من 3% من الناتج المحلي الإجمالي، ويقع في المستويات الأمثل، إلا أنه يجب تجنبه في الحالة الفلسطينية، بسبب انعدام وجود بنك مركزي وعملة وطنية، وتعرض القطاع المصرفي لمخاطر تشغيلية وائتمانية، متأصلة في وجود الاحتلال الإسرائيلي".
ورغم ذلك، لفت بشارة إلى أنّ الحكومة الفلسطينية استطاعت أن توازن بين دفع أجور موظفي القطاع العام بأكمله والاحتفاظ بجزء من السيولة النقدية لسداد ديون القطاع الخاص.
وفيما يتعلق باتفاق باريس الاقتصادي، قال بشارة: "إنّ الاتفاق تحول لأداة للقهر والسيطرة على 65% من عائداتنا وبقاء الاقتصاد الفلسطيني رهينة القرار الإسرائيلي، الذي يتحكم كقوة احتلال سياسية ومالية".
وحذر من أن الممارسات الاقتصادية الإسرائيلية تفاقم الأزمة المالية للسلطة، من بينها استمرار الخصميات، حيث أن وقف الاقتطاعات النقدية سيؤدي إلى نمو في الإيرادات يزيد عن 200 مليون دولار سنويا.
وقال: في حال موافقة إسرائيل على نقل سلطة الجمارك إلينا ومنحنا الموافقة على إنشاء شبكة من المستودعات الجمركية، فإن الزيادة المتوقعة في الإيرادات الجمركية لن تقل عن 300 مليون دولار سنويا.
ونوه إلى أن تحويل حصتنا من رسوم المعابر وكافة المستحقات السابقة في هذا المجال، فإن الإيرادات الفلسطينية ستعزز هذا العام بحوالي 200 مليون دولار، بما لا يقل عن 20 مليون دولار سنويا.
وذكر أنه في حال نقل السيادة في المنطقة المصنفة "ج" للسلطة الوطنية، وممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه في البناء والتشغيل فيها، فإن المنفعة الاقتصادية التي ستتولد ستحدث تحولا في الاقتصاد الفلسطيني، حيث تشكل هذه الأراضي حوالي ثلثي مساحة الضفة الغربية.