قراءة في محادثات الدوحة

10922677_1417073848588606_511423225531601795_n
حجم الخط

جولة جديدة شهدتها المباحثات الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس في الدوحة ،وهذه المباحثات جاءت بعد حوارات غير رسمية ُأُجريت الشهر الماضي في إسطنبول بمشاركة عدداً من قيادات الحركتين . وتمخض عن ذلك ورقة مشتركة أتفقا الطرفين علي تشكيل حكومة وفاق وطني ،وتكون مهمة هذه الحكومة التحضير لأنتخابات عامة تشريعية ورئاسية ومشاركة حماس في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، فيما غابت النقاط التي هي موضع الخلاف بين الطرفين .
وبعد يومين من الأجتماعات في الدوحة لم يخلص شئ ولم يتم الأعلان عن تفاصيل ما يجري حيث أشارت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" أُن المحادثات التي جرت في الدوحة بين وفد حركة فتح وحماس ، توصلت إلي تصور عملي محدد لذلك . يزكر أن ما يدور في الدوحة هي مباحثات لتطبيق ما تم الأتفاق عليه في الأتفاقيات التي ُأُجريت بين الطرفين .
وتأتي هذه المباحثات بعد التراجع في مستوي الأهتمام والمساندة للقضية الفلسطينية أضافة لظهور أزمات جديدة في المنطقة ،ولاسيما أن هناك تشكيل جديد للشرق الأوسط وأن هذا التغيير في "النسق الأقليمي" بحاجة لأستغلاله بشكل مناسب لأنهاء هذا الأنقسام الفلسطيني الداخلي .
وهذا يتطلب علي الصعيد الداخلي ؛ دعم فلسطيني شامل لجهود تحقيق المصالحة من خلال مسيرات وفعاليات ،كذلك أقامة ندوات ومؤتمرات تمهيدية تستهدف تهيئة القاعدة الجماهيرية للمشاركة في الأنتخابات كذلك نبذ العنف والكراهية والأنقسام ،والعمل علي معالجة المشاكل المجتمعية بمساعدة المؤسسات الأهلية الفاعلة علي الأرض ، كذلك تبني النخب برامج توافقية تحمل فكر أندماجي مع التحلي بالمرونة ، والأحساس بويلات سنوات الأنقسام الفلسطيني المدمرة لكل شئ .
أما علي الصعيد الخارجي ؛ من المهم أثناء هذا الحراك الدبلوماسي وفي هذه الأوقات الأقليمية المتغيرة ، التحرك بحذر وأختيار الوقت المناسب ، وبلا أدني شك جمهورية مصر العربية تعد الثقل والركيزة التي يقوم عليها أي أتفاق يتعلق تحديداً بقطاع غزة ،وتسعي إسرائيل لأستفزاز الطرف المصري من خلال تصريحات غير رسمية عن مباحثات مع تركيا ولعل أخرها ما صرح به يعلون علي صحيفة هآرتس العبرية "بأنه يتطلب علي إسرائيل بأدراج أسماء الجنود المفقودين في أي أتفاق تركي إسرائيلي بخصوص قطاع غزة" وبالتالي ما يتعلق بالشأن المصري بما يخص المصالحة تحيطة الضبابية لاسيما وأن القيادة في حرب مع الأخوان المسلمين والنظرة لقطاع غزة علي أنها جزء من هذه الحرب ، وهذا لا ينفي أهمية وحب المصريين للقضية الفلسطينية .
وتمثل كل من السعودية وقطر وتركيا أدواراً مهمة وضاغطة علي الأطراف وراعية لملفات تمثل أزمة في المحادثات مثل تغطية نفقات تفريغات 2005 ونفقات موظفين حماس ،كذلك ملف الأعمار وغيرها .
أما علي صعيد الدائرة الدولية ، تمثل هذه المباحثات ظهور قوة جديدة قد تكون بديلة لأمريكا في رعاية المفاوضات الفلسطينية _الإسرائيلية في وقت لاحق . ويتمثل هذا التواجد الروسي الجديد في قضايا الشرق الأوسط عقد الآمال بأن يكون هناك راعي عادل لهذه المفاوضات في المستقبل القريب . وبالنسبة لموقف روسيا من المصالحة فهي ترتبط بعلاقات متشابكة وتسعي ألي ترتيبها بما يتعاطي مع مصالحها في المنطقة . وبالتالي هذا العائد الجديد غير مهتم بما ستئول إلية المصالحة بقدر ما ينظر إلي موطئ قدم له ،وتعزيز علاقاته مع الدول والقوي  الإستراتيجية.
ختاماً ، التصور العملي الذي يجري الحديث عنه لن يكون طوق النجاة والخلاص وأنما هذا التصور بمثابة أطار زمني لدخول جولات أكثر تفصيلية بحضور باقي الفصائل . وأري بعين القلق أن عدم وجود رؤية واضحة لملامح التصورات التي توصلت إليها الفصائل وعدم التفويض في هذه المحادثات تستدعي التشائم والقلق ،ولاسيما أن التجارب السابقة لا توفر عوامل لتفاؤل وتحتاج لمزيد من الوقت علي طاولة البحث .