قامت الدنيا ولم تقعد بعد، على مقتل الجنود الأميركيين الثلاثة في احدى القواعد الاميركية في الشرق الأوسط ، ولا نعرف بالضبط ما هي التداعيات على ذلك ومتى ستقعد – الدنيا - .
تخبطات عديدة صاحبت الإعلان عن العملية ، فعدا عن التأخير الزماني لأكثر من عشر ساعات ، كان التخبط المتعلق بمكانها ، فأميركا صاحبة القاعدة تقول انها في الأردن التي نفت ذلك ، لكنها دانت العملية ، وهي لربما المرة الأولى التي تدين هجمة مشابهة على قاعدة أميركية في سوريا والعراق من بين اكثر من مئة وخمسين هجمة منذ طوفان الأقصى قبل حوالي أربعة اشهر .
لا داعي للاردني او للعربي ان يتحرج من وجود قاعدة أميركية على ارضه ، فالوطن العربي مزروع بالقواعد الاميركية ، وينفع ان نقول انه عبارة عن قاعدة أميركية ، و مخزن كبير للسلاح الأميركي بما في ذلك المحرم دوليا ، وقيل انه خلال العدوان على غزة، غرفت أميركا من مستودعاتها في الأردن واعطتها لإسرائيل ، رغم ان الأردن نفت ذلك أيضا . سجون أميركية سرية تحت الأرض العربية، تم فضحها من قبل ، خاصة في الوقت الذي احتلت فيه العراق.
التخبط الثالث كان في عدد الإصابات ، قالوا انه خمسة وعشرين جنديا ومن المحتمل ارتفاعه الى أربعة وثلاثين ، كيف سيرتفع العدد لطالما ان الهجمة نفذت وانتهت ؟
وتبقى التخبطات أعلاه ، تخبطات شكلية ؛ زمانية ، مكانية ، عددية ، لكن التخبط الجوهري كان في ردة