مع أن من المعروف لإسرائيل وجود عشرات المدنيين والجنود الذين اختطفتهم "حماس" إلى داخل أراضي قطاع غزة، فإن إستراتيجية القيادة السياسية والعسكرية هي تقليص التناول العلني لهم.
الجيش والشرطة ومحافل رسمية أخرى تمتنع عن قصد عن ذكر عدد الأسرى. قال رئيس الوزراء: إن المسؤولية عن سلامتهم ملقاة على "حماس"، ما يعني في واقع الأمر التلميح إلى أنه في حساباته لا يأخذ مصيرهم بالحسبان. وفي الوقت ذاته تحدث مع الرئيس الأميركي، جو بايدن.
وأفاد مصدر سياسي بأن "دولة إسرائيل لا تجري أي مفاوضات" بشأن الأسرى. أما ما فعله نتنياهو فهو تعيين العميد احتياط غال هيرش مسؤولاً عن معالجة الموضوع.
إلى جانب هذه الأمور اتخذ "الكابينيت" قراراً "بالعمل على تدمير القدرات العسكرية والسلطوية لحركتَي حماس والجهاد الإسلامي، بحيث ينزع قدرتهما ورغبتهما في التهديد والمسّ بمواطني إسرائيل لسنوات طويلة".
تلك "القدرات العسكرية" تتضمن الأنفاق التي يحتجز فيها الإسرائيليون أغلب الظن. ينبغي الافتراض بأن قواتنا حذرة من ضرب الأنفاق انطلاقاً من الرغبة في عدم المسّ بأناسنا. بخلاف إسرائيل، "حماس" – التي قبضت على ما يبدو على عدد من الإسرائيليين أكثر مما تخيلته – ترى فيهم ورقة المساومة الأغلى التي في أيديها. تعوّل عليهم. وقال مسؤولوها منذ اليوم الأول للحرب: إنهم يتوقعون تحرير كل "المخربين" المحتجزين في إسرائيل مقابل الإسرائيليين الذين في أيديهم.
من المفهوم أنه بخلاف كل ميثاق دولي، لا تحافظ "حماس" على القواعد المتبعة بالنسبة للأسرى. وعليه فليس لإسرائيل أو للعالم إمكانية معرفة أحوالهم ومصائرهم.
ما الذي يمكن لإسرائيل أن تفعله أمام المعضلة الوحشية لإسقاط قدرات "حماس" من جهة، والرغبة في الحفاظ على حياة الإسرائيليين من جهة أخرى؟ ترفض محافل رسمية في إسرائيل الحديث عن هذه المسألة فائقة الحساسية. من المعروف أنه في صفقة جلعاد شاليت وفي اتفاقات سابقة لتبادل الأسري أيضاً عوّدت العدو على أثمان هائلة تدفعها إسرائيل لقاء أناسها. أما هذه المرة، كما يلمح المسؤولون السابقون، فإن العدد الهائل بالذات للأسرى وكذا الفقدان الذي لا يعقل لحياة الإنسان والثمن الذي دفعناه منذ الآن يقلص بالذات "قيمة" الأسرى بالمفاوضات المستقبلية – ومعذرة عن هذه الصياغة الرهيبة والوحشية.
إن القبض على أطفال، شيوخ، نساء، مواطنين أميركيين ورائعين، يجعل "الحمساويين" "حيوانات بشرية" حتى بمعايير المنطقة التي نعيش فيها، إذ لم يصل حتى "داعش" أو إيران لهذا المستوى الهابط. إضافة إلى ذلك يبدو أن الإجماع الإسرائيلي يريد قبل كل شيء أن يحول الهزيمة إلى نصر، وبالتالي مستعد لأن يؤجل في هذه اللحظة حل هذه المشكلة المعقدة.
ومثلما قال اللواء احتياط إسرائيل زيف: "على إسرائيل أن تعالج حماس وكأنه لا يوجد أسرى، وأن تعالج الأسرى وكأنه لا توجد حماس". ليس سهلاً تنفيذ هذه الصيغة، لكن يبدو أنه لا مفر. فقط بعد أن تنتهي معالجة "حماس"، سيكون ممكناً التوجه لتحرير الإسرائيليين. هذا سيكون ممكناً عمله عبر مصر كجهة وسيطة، فمن دون مصر لا يتحرك أي شيء في القطاع. هكذا كان في الماضين وهكذا سيكون في المستقبل.
عن "إسرائيل اليوم"