كيف نواجه (التهميش) التنظيمي؟ (6/6) (المقاومة للتهميش)

9999464293
حجم الخط

تحدثنا في الحلقات السابقة عن التنظيم والاتصالات ثم في بند اولا عن التهميش أو الإضعاف الذي  يقع للإطار (للفريق أو الخلية أو الشعبة) ثم تحدثنا في ثانيا : التقزيم للأدوار أو إلغائها وفي ثالثا عن: الاستبعاد للمبادرات، وألحقناها بعنوان كيف نقاوم أمراض التنظيم

أساليب مقاومة التهميش

أما عن الأساليب والوسائل الممكن اتباعها في المقاومة والتصدي لظواهر  التهميش (الإضعاف والتقزيم والاستبعاد) ضمن الصراع الداخلي فيمكن أن نعرج على عدد منها كالتالي:
1.    الاستناد للنظام والقوانين واللوائح من خلال الحالة التي تم تشكيلها لتواجه من خلالها وبها كل محاولات أو ظواهر التهميش التي ذكرناها ، ولا يوجد أجدى من القانون واللوائح في مثل هذه المقاومة.

2.    اللجوء للمصالحات الداخلية ، المصالحة مع الذات ومع النظام ومع الاطر الدنيا، المصالحة مع القيم الثورية بإعادة تبنيها، وبالنظر للمبعدين والمهمشين نظرة إثراء لا نظرة استعداء وجذبهم مجددا وفق النظام.

3.    بناء حملة مناصرة أو حملة مقاومة داخل الجماعة وعبر الوسائل الداخلية الشرعية (اجتماعات ، مؤتمرات ، لقاءات ، مذكرات ... ) تتعرض للفعل السلبي، وتدعو لإزالته ما يمثل شكل من أشكال النقد الصارخ داخل أطر الجماعة (التنظيم).

4.    فضح مخططات الإبعاد والتهميش داخليا (نقد داخلي)، او في حالات القصوى خارجيا (نقد صاخب) في حالة ما تم مس المبادئ الأساسية للجماعة أو التنظيم، وفي ظل ظروف مناسبة وامكانيات واضحة لنجاح العملية.

5.    اسقاط الشوائب : ان اسقاط المسؤولين أو القيادات السيئة من مواقعها يعد عملا مطلوبا حين مخالفتها النظام، او الأسس أو البرامج او حين تيقن فشلها في أداء واجبها، أو حين لجوءها للتهميش بأي من أشكاله ما هو في حقيقته مخالفة للنظام ولآليات الاتصال الصحيحة في التنظيم.

6.    دفع القيادات الواعية للواجهة سواء عبر الانتخابات الرسمية او من خلال تشكيل حالة وعي.

7.    تثقيف أعضاء وكوادر التنظيم عبر الدورات وحملات التوعية بمفاهيم التنظيم الصحيحة وممارسة الديمقراطية وآليات الاتصال كي ينشأوا واعين قادرين على العيش في بيئة سليمة ، وقادرين على مقاومة أي نهج انحرافي أو أمراض.

    وهنا نعيد بما بدأنا به نصا في الحلقة الاولى كالتالي: تسقط التنظيمات عند تقادم الفكرة، ولا تتقادم الفكرة إلا عندما لا تحتك بالجديد، وعندما لا تحتك بالجديد فإنها تتكلس فتسبقها تلك الأفكار التي تعيش في محيط ثرى بالأفكار الأخرى تأخذ منها وتمنحها ، أي أنها بالاحتكاك بالأفكار الأخرى تتطور وتتجدد وربما تتجذر أيضا.
        تسقط التنظيمات السياسية لعجز قيادتها عن الفهم، أو لعجزها عن التطور في التفكير والأساليب والبرامج ، وتسقط التنظيمات عندما تصبح أفكارها غريبة عن المجتمع كما تسقط مع سقوط القدرة وانهيار الطاقة، وكثيرا ما ينتفي وجود التنظيم لانتفاء السبب لوجودها: الهدف، البرنامج ...الخ، كما أن التنظيمات (والجماعات) تتفتت وتتشتت وتتكاثر (تنشطر) عندما تتقاتل ليس على تحقيق الهدف والمصلحة التنظيمية الجامعة، وإنما عندما تتقاتل على الغنائم والمكاسب والتصدر.
 

خاتمة
 
إن كان التهميش بمنطق فرض القوة[1] هو القائم ، بمعنى أن صاحب الموقع الأعلى في الهرم التنظيمي يمارس تهميش الآخرين سواء من أصحاب الأطر الأدنى أو ممن هم موازين له في المرتبة اعتمادا على قدرته وقوته، فإن هناك سببا هاما آخر يجب أخذه بعين الاعتبار فوق كل ما سبق وهو السبب المرتبط بعقلية (السيطرة/الخضوع) فكلما ازداد الخضوع من طرفنا ازدادت السيطرة من الطرف الآخر في معادلة طرديه ليصبح معنى السيطرة عبر الإخضاع.
  من هنا ندرك أن أحد أهم عوامل تضخم القوة لتصبح لتصبح قوة استبدادية مسيطرة هو أننا نحن من يتنازل عن قوته (قوتنا الجماعية) بحيث تصبح المعادلة أنه بمقدار ما نقتنع (ومن ثم نطبق) بافتقادنا للقوة بمقدار ما يزداد المسيطر قوة، والعلاقة هنا عكسية إذ أن فقداننا القوة والصلابة يؤدي لزيادتها لدى الطرف الآخر المهيمن.
يقول الشاعر: تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا/وإذا افترقن تكسرت أفرادا
ويقول المتنبي: إذا كانت النفوس كبارا/تعبت في مرادها الأجسام
        إن القوة الجمعية ، قوة الإطار ، قوة الجماعة، قوة القانون، قوة الحراك هي بمقدار صلابة الجماعة وبمقدار ثقتها بنفسها، وبمقدار أيمانها بالفكرة المجردة من الشخصنة والمصلحية، وبمقدار ثقتها ، كما هي بمقدار حرصها على كل ذلك مقرونا بتثبيتها بالقانون والقيم التي قد لا تنفع في مواضع محددة ولكنها بالصبر والاستدامة وعدم الكلل، وتشمير السواعد دوما لخوض الصراع بالضرورة ستحصل على نتائج تجعل من المعادلات السابقة في صالح فكر التغيير والمستقبل.

 [1] القوة قد تكون سياسية أو اقتصادية أو مجتمعية وقد تكون قانونية، أو عقلية نفسية، فردية أو جماعية وهكذا، فالقوة: تمثل عملية استخدام للموارد المتاحة مما سبق في التأثير في سلوك واتجاهات الآخرين، وقد يكون الاستخدام تعسفيا أو ديمقراطيا تشاركيا، وحُسن استخدام القوة هو المطلوب، لكن في الحقيقة فإننا من يضاعف قوة القوي في أحد العوامل أو يضعها عند حدها النظامي، لأن القوة المهيمنة لا تتوقف عند حد فكلما قصرنا في وضعها بحجمها تضخمت. ومن أساليب أو استراتيجيات القوة المعروفة 1-التبرير،        2- التحالف ،  3- التودد ،  4- المساومة  5- التعزيز : بالمكافأة، 6- السلطة لأعلى ، إضافة للعنف