محكمة عدل دولية ام تفتيش قروسطية

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم حمدي فراج

تعمق الشرخ ، و اتسعت الهوّة بين الإسرائيليين و الفلسطينيين ، تعمقا و توسعا يصعب جزره أو رتقه ، و تبددت أحلام السلاميين من الطرفين ، و ذهبت جهودهم ادراج الرياح ، بعد مئة يوم من العدوان الابادي على قطاع غزة الصغير و الفقير و المحاصر منذ حوالي عشرين سنة ، و المطعّمة بحوالي خمسة حروب اعتدائية ، في مئة يوم أتى العدوان على نحو مئة ألف شهيد و جريح ، بمعدل ألف انسان كل يوم معظمهم من الأطفال و النساء . لكنه أيضا اتى على السلاميين و احلامهم ، و التطبيعيين و اوهامهم ، و لهذا تراهم ساكتين صامتين منتظرين منتهزين ، معتقدين ان فرصتهم لم تحن بعد ، بعد ثلاثين سنة سلام مريض و مسمّم ،هو احد اهم أسباب الطوفان و ما بعد الطوفان . ينتظرون ذهاب المقاومة بقيادة حماس و يذهب معها نتنياهو و حكومته المتطرفة ، رغم ان نتنياهو قالها اكثر من مرة : لا فتحستان و لا حماسستان ، و لكنهم اصروا على صمتهم و حياديتهم ، فهم في وسائلهم لا ينشرون أي خبر للمقاومة لا في غزة و لا في غير غزة .

يتمثل الشرخ / الهوّة ، فيما وصف رئيس وزراء إسرائيل محكمة العدل الدولية : حضيض / نفاق / انحطاط في التاريخ الإنساني / عار أخلاقي / جيشنا الأخلاقي يشن حرب على النازيين الجدد / يهاجمون شعبنا الذي قام من رماد المحرقة . فإذا كانت هذه اوصاف محكمة عدل دولية ، فماذا كانت ستكون لو انها محكمة تفتيش قروسطية ، او قراقوشية . ينظر نتنياهو الى حركة حماس على انها "نازيون جدد" ، و هو الوصف الذي أطلقه عليه الرئيس التركي اردوغان قبل أيام ، فما كان من نتنياهو الرد عليه : انك آخر من يتكلم عن الاخلاق بعد إبادة الاكراد و حبس الصحفيين – قتل في غزة حوالي مئة صحفي ، بمعدل صحفي كل يوم - . التراشق ذاته تقريبا حصل مع بايدن عندما ذكّره نتنياهو بهيروشيما التي قصفتها بلاده بالقنبلة الذرية . و اذا كان هذا مستوى الكلام بين الأصدقاء و الحلفاء ، فماذا سيكون مع السنوار او النخالة او نصر الله . لكن أليس هذا الكلام هو الذي كان مع "فتح" قبل ثلاثين سنة ؟ و لغة الطائرات التي اغتالت صالح العاروري في لبنان قبل أيام هي نفسها اللغة التي اغتالت خليل الوزير قبل 35 سنة في تونس و قبله الكنفاني في بيروت و الشقاقي في مالطا و المبحوح في دبي ، و غيرهم العشرات من القيادات الفلسطينية الفتحاوية و غير الفتحاوية على حد سواء . و بدون أدنى شك ، سينسحب الموقف من حماس كداعشية مرة ، و نازية جديدة مرة أخرى ، ليس على كل فلسطيني فحسب ، المسلم و المسيحي ، السني و الشيعي ، الدرزي و البدوي ، الحضري و اللاجيء ، المقيم و المهاجر ، الغزاوي و الضفاوي و الجليلي ، بل على الشجر و الحجر ، التاريخ و الحلم ، وعلى كل من يقف الى جانب هذا الشعب ، حتى لو كانت محكمة العدل العليا "الحضيضية ذات العار التاريخي و الانحطاط الأخلاقي" .