"طوفان الأقصى" والإبداع الميداني والإعلامي

image_processing20230922-485187-9pc53b.jpg
حجم الخط

بقلم ظاهر صالح

 

لم يستطع جيش الاحتلال الإسرائيلي أن يتخيل مشاهدة عناصر من المقاومة الفلسطينية تهاجم غلاف قطاع غزة وتقتحم المستوطنات، في عملية نوعية متطورة في أدائها قياسا على الحروب والعمليات السابقة ضده، ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تفاجئ "كتائب عز الدين القسام" الذراع العسكرية لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، كيان الاحتلال والعالم بأسره بعملية جريئة أطلق عليها اسم "طوفان الأقصى"، وطريقة الأداء التي استخدمتها "كتائب عز الدين القسام" في إشارة إلى أن هناك تغيرا في فكر وإدارة المعركة على أرض الواقع، وتوظيف الإمكانات بالشكل الصحيح، خاصة بعد نجاح هجمات المقاومين وقصف المدن والبلدات وشل الحركة بمطار بن غوريون الدولي.


جاءت العملية النوعية الجريئة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة صباح السبت السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لتمثل ردا مباشرا على الجرائم الصهيونية بحق المقدسات وبحق المعتقلين وعمليات الاقتحام المتواصلة لمدن الضفة الغربية وردا على الحصار على غزة المستمر منذ أكثر 16 عاما.

ليس غريبا على غزة المحاصرة وفصائل المقاومة، وفي مقدمتها "كتائب عز الدين القسام"، هذه الانتصارات والنجاحات المُبهرة التي حققتها خلال الملحمة والمفخرة ضد قوات الاحتلال الصهيوني، التي تلقت ضربات قاسية ودروس لن تنساها، كسرت هيبتها وهشمت صورها ومرغت أنفها في التراب، فيما بدت المقاومة هي صاحبة اليد العليا والمتفوقة على الكيان الصهيوني الذي يمتلك منظومة القبة الحديدية والسلاح والتكنولوجيا والاقتصاد ووسائل التدمير، وتعجز عن مواجهتها عدة دول في المنطقة.

هذه العملية النوعية تُثبت مجددا أنه لا خيار أمام شعبنا العربي الفلسطيني في مواجهة الكيان الصهيوني إلا خيار المقاومة والصمود، وأنه لا يمكن بحال من الأحوال تصفية القضية الفلسطينية مهما تآمر المتآمرون واستسلم المستسلمون، وليس هناك من أفق لمؤامرة أوسلو ولا للتطبيع مع العدو الصهيوني، وأن المقاومة تجاوزت مرحلة ردة الفعل إلى المبادرة والمباغتة في المعركة ونقل ميدانها الأساسي إلى خارج قطاع غزة المحاصر.

إن هذه المعركة تفرض على شعوبنا العربية كافة وقواها التحررية تعزيز تضامنها الكفاحي الشعبي مع الشعب العربي الفلسطيني ومع المقاومة المُظفرة في مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب، والتصدي لقطعان المستوطنين ولإنجاز مشروع التحرر الوطني الفلسطيني، واستعادة حقوق الشعب العربي الفلسطيني كاملة.

لقد نفذت "كتائب عز الدين القسام" في غزة بدقة متناهية وإبداع في الأداء الميداني، وإبداع وتميز في الميدان الإعلامي، وبالتفاف كل فئات الشعب الفلسطيني خلف خيار المقاومة، والتسليم بأن المقاومة قائدة للشعب، وممثلا وحيدا شرعيا لمصالح الشعب الفلسطيني.
عن "الجزيرة نت"