مجددا..توقفوا عن التصريحات التحقيرية للثمن الكبير في حرب غزة!

1700724054-5283-3.jpg
حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 مرت على الحرب الاقتلاعية – التدميرية التي تنفذها دولة العدو الفاشي، ما يزيد على الخمسين يوما، أحدثت ما أحدثت داخل قطاع غزة تدميرا وتخريبا، بما لم يمر يوما على المنطقة من محيطها الى خليجها، ترتكب كل أشكال جرائم الحرب، دون أن تحسب حسابا لما سيكون ثمنا للمطادة القانونية الساخنة، اعتقادا أن كل أدوات المحاسبة لن تستمر فيما تقف أمريكا ودول الغرب الاستعماري جدارا واقيا، والمواقف العربية لا تذهب أبعد من استنكار ولو زاد الغضب يصل الى الإدانة، ثم يذهبون من محاسبة عدو الى توفير "إغاثة" للضحية بديلا.

منحت "هدنة الأيام الأربعة" الأولى كل متابع ليرى ما حدث واقعا جراء حرب العدو ضد قطاع غزة، بأن الكارثة تفوق كل خيال مرسوم لما قبل الحرب العدوانية، بل لا مقارنة بكل ما كان يوما منذ العام 1948، عام النكبة الكبرى للوطن التاريخي، مشهد يؤكد أن الهدف المركزي لدولة الفاشية الجديدة من حربها، يكمن في تدمير قطاع غزة شاملا، لرسم ملامح مرحلة سياسية جديدة، تنطلق من الحاجة الفطرية للإنسان، سكن ومكان وحياة وطعام..ما سيفرض مسارا مختلفا كليا في القطاع عن غيره.

رغم المشهد الاستدلالي من المشهد التدميري، بما له أهدافا سياسيا، يخرج البعض "الفلسطيني"، أو مسميات وصفية أخرى، للجزم، بأن العدو لم يحقق أي من أهدافه، التي أرادها، وخرجت فلسطين منتصرة، ولم يبق سوى مشاهدة كيف يمكن لدولة العدو "لملمة شظاياها" وترحل، في منطق يكشف أن صاحب القول، أي كان صفته ومكانه الجغرافي ليس سوى ساذج سياسي طولا وعرضا.

ويبدو، أن "فريق العدو لم يحقق أي من أهدافه"، يطالب بشكل أو بآخر دولة الكيان أن تواصل حربها العدوانية حتى تحقيق ما تراه هي أهدافا تحققت، وهي من يقرر متى وكيف والى أين، بدل الاستمرار في سياق الضغط الدولي الإنساني لوقف الحرب الإجرامية، وفضح كل ما قامت من إغراق قطاع غزة في بحر الخراب العام، وبأنها تبحث تدمير كل حياة مستقبلية، في صياغة مختلفة للمظلومية الفلسطينية، التي يراها العالم دون تجميل أو مكياج، وبلا تدخل "ذكاء صناعي"، لكن البعض يصر أن يحمل "جهله الصناعي" مرادفا.

أهداف الحرب العدوانية بجوهرها المعلن والمقروء، هو تدمير المشروع الوطني الفلسطيني، وكسر قامة قطاع غزة، ليس بكسر مخزون السلاح الذين رفعوه الى درجة وكأنه سلاح نووي "كوريا الشمالية" وصواريخها عابرة القارات البالستية، والحقيقة خلافا لكل ذلك، هو البحث عن وضع معالم مشروع يراد له أن يكون خارج سياق دولة فلسطين وفق قرار الأمم المتحدة 19/67 لعام 2012، فمن سياتي أي كان اسمه ولقبه، لقيادة دولة او بقايا دولة، سيغرق سنوات وربما لن يتمكن لزمن طويل، من ترميم ما يمكن ترميمه في قطاع غزة...

"الجهلة المصنعون"، يعتبرون أن هدف الحرب اغتيال هذا أو ذاك، اعتقال هذا أو ذاك، الوصول للرهائن هنا أو هناك، دون تفكير هل حقا، لو حققت حكومة الفاشية تلك الأهداف ستتوقف عن حربها الاقتلاعية، لو وصلت الى تلك "الأهداف"، هل حقا هي أهداف تستحق مثل هذه الحرب، التي باتت تسيطر على المشهد الإعلامي الكوني، وهي النقطة الأولى على جدول الأعمال السياسي العالمي.

بالقطع لا، فدولة العدو لن تتوقف عن حربها التدميرية الشاملة سوى بعد أن تضمن أن قطاع غزة سيغرق في ظلام إنساني لسنوات طويلة، ولن يكون بيد من سيكون حاكمه قدرة التفكير سوى في توفير أسس مقومات الحياة الإنسانية، لمن سيبقى فوق أرضه، والهدف الخطير المترافق مع ذلك التدمير الإنساني، الفارق المنتظر بين واقع حياة شمال دولة فلسطين بالضفة والقدس وجنوبها في قطاع غزة..بعض التفكير خارج النمطية الساذجة سنقف أمام "كمين إنساني" خطير جدا سيبرز ما بعد الحرب لو توقفت الآن وليس غدا.

وقبل البعد السياسي، تقديرا لدافعي ثمن الحرب المباشرين، شهداء ومهجرين ونازحين وجرحى ومفقودين ومن لهم أسرا ومحبين، وما يحدث من تقسيم مناطق داخل قطاع غزة لا تسمح للمتبجح قولا بالانتقال من الى سوى "بتنسيق" خاص..على فرقة "العدو لم يحقق إنجازا" مغادرة الكلام  وليتها مغادرة نهائية..

من باب الاحترام العام لكل ثمن تم دفعه في حرب النكبة الجديدة الكبرى ..أوقفوا التصريحات التحقيرية لمن دفع ثمنا دون أن ينتظر ثمنا!

ملاحظة: تصريحات رئيس وزراء قطر رغم بريقها الإيجابي الكبير حول وحدة الضفة والقطاع ودولة موحدة لها..لكنه فتح نفق تجاوبي مع المطالبين بـ "قيادة فلسطينية جديدة"... شكلها الترتيبات تجري بسرعة تفوق تفكير "فرقة الجهل الصناعي".

تنويه خاص: أيام الهدنة الإنسانية كشف عيوب كبيرة جدا فيما يتعلق بتوزيع المساعدات الإنسانية...كل مظاهر الفساد والشللية والبلطجة برزت خلالها..معقول من ينجح في ابراز مشهد جميل لإطلاق سراح رهائن ..مش قادر يوفر طريقة إنسانية لأهله بدل المشاهد المعيبة لمنطق "الخاوات".