يتواصل سقوط الضحايا من المدنيين الفلسطينيين يوميا جراء الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة بعد اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حيث وصلت -حسب إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية- في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 11 ألفا و78 بينهم 4506 طفلا، في حين وصل عدد الجرحى إلى 27 ألفا 490 بينهم 8663 طفلا.
في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول فرض الجيش الإسرائيلي حصارا كاملا على قطاع غزة المحاصر أصلا منذ 17 عاما. فحظر دخول الماء والغذاء. وبعد يومين قطع خطوط التغذية الكهربائية، وحظر دخول المساعدات والوقود.
وأجبر نحو مليون ونصف من سكان القطاع على مغادرة منازلهم جراء الأعمال الحربية، مما ضاعف محنتهم بالنظر إلى افتقارهم إلى الإمدادات الضرورية. وقال تقرير نشرته قناة " فرانس 24" إنه في الأسبوع الأول للحرب تعرضت 6 آبار مياه و3 محطات لضخ المياه وخزان مياه ومحطة لتحلية المياه تخدم أكثر من مليون شخص لأضرار بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية.
ندرة المياه
وكانت منظمات حقوقية دولية قد حذرت في السابق من تدهور حالة المياه في قطاع غزة. فقد وصف المعهد العالمي للماء والبيئة والصحة والمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عام 2021 المياه في غزة بأنها غير صالحة للشرب، مشيرين إلى أن 97% من المياه المستخدمة في القطاع لا تصلح للاستهلاك.
ويشرب الكثير من الناس في غزة مياها ملوثة ومالحة، ويصطفون لساعات طويلة على أمل الحصول على مياه صالحة للشرب.
وتقول منظمة الصحة العالمية أن هناك حاجة إلى ما بين 50 إلى 100 لتر من المياه للشخص الواحد يوميا، لكنها حددت متوسط المخصص اليومي في غزة بـ3 لترات فقط لجميع الاحتياجات اليومية، بما في ذلك الشرب والنظافة.
ويؤثر نقص استهلاك الإنسان للماء مباشرة على الكلى ويمتد التأثير في النهاية إلى القلب. ويكون تأثير الجفاف على الأطفال الرضع سريعا، ويتسبب غالبا في الوفاة. كما أنه يؤدي لدى البالغين إلى شعور بالدوخة، وتسارع النبض لأن القلب يقوم بضخ الدم بشكل أسرع للحفاظ على الأكسجين.
ويشكل الماء 60% من جسم الإنسان. ومن شأن الإصابة بالجفاف أن تفضي إلى قتل الرضيع في غضون ساعات والشخص البالغ خلال يومين إلى 4 أيام.
تقول منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) إن 80% من سكان قطاع غزة كانوا يعانون فعلا من انعدام الأمن الغذائي قبل عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول. وكان ما يقرب من نصف السكان البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات الغذائية. من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وقبل 7 أكتوبر كان معدل شاحنات الغذاء المسموح لها بدخول القطاع المحاصر يصل إلى 500 يوميا.
ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، دخلت منذ 21 أكتوبر/تشرين الأول، ما لا يقل عن 451 شاحنة إلى غزة، منها 158 شاحنة تحمل أغذية ضمنها أسماك معلبة ومعكرونة ودقيق القمح ومعجون الطماطم المعلبة والفاصوليا المعلبة. بينما حملت 102 شاحنة أدوات طبية ونقلت 44 أخرى مياها وأدوات تنظيف و32 مواد غير معدة للاستهلاك و8 أخرى إمدادات غذائية.
ونقلت الشاحنات المتبقية بضائع مختلفة، في حين استمر حظر دخول إمدادات الوقود، وهو الأمر الذي أثر بشكل خطير على المستشفيات التي بقيت تعمل مما يهدد حياة الآلاف.
