في ظل استمرار وارتفاع وتيرة التوتر في قطاع غزة حيث المنطقة الاكثر كثافة بالسكان في العالم وفي ضوء التطورات الاقليمية الاخيرة وازدياد نفوذ حركة حماس وسيطرتها على القطاع وتغلغلها الى الضفة الغربية ضمن برنامج المقاومة ضد الاحتلال ، تطفو على السطح في السنوات الاخيرة ظاهرة الانفتاح من قبل حماس وتوسيع علاقاتها في معظم اجزاء الشرق الاوسط وخصوصا مع الحليف الاستراتيجي الاكبر ايران ..
استغلت حماس التقارب السعودي الايراني الاخير فزار وفدها طهران ومن ثم الرياض ونجحت قيادة حماس بفتح مكاتب لها في تركيا ولبنان وقطر سابقا واعادت علاقاتها مع سوريا بعد تجميد طويل بطريقة لوحظ من خلالها قدرة حركة حماس على جذب معظم القوى السياسية في المنطقة والتقارب اليها ولكن العنصر الاستراتيجي الاهم في هذه المعادلة الجديدة يبقى ايران التي تتهمها اسرائيل بدعم واضح للمقاومة الفلسطينية من اجل مواصلة العمليات نحو الكيان المحتل من خلال تزويدها بالقنابل والعبوات الناسفة والعتاد العسكري بمحاولات تهريب جريئة عبر الحدود الفلسطينية الاردنية في حرب لا زالت من وراء الكواليس على الكيان المحتل ..
ولوحظ في المواجهات الاخيرة في المسجد الاقصى المبارك ان الرد الصاروخي من الشمال عبر سوريا ولبنان وقفت وراءه حماس بدعم ايراني واضح وهذه المعادلة اصبحت تقلق الجانب الاسرائيلي اكثر من اي وقت مضى لا سيما وان الدور والفعل الايراني ينطلق من مناطق قريبة من الكيان وفي مقدمتها سوريا ولبنان حيث الحليف الاستراتيجي حزب الله .
ولكن ماذا عن موطئ قدم قد تضعه ايران في قطاع غزة والضفة الغربية ؟
سؤال عميق جدا وجوابه يجب ان يتوقف عند تحليل الموقف الايراني فهل هناك مصلحة لطهران بفتح جبهات استنزاف مع الاحتلال من عدة مواقع ومن بينها قطاع غزة ..
لا شك بان التطورات الاخيرة على الساحة تقودنا الى معقولية هذا الخيار بالنسبة لما تخطط له طهران لا سيما وان الدور الاميركي في المنطقة بات يتضاءل والمشهد اصبح يتغير ومن هنا فمن الجائز جدا ان تضع ايران قدما لها في قطاع غزة وعلى الاقل من خلال توظيف عناصر من المقاومة بتشكيل جيش يهتم برد الفعل على ممارسات الاحتلال وتدعمه ايران بشكل ثابت وهو امر من شأنه ان يزعزع المنطقة بأسرها وخصوصا في داخل قطاع غزة الذي يبحث عن السلم والامن وحماية المواطنين والتغلب على الصعوبات الاقتصادية والاوضاع المعيشية السيئة ولتطوير البنية التحتية والسعي لفتح المعابر الحدودية والانطلاق نحو العالم الخارجي ، لكن هذه الآمال التي تعلق دوما على عاتق الحرب والمواجهات من اجل الضغط على اسرائيل تذهب ادراج الرياح واليوم وللاسبوع الثاني على التوالي يبقى معبر بيت حانون ( ايرز) مغلقا مانعا بذلك الالاف من العمال الغزيين من فرصة الحصول على لقمة عيشهم ..
المشهد الاقليمي المتغير والمتقلب يمنح ايران اليوم حرية اكبر ومساحة اوسع لمواصلة ازعاج الكيان المحتل وتصعيد فتيل المواجهة العسكرية المحتملة لا سيما وانها نجحت بتعزيز علاقات حماس مع حليفها الاول حزب الله في جبهة الشمال نحو تطويق اسرائيل من مختلف الجهات .
ان وجود ايران في المنطقة واقترابها اكثر فاكثر من قطاع غزة سيحمل آثارا كارثية وصعبة على القطاع من شأنها تدمير كل شيئ وعلى قيادة حماس ان تدرك حقيقة هذا الخطر الذي سيؤدي الى هلاك كبير ..
من الواضح ان شعب غزة لن يقبل بهذا الدور الايراني الخطير لانه سيلحق ضررا كبيرا في كل شيئ ..ومن مصلحته ان يسود الهدوء والسلام في منطقة معرضة كل لحظة الى مواجهة عسكرية مفتوحة وشاملة وحتى في ظل المعارك الصغيرة يبقى قطاع غزة الحلقة الاضعف وعليه نتوقع ان يرفض شعب غزة اي تغيير محتمل في المعادلة في الوقت الذي يفكرون فيه بترميم ما دمرته الحروب الاسرائيلية السابقة ولملمة جراحهم والتقاط انفاسهم …