الاجتماع الفصائلي الثلاثي الذي عقد في بيروت مؤخرا (الجهاد و حماس و الشعبية) يفترض ان يكون نوعيا ، بغض النظر عن تفاصيل ما تم بحثه ، و بغض النظر عن دقة ما ورد في البيان المشترك ، الذي غالبا ما يكون للاستهلاك العمومي والإعلامي .
نوعية الاجتماع ، تأتي من خلال الاختلاف العميق بين كل من هذه الفصائل و الفصيل الاخر ، و ليس الاختلاف هنا مقتصر على مرجعية عقائدية كل فصيل ، كالجبهة الشعبية الماركسية اللينينية الجيفارية الماوية مع حماس الدينية الإسلامية السلفية السنية الحنفية الاخوانية ، بل مع الجهاد الإسلامية الحسينية الشيعية المهدية الفقيهية ، ناهيك عن التاريخ الحديث من ممارسات مؤلمة بين هذه الفصائل .
نوعية الاجتماع تأتي أولا على قاعدة احترام الآخر و احترام معتقداته ، دون ان يدفعني هذا الالتزام بها و ممارسة طقوسها ، و هو مبدأ أخلاقي أساسي ، وصل بفيلسوف فرنسا الحديث "فولتير" ان يستعد لدفع حياته ثمنا لكي تعبر عن رأيك المخالف لرأيه ، و هذا المبدأ الأخلاقي المتقدم عن المعروف و المألوف العربي الإسلامي والمسيحي "اعمل خيرا و ارمي في البحر" الى المألوف الصيني : "اعمل خيرا واجعل الشر يلعنك" .
انها أخلاق الفدائي الحمساوي الذي اطلق الرصاص على سائق السيارة الإسرائيلي و أمسك حين رأى طفلا و طفلة ، واخلاق ليلى خالد التي ألغت قرار الجبهة بخطف الطائرة حين نظرت عيناها فرأت طفلا متعلقا برقة امه اليونانية ، وهي قبل هذه و ذاك اخلاق النبي العربي الذي افتقد الاشواك التي كان يضعها "اليهودي" في طريقه ذاك اليوم ، و عندما سأل عن السبب قيل له انه مريض ، فذهب لعيادته في منزله .
انها أخلاق الجهاد و السرايا ، التي واجهت منفردة اعتداءات الجيش "الذي لا يقهر" في قصف لا يستهدف الا عناصرها و قياداتها و مقراتها ، دون ان تئن او تتكبر او حتى تدين او تكفّر او تتكفر او تلوم او حتى تتذمر ، ولسان حالها : التمس لاخيك عذرا .
انها أخلاق المقاومة ، التي تلزم كل مسؤول جبهاوي بأحقية امين عام غائب غيابا تأبيديا منذ عشرين سنة و هو المناضل احمد سعدات ، ان لا يتم الانقلاب عليه كما يحصل في معظم دول العالم و جيوشه و احزابه ، فيأتي جميل مزهر بصفته نائب احمد سعدات ، ما فعله أبو احمد فؤاد من قبل على مدار 18 سنة.
انها أخلاق المقاومة في الانتفاضة الأولى التي كانت تلزم المقاوم توزيع المواد الغذائية على محتاجيها قبل عائلته رغم حاجتها ، متجاوزا بذلك مبدأ دينيا قال بأحقية حصول "العاملين عليها" .
انها أخلاق المقاومة غير المنصوص عليها في الكتب ، ان ترى مسيحيا يصلي في الأقصى في قضية البوابات ، صلاة المسلمين و لا تعرفه الا من خلال صليبه يتدلى عندما يهم للركوع و السجود .
انها اخلاق المقاومة ، التي تجعل من كل الاحرار في العالم ، بغض النظر عن لونهم و دينهم و لغتهم ان يدعموا هذه المقاومة بما يستطيعون اليها سبيلا ، في حين تجد من هم من لونها و دينها و لغتها و أبناء جلدتها ، ينفضون عنها ، بل و ربما يتآمرون عليها .