هذا هو التقصير الأكثر خطورة في تاريخ إسرائيل. فهو أخطر من تقصير حرب "يوم الغفران".
كانت المفاجأة أكبر، وكان المفهوم أكثر غباء، وكان الإهمال أكثر فظاعة، وكانت الضربة المعنوية أكثر قسوة، وكانت الفوضى أكثر جنوناً، وكانت الصدمة أقوى، وكان عدد القتلى المدنيين أعلى من أي وقت مضى.
تُرك سكان غلاف غزة لمصيرهم. كتائب الجيش التي كانت تقوم بحمايتهم، تم نقلها إلى "المناطق" لحماية المستوطنين، وهؤلاء تم تركهم دون حماية.
وحتى بعد أن حاصر "المخربون" بيوتهم لم يحصلوا على المساعدة، بل تُركوا للموت الفظيع والتنكيل المتوحش والسبي، حيث تمت قيادتهم كـ"أغنام للذبح".
نعم، تذكّر الأفلام التي وثقها "المخربون" بالكارثة. لن نغفر هذا التقصير، هذا الفشل لا يوجد عفو عليه. المذنب في هذه الكارثة الفظيعة هو شخص واحد، بنيامين نتنياهو.
لكن أمام هذا الفشل الذريع نرى فجأة مشهداً لا يصدق من اللين. شخص أهانه نتنياهو وكذب عليه وخدعه وأساء لسمعته ولم ينفذ معه أي اتفاق، يزحف نحو الحكومة.
هكذا سيمكن نتنياهو من البقاء في الحكم دون دفع أي ثمن عن هذا التقصير الفظيع.
هكذا سيحطم النضال من أجل استقالة هذا المخادع.
يتبين أن بني غانتس لا يفهم أن هذا المخادع سيمصه ويبصقه مثل العلكة المستهلكة بعد ثلاثة أشهر، عندما سيتم الإعلان عنه متهماً بكل التقصيرات.
أيضا يائير لابيد وأفيغدور ليبرمان خيبا الأمل بشكل كبير. كل منهما لديه تحفظ معين مضحك على الانضمام للحكومة، لكن في الأساس هما على استعداد.
فلو كان الوضع معكوساً وكان نتنياهو في المعارضة لكان سيركض إلى الاستوديوهات، وسيتهم رئيس الحكومة بالتقصير الفظيع وموت 900 جندي ومدني تقريباً.
وهذا بالضبط ما يجب على غانتس ولابيد وليبرمان فعله من الآن.
عدم التحدث عن وحدة مزيفة وعن عدم تقديم خشبة النجاة للمخادع. إذا كانوا وبحق يريدون إنقاذ الدولة فيجب عليهم إسقاط حكمه. لأنه من الواضح أنه سيواصل الاهتمام فقط بنفسه، وأيضاً بحكومة الوحدة وسيعمل منهم أضحوكة.
غانتس، لابيد، وليبرمان، يجب أن يقفا ضده. يجب عليهما التوضيح لمصوتيه أن حياتهم في خطر طالما أن هذا المخادع في الحكم. إذا لم يكن هؤلاء الثلاثة يدركون ذلك أو أنهم يخشون من ردود البيبيين، فيجب عليهم الاستقالة والذهاب للعمل مرشدين للكشافة.
الحقيقة هي أن مهمتهم سهلة، كل شيء واضح مثل الشمس. خلال تسعة أشهر انشغل بيبي فقط بالانقلاب النظامي بهدف إلغاء محاكمته. وهو لم يقم حتى بزيارة غلاف غزة ولو مرة واحدة، ولم يسأل عن استعداد الجيش. وهو أيضاً لم يستمع لتحذيرات رئيس الأركان ورئيس "الشاباك" بأن الانقلاب يضعف الجيش، ويضر بالردع، ويشجع الأعداء على المهاجمة.
وهذا ما حدث في النهاية. عاد نتنياهو وقال (مؤخراً فقط قبل عشرة أيام) إن "حماس" خائفة وهي لا تريد الحرب؛ لأنها لا تريد الإضرار بإنجازاتها الاقتصادية، أي الأموال الكثيرة التي اهتم بيبي بنقلها إليها، سواء عن طريق قطر أو عن طريق زيادة عدد العمال الذين يعملون في إسرائيل، والذين يدفعون الضرائب لـ"حماس".
القسم المأساوي في القصة هو أنه بهذه الأموال اشترت "حماس" سيارات التندر والرشاشات وأشرعة وقذائف لتقتلنا بها.
قال نتنياهو أيضاً إن "حماس" خائفة في أعقاب الدمار الذي تعرضت له في العمليات السابقة، وإنها غير معنية بالتصعيد.
وهذا بالضبط ما مكن الجيش من نقل القوات من غلاف غزة الهادئ إلى الضفة الغربية العاصفة، حيث يجب أن يكون هناك أحد ما ليدافع عن الحريديين القوميين الأبرياء الذين يحتفلون في خيمة عضو الكنيست، تسفي سوكوت، في حوارة، وعن الذين يحجون إلى جبل عيبال وعن الذين يقومون بزيارة قبر يوسف، وعن مئات المهووسين الذين يزورون الحرم والذين يحتفلون بعيد نزول التوراة. كل هذا مهم أكثر بألف مرة من عدة مستوطنات في غلاف غزة.
بسبب كل هذه الجرائم ومن أجل إنقاذ دولة إسرائيل فإنه يجب على نتنياهو الاستقالة والآن.
عن "هآرتس"
معاريف: أستراليا تدعو مواطنيها لمغادرة إسرائيل فوراً
15 أكتوبر 2024