عام قاتم بالنسبة للفلسطينيين انتهى، أمس، في ظل غياب أي مؤشرات على إمكانية وضع حدّ، قريباً، للحرب المستعرة في قطاع غزة، والتي تعتبر الأكثر عنفاً في الأراضي الفلسطينية.
لم تهدأ الغارات الجوية الإسرائيلية، ولم تتوقف المعارك البريّة بين جيش الاحتلال والمقاومة، فيما يسود اليأس بين سكان قطاع غزة المحاصر الذين يعانون تداعيات الحرب اليومية.
واستشهد 40 مواطناً على الأقل في قصف الليلة قبل الماضية، على مدينة غزة، وانتشلت 18 جثة حتى الآن فيما دفن العديدون تحت الأنقاض.
وقال محمد بطيحان وهو من سكان غزة: "بعد الانفجار أتينا إلى المنطقة ووجدنا الشهداء أينما كان. استخرجنا حتى الآن تقريباً 15 شهيداً وقد يكون هناك حوالى 30 شهيداً آخر تحت الأنقاض".
وأسفر القصف الإسرائيلي على قطاع غزة الذي يترافق منذ 27 تشرين الأول الماضي مع عمليات برية، عن استشهاد 21822 مواطناً على الأقل، معظمهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحة، هي أعلى حصيلة لأي عملية إسرائيلية حتى الآن.
وأشارت الوزارة إلى سقوط 56451 جريحاً منذ بدء العدوان، في وقت أصبحت معظم مستشفيات غزة إما خارج الخدمة أو متضررة ومكتظة.
وتفرض إسرائيل منذ التاسع من تشرين الأول الماضي، حصاراً محكماً على قطاع غزة الذي كان يخضع أصلاً للحصار منذ العام 2007، ما تسبّب بنقص حاد في المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب والوقود والدواء.
ولا تكفي قوافل المساعدات اليومية التي تدخل قطاع غزة للتخفيف من معاناة السكان، وفق الأمم المتحدة، التي أشارت إلى نزوح أكثر من 85 في المئة من سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وحذّرت منظمة الصحة العالمية من الخطر المتزايد لانتشار أمراض معدية، وأعلنت الأمم المتحدة أن غزة "على بعد أسابيع" فقط من الدخول في مجاعة.
ومع احتدام الحرب، دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس "المعاناة الإنسانية الرهيبة" و"العقاب الجماعي" للمدنيين الفلسطينيين.
ويدعو غوتيريش مع العديد من زعماء العالم بشكل متكرر إلى وقف إطلاق نار فيما تعهدت إسرائيل مواصلة حربها "حتى القضاء على حماس".
من جهته، دافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن "أخلاقية" الحرب رافضاً اتهامات جنوب إفريقيا للدولة العبرية أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب "إبادة ضد الشعب الفلسطيني".
وصرح نتنياهو لدى بدء اجتماع لحكومته في تل أبيب "سنواصل حربنا الدفاعية التي لا مثيل لعدلها وأخلاقيتها"، مؤكداً أن الجيش الإسرائيلي يتصرف "بأكبر قدر ممكن من الأخلاقيات" في قطاع غزة.
وكان نتنياهو أكّد أول من أمس، أن الحرب ستستمر "أشهراً عدة"، وقال: "سنضمن أن غزة لن تشكّل بعد الآن تهديداً لإسرائيل".
داخل غزة، ترجو العائلات الفلسطينية التي دفع العديد منها للنزوح إلى أقصى جنوب القطاع مع اقتراب جبهة القتال، أن تهدأ الحرب.
وقال محمود أبو شحمة من مخيم للنازحين في رفح عند الحدود مع مصر: "كنا نأمل بأن يأتي العام 2024 في ظل ظروف أفضل، وبأن نحتفل برأس السنة في منازلنا مع عائلاتنا".
وأضاف أبو شحمة (33 عاماً) النازح من خان يونس في جنوب قطاع غزة أيضاً: "نأمل بأن تنتهي الحرب ويكون بإمكاننا العودة إلى منازلنا والعيش بسلام".
ويبحث وفد من حركة "حماس" في القاهرة بمقترح مصري لوقف إطلاق النار على ثلاث مراحل.
ونقل موقعا "أكسيوس" الإعلامي الأميركي و"واي نت" الإسرائيلي عن مصادر إسرائيلية لم يكشفا هويتها، أن قطر أبلغت إسرائيل بأنّ "حماس" وافقت على مبدأ استئناف المحادثات بهدف إطلاق سراح أكثر من أربعين رهينة مقابل وقف لإطلاق النار.
ورداً على سؤال حول المفاوضات، قال نتنياهو إن "حماس أعطت مجموعة من الإنذارات التي رفضناها"، مضيفاً: "نشهد تحوّلاً معيناً، (لكن) لا أريد إثارة آمال"، دون تقديم تفاصيل إضافية.