وبخصوص المخابز، تقول وزارة الداخلية في غزة إنها توقفت عن العمل بسبب عدم توفر الوقود والدقيق، لكن السبب الرئيسي يعود إلى الحصار الإسرائيلي المفروض والقصف العنيف المتواصل على القطاع مما أدى إلى تدمير عدد من المخابز. بدوره، قال برنامج الأغذية العالمي، إنه كان يتعامل مع 23 مخبزا في غزة ولكن لا يوجد حاليا سوى مخبز وحيد.
ويقوم واحد فقط من المخابز التي تعاقد معها برنامج الأغذية العالمي، و8 مخابز أخرى في المناطق الجنوبية والوسطى، بتوفير الخبز بشكل متقطع للملاجئ، اعتمادا على توفر الدقيق والوقود.
وكان برنامج الأغذية العالمي قد حذر من أن مخزونات الغذاء في غزة على وشك النفاد. وأشار إلى أنه مقابل كل شخص حصل على مساعدات غذائية من برنامج الأغذية العالمي، هناك ما لا يقل عن 6 أشخاص آخرين في حاجة إليها.
كيف يؤثر نقص التغذية على الطفل؟
يحتاج كل جسم بشري إلى نظام غذائي متوازن غني بالفيتامينات للحفاظ على وظائفه المثلى. أما بالنسبة للأطفال فالشعور بالحاجة إلى الطعام يكون بشكل أسرع، حيث يعتمد نموهم وتطور دماغهم على التغذية التي يتلقونها.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن الحرمان من الغذاء أو سوء التغذية لدى الأطفال، يؤدي إلى توقف نموهم وهزالهم إلى جانب مشاكل نقص الوزن. ويمنع نقص التغذية الأطفال من اكتمال بنيتهم البدنية والمعرفية، ويجعلهم أكثر عرضة للمرض والموت.
يمكن أن يؤدي عدم كفاية التغذية أثناء الحمل إلى زيادة خطر ولادة طفل مصاب بالتقزم.
عدم الحصول على رعاية طبية
تقول منظمة الصحة العالمية إن النساء والأطفال هم من يتحملون العبء الأكبر لعمليات قصف المرافق الصحية ونقص الإمدادات. فالنساء الحوامل يلدن أينما اتفق، جراء العجز عن الوصول إلى المرافق الصحية حيث الولادة بشروط ملائمة، كما يقوم الأطباء بإجراء جراحات قيصرية من دون تخدير.
وتلد ما لا يقل عن 180 امرأة كل يوم. في حين تصاعدت وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة بسبب نقص الرعاية الدقيقة.
وسجلت في مراكز الإيواء التابعة للأونروا حالات التهاب الجهاز التنفسي والإسهال والجدري. وبعد أن استنفدت تلك المراكز طاقتها الاستيعابية بات الناس ينامون في الشوارع. وقد أبلغت منظمة الصحة العالمية عما لا يقل عن 22 الفا و500 حالة إصابة بالتهابات الجهاز التنفسي الحادة و12 ألف حالة إسهال يمكن أن تكون مميتة لدى الأطفال الذين يعانون من الجفاف ونقص الغذاء.
واضطر الأطباء لاستخدام الخل بديلا للمطهرات، والمسامير وإبر الخياطة في العمليات الجراحية.
يقول الدكتور أحمد مخللاتي من مجمع الشفاء الطبي إن الأنظمة تنهار والعلاج في بيئة معقمة محدود، ويضيف: "الذباب يملأ المستشفى، وسوف ترى الديدان تخرج من جروح الناس".
ومنذ الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني، توقفت مولدات الكهرباء الرئيسية في مستشفى الشفاء والمستشفى الإندونيسي عن العمل. وواصلت الطائرات الحربية الإسرائيلية مهاجمة المستشفيات والمناطق المحيطة بها، حيث وجد المرضى والعاملون الصحيون والمئات الذين فروا من الهجوم الإسرائيلي مأوى لهم.