معاريف : الـمـؤسـسـة الأمـنـيـة عـاريـة !

افرايم-غانور.jpg
حجم الخط

بقلم: إفرايم غانور

 

 



سيسجّل تشرين الأول 2023، بصفته أكثر الأيام حلكةً وصعوبةً وفظاعةً في تاريخ إسرائيل وشعبها.
هو أفظع من 6 تشرين الأول 1973، وأيّ مقارنة بـ "يوم الغفران" هي مقارنة خاطئة.
ففي حرب 1973، قاتل الجيش الإسرائيلي في مواجهة الجيوش المصرية والسورية والعراقية، وفي مواجهة مئات الدبابات وأكثر من مليون جندي من الأعداء، وفي مواجهة أسلحة طيران مجهزة بطائرات حربية، ومنظومات صاروخية فعالة مضادة للطائرات، شوّشت على قدرات سلاح الجو لدينا.
في المقابل، يوم السبت، تسلل إلى دولة إسرائيل بضع عشرات من "المخربين"، سيراً على الأقدام، أو في شاحنات، أو على دراجات نارية، واجتازوا الأسوار بسهولة، وخصوصاً العائق العسكري الكبير الباهظ التكلفة، ونجحوا في احتلال 22 مستوطنة، والسيطرة عليها لم تنتهِ بعد.
في حرب "يوم الغفران"، جرى احتلال مواقع دافع عنها الجنود الإسرائيليون. في 7 تشرين الأول، شكّل نساء وأطفال وشيوخ السياج الواقي لمستوطنات غلاف غزة.
7 تشرين الأول 2023، أعاد دولة إسرائيل إلى أيامها الأولى، إلى حرب 1948، وإلى الأيام التي احتُلت فيها المستوطنات والكيبوتسات، وقُتل فيها السكان، أو وقعوا في الأسر - نيتسيم، الحيّ اليهودي والمدينة القديمة وبيت عربا وغيرها. وكلما ستتضح الوقائع وتقصيرات السابع من تشرين الأول سيتذكر الناس أحداث 1929 [ثورة البُراق] التي قُتلت فيها النساء والأطفال، وأُحرقت المنازل، من دون دفاع، لكن حينها، لم يكن لدينا جيش، ولا دولة.
أحداث 7 تشرين الأول كشفت المؤسسة الأمنية في إسرائيل - الجيش والاستخبارات العسكرية والشاباك، عارية، وحطمت النظريات الدفاعية الهوسية وفشل إسرائيل مجدداً. وكما فشل خط بار - ليف، فشل أيضاً السور الأمني الغالي التكلفة، المُقام بين القطاع ومستوطنات الغلاف، والذي خلق إحساساً مضخماً بالأمن، لا أساس له من الصحة.
حقيقة وصول "المخربين" من دون صعوبة إلى أوفكيم الواقعة على مسافة 30 كلم من القطاع والسيطرة هناك على منازل، هي أمر لا يُحتمل.
الأيام المقبلة هي أيام مصيرية بالنسبة إلى شعب إسرائيل. حتى كتابة هذه السطور، لا تزال تدور معارك قاسية مع "المخربين" الذين لا يزالون على أراضينا، وسيطروا على باري وعلى كفر غزة، بينما في الجانب الآخر، تزداد التوقعات بأن حزب الله لم يقف موقف المتفرج، ويراقب كيف يقوم الجيش الإسرائيلي بتصفية حسابه مع "حماس" والجهاد الإسلامي، وهو ما يعني أن دولة إسرائيل يمكن أن تخوض حرباً صعبة على جبهتين، بتوجيه وتشجيع من الإيرانيين.
في هذه الأوقات الصعبة، من المهم الإشارة إلى حقيقة أنه خلافاً لكل التحليلات التي تنبأت بانضمام العرب في إسرائيل إلى كفاح "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، إذا خاض الجيش الإسرائيلي قتالاً ضدهما، كما جرى في عملية "حارس الأسوار" في أيار 2021، فالصحيح أنه حتى كتابة هذه السطور، لم تُسجَّل أيّ أعمال شغب أو تظاهرات في القطاع العربي.
من الصعب إنهاء هذه السطور من دون التوقف عند اللواء في الاحتياط يتسحاق بريك الذي كان يحذّر منذ وقت طويل من تقصيرات في الجيش تتطلب إصلاحاً فورياً.
بريك صرخ من على كل منبر، وكتب في كل مكان ممكن، والتقى رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع غالانت، وأوصل صوته، وعرض وجهة نظره والإصلاح المطلوب. لكن، من دون أن يجري أي شيء فعلي، والنتائج رأيناها في 7 تشرين الأول، ولن تُنسى.

عن "معاريف"