صارت الكتابة في السياسة والتطورات واستنتاج الاحتمالات والتوقعات قضية مكررة وروتينية بامتياز وهي في الغالب صارت امرا لا يهتم به احد واعتقد ان احدا لا يقرأه ولا سيما ان وسائل الاعلام المختلفة كالتلفزيون والاعلام الاجتماعي بصورة عامة لم تترك شيئا للكتابة.
والحديث عن مشاكل المواطنين الحقيقية واليومية ومتابعة ما يعانونه وما يطالبون به ويتمنون تحقيقه، صار القضية الاولى والاخيرة. الا ان المشكلة الكبيرة في هذا السياق، ان من يعنيهم الامر مما تم الكتابة عنه، لهم آذان لا تسمع وقدرة كبيرة لا حدود لها، على «الغطرسة» او التجاهل المقصود. وتحولت الكتابة الى قضية شخصية يحاول الكاتب من خلالها التعبير عن نفسه وعما يفكر به سواء استجاب المعنيون او ظلوا نائمين نوم اهل الكهف، وانا لا اتردد في القول اني واحد من هؤلاء.
وابرز ما يجول في خاطري ما اراه او اسمع عنه من خلال معاناة المواطنين، هذا الصمت المطبق من المسؤولين عموما عما يطالب او يفكر به هؤلاء الذين تحكمهم «قيادات» تمتاز بقدرتها على تكرار الكلام والعنترة في المناسبات والقاء الخطابات الرنانة.
نحن المواطنين، نرى جرائم الاحتلال بكل ممارساته ضد البشر والشجر والحاضر والمستقبل، ونسمع كلمات الرفض والادانة التي نسمعها منذ ما قبل العام 1948 اي قبل قيام اسرائيل رسميا، ونظل ندور في دائرة الكلمات وهم يدورون في سلب الارض والتوسع والغطرسة والكبرياء والتجاهل التام لكل ما نطالب به.
وانا كمواطن اتساءل واعرف ان احدا ممن يعنيهم الامر لن يستمع ولن يستجيب بالطبع، واقول لماذا هذا الانقسام المخجل بين غزة والضفة، ولماذا لا تجري انتخابات رئاسية وبرلمانية ولكل المجالس البلدية في فترات محددة ليفوز فيها من يفوز وعندما تنتهي ولايته يستعد ونحن نستعد لانتخابات جديدة. ولا بد من الاشارة في هذا السياق الى ان منظماتنا الفلسطينية نادرا ما تغير قياداتها.
ويحضرني باستمرار وافكر به كلما فكرت بالسياسة، هو كيف يسيطر اليهود في اسرائيل وعددهم لا يتجاوز احد احياء القاهرة، ليس على ما يحكمونه من الارض فقط، وانما على اوسع من ذلك كثيرا بالنفوذ والقوة المؤثرة. وكلما فكرت في هذه الحال اشعر بعميق الالم والحسرة وافكر بالعرب في هذه المرحلة وهم مجرد ارقام لا تؤثر ولا تفكر ولا تتحد رغم كل التطورات والمخاطر وبالمقدمة نحن بين غزة والضفة.
وعبثا نكرر القول افيقوا ايها النائمون على الكراسي فهم ملتصقون بها ولن يحركهم الا اذا جاء من يطردهم ويجلس مكانهم وتتكرر القصة. وحتى تكون الامور واضحة، فليس المقصود هم الاشخاص الحاكمون وانما التفكير والممارسة والسياسة التي تتحكم فينا والعقلية التي ترفض التغيير او النظر الى الامام.
اختم بالقول اننا بالتأكيد ضد الاحتلال ومحاولة اغلاق ابواب المستقبل امامنا، لكن الحديث يدور عن الواقع المر وكيفية الخروج منه والخلاص من هذا الاحتلال الذي يحاول القضاء علينا لو يستطيع، واقول في النهاية ان الانتخابات الحرة والنزيهة ليختار الشعب من يريد، هي الوسيلة الوحيدة امامنا وبدونها سنظل ندور في الحلقة المفرغة والانقسامات المخزية.