المصالحة.. والحرب العالمية الثالثة
هل ستندلع الحرب العالمية الثالثة خلال الشهور أو الأسابيع القليلة المقبلة؟! في ظل تصريحات القادة الروس فيما يخص تطور الأوضاع في سورية، وتعدّد الأطراف الراغبة في الغرق بالمستنقع السوري؛ يمكن التنبؤ بخطر وقوع هذه الحرب. ولكن في المقابل، هل ستتحقق المصالحة الفلسطينية خلال السنوات الثلاث المقبلة؟! الإجابة هنا قد تكون أصعب بكثير من الإجابة عن السؤال الأول؛ لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال استقراء ما يفكر به القادة الفلسطينيون وماذا تعني المصالحة بالنسبة إليهم؟! هل المصالحة تخص مصالح الفلسطينيين أم مصالح القوى والأحزاب والفصائل.. أم أسوأ من ذلك مصالح أفراد وأجهزة بمسمياتها كافة.
لا ندري كم نحتاج من الزمن وكم عاصمة عربية نرغب في عقد لقاءات ماراثونية فيها.. وكم وسيط نحتاج حتى نعيد الكرة إلى الملعب نفسه، ونعيد رواية مسرحية الانقسام.. وكيف سنلعب أدوار الممثلين أو البدلاء في هذه المسرحية التراجيدية التي ليس لنهايتها وقت محدد، فهي مفتوحة أمام المشاهدين.. على الرغم من أن نصوصها واحدة لا تتغير.
الملاحظ أنه كلما تعقّدت الأوضاع لطرف فلسطيني مؤثر، وأصبح في دائرة ضغط داخلية أو خارجية، لجأ إلى التخلص من هذا الوضع بالذهاب إلى جولة جديدة من المصالحة..
فعلى سبيل المثال لماذا جولة الدوحة الجديدة؟ وماذا ستحقق أكثر مما حققته الجولات الماضية في العاصمة القطرية؟ وما هي المستجدات ذات القيمة التي يمكن أن تغير المواقف بشكل دراماتيكي؟.
ربما كان الإنجاز الوحيد لمحادثات المصالحة والمؤتمرات والاتفاقيات الموقعة في الدوحة والقاهرة ومكة والشاطئ والتدخلات التركية أو الإيرانية أو العربية على تعددها هو ترسيخ مفهوم إدارة الانقسام.
نعم، لقد تمكنت أكبر قوتين في الساحة الفلسطينية وهما حركتا «فتح» و»حماس» من إدارة هذا الانقسام خلال السنوات الماضية، ولعلّ اتفاق الشاطئ هو الذي مكنهما من الاتفاق على كيفية إدارة هذا الانقسام.. بمعنى سيطرة حركة حماس على القطاع، وليكن تحت غطاء حكومة الوفاق الوطني، أو تحقيق الحصار، ولكن الواقع الحقيقي يتمثل في أن السيطرة الفعلية الحقيقية هي لحركة حماس.. التي تملك قرار قطلع غزة في كل شيء، ولكنها أيضاً ترغب بشكل جدي في الحصول على أكبر قدر من كعكة الوظائف والأموال، خاصة أن تمويل عشرات آلاف الموظفين أرهق الحركة خلال السنوات الماضية.
في الضفة الغربية السلطة الوطنية وذراعها الأقوى حركة فتح مازالت متمسكة بقوة أو محافظة على الأوضاع التي أعقبت الانقسام... بل أكثر من ذلك لم يعد للمعارضة أي دور يذكر في إدارة الوضع سياسياً أو اقتصادياً أو غير ذلك في محافظات الضفة... فهي راضية بذلك.. على الرغم من محاولات العسكرة في بداية الانقسام.. ولكن تمكن الأجهزة الأمنية من تفكيك دائرة العسكرة وبشكل خاص الحمساوية.. أدى إلى دوران عجلة الحياة في الضفة بشكل روتيني... دون أن يعكر صفو الوضع الداخلي سوى التململات الاقتصادية بين الفينة والأخرى وبشكل خاص في القطاع الحكومي.
أمام هذا الواقع الثنائي في الضفة والقطاع.. وحسم السيطرة الأمنية وإدارة شؤون البلاد والعباد.. ورفض إجراء أي تغيير على هذه «المكتسبات» تبقى المصالحة تدور في حلقة مفرغة.
المصالحة تعني وحدة فلسطينية نظيفة تماماً من مفهوم الحزبية والفئوية والمصالح الفردية والجماعية... فهل المحادثات التي تجري في الفنادق قادرة على إعادة البوصلة لفلسطين بمفهومها الجامع قبل عشرين عاماً مثلاً.. أم أن الواقع الجديد لا يمكن إصلاحه إلاّ باتفاق الأطراف المتصارعة على إدارة هذا الانقسام وتقسيم المقسَّم؟!!!
-