ينهي العميد آفي بلوط، الثلاثاء القادم، مهام منصبه قائداً لفرقة "يهودا" و"السامرة". وكان تسلمها قبل سنتين كفرقة تعنى أساسا بالأمن الجاري، وهو يسلّمها فرقة توجد في قتال متواصل. في اليوم الأخير فقط مثلاً أدارت الفرقة عدة ساحات: أصيب في طولكرم مقاتلو وحدة المستعربين من حرس الحدود، ولدى الخروج من هناك، في أفنيه حيفتس، فتح "مخربان" النار على سيارة وصفتهما دورية غولاني بعد مطاردة، وفي قبر يوسف فجرت عبوات ناسفة ضد القوات التي حرست دخول المصلين، وقرب قرية عزون، في منطقة قلقيلية، ألقى "مخربون" زجاجة حارقة نحو باص إسرائيلي، لم يصب بأذى، وقرب معاليه ليبونا رشق فلسطينيون الحجارة على باص إسرائيلي، وبعد ظهر أول من أمس فتح "مخرب" مسلح بمسدس النار على سيارة إسرائيلية في محور حوارة.
وقعت الحادثة الأخطر بشكل رمزي في ساحة رفعت رأسها في السنة الأخيرة، وهي طولكرم. قصة القنبلة اليدوية التي أُلقيت نحو "المخربين" واعيد القاؤها نحو مقاتلي وحدة "يمس" لا بد ستخضع للتحقيق، ولكن من المحظور التشوش: مستعربو حرس الحدود، بالضبط مثل "يمم" و "دوفدفان" يوجدون في رأس الحربة في الحرب ضد "الإرهاب".
التحدي الأكبر اليوم هو الاستعراب أو العمل داخل الأرض الفلسطينية: فقد تعلم الطرف الآخر منذ الآن أساليب التمويه، إذ توجد حدود لعدد الأشخاص التي يمكن التخفي في زيها. كما أن تقدم التكنولوجيا يساعد العدو على ان يكشف بسهولة اكبر محاولات الاستعراب. ولهذا السبب بالذات، فان النتائج مذهلة بكل مقياس مهني: تكاد لا تقع إصابات في صفوف الوحدات آنفة الذكر، رغم المعارك من مسافة قصيرة، والكابوس الذي يسمى قتالا في منطقة مدينية. قادة ومقاتلون شجعان يهجمون على كل مهمة بعد نظام قتالي سريع. حملات الوحدات الخاصة مثل "متكال"، شلداغ" أو "الوحدة البحرية 13" من المطلوب أن تستعد أشهرا او أسابيع، الى جانب استخدام الوسائل الأفضل والقوة البشرية التي يتم اختيارها بعناية. وعليه، فانه حتى لو كان ما حدث، أول من أمس، خللا عملياتيا، فانه ينبغي وضعه في إطار من التوازن والاعراب عن التقدير للمقاتلين على انجازاتهم حتى الآن، وعلى الاستعداد لتعريض حياتهم للخطر من أجل إنقاذ الحياة.
لم تتغير الصورة الاستراتيجية لشدة الأسف: يخيل أنه رغم الغضب على الارتفاع في عدد المقتولين الى حجوم لم يشهد لها مثيل منذ الانتفاضة الثانية يحتمل انه بالحظ فقط يبلغ عدد القتلى والمغدورين منذ بداية السنة 33 فقط. بالمقابل، سجل ارتفاع في عدد الفلسطينيين الذين قتلوا بنار الجيش الإسرائيلي: 185 منذ بداية السنة مقابل 155 في السنة الماضية. الغالبية الساحقة منهم في اعمار 19 – 30، ممن كانوا يحملون السلاح. ولهذا السبب ايضا فان الشارع الفلسطيني لا ينضم الى العنف، والانتفاضة لا ترتدي وجوها شعبية.
في تحليل نشاطات منظمات "الإرهاب" يمكن ان نلاحظ، الى جانب الضغط الإيراني، موضع الحديث في السنة الأخيرة والازمة في السلطة الفلسطينية، عدة ظواهر أيضا: فقد كشف "الشاباك"، مؤخراً، شبكة "إرهاب" تضم مواطنين إسرائيليين يساعدون أيضا في تهريب عبوات شديدة الانفجار من حدود الأردن. إضافة الى ذلك، فان عمليات "حماس" و"الجهاد" لم يعد ينفذها نشطاء "كلاسيكيون" بل نوع من "الفري لانسريين" (المستقلين) المستعدين لينفذوا عمليات اطلاق نار مقابل بضعة الاف من الشواقل. تعثر المنظمات على شبان عاطلين عن العمل، او ممن لا توجد لديهم تصاريح عمل، ويعرضون عليهم رزقا فاذا بهم يأتون. ايران، كما أسلفنا، تهجم على المنطقة بالمال وبالوسائل القتالية، العبوات، والتحريض. هدفهم هو الكمية وليس بالذات النوعية. بمعنى نوع من حرب الاستنزاف. "إرهاب" منظم لكن بشكل مختلف.
في ضوء هذه المعطيات تبث محافل رفيعة المستوى في الجيش الإسرائيلي تشاؤما: اذا لم يطرأ تغيير، ليس في المجال العسكري، فان هذا الميل سيتواصل في العام 2024 أيضا، والذي من شأنه أن يكون أصعب بكثير. فما الذي يمكنه بالفعل أن يساعد؟ سلطة فلسطينية اقوى، من خلال وسائل قتال أميركية محدودة يتم إدخالها، وتساعدهم في القتال ضد "الإرهاب"، او كما قال ضابط كبير: "مع العصي لا يمكن القتال ضد حماس". إضافة الى ذلك، مطلوب اقتصاد فلسطيني قوي، اغلاق الحدود مع الأردن، وحرب أكثر فاعلية ضد السلاح والوسائل القتالية.
تكاد تكون لكل هذه الأمور آثار سياسية داخلية في الائتلاف الحالي. في الجيش الإسرائيلي يعرفون هذا، وعليه فهم لا يزالون يبحثون عن بطانية التبريد للمنطقة المشتعلة. لعلها تأتي من السعودية.
عن "يديعوت"
الزمالك يخوض وديتين في يوم واحد
04 سبتمبر 2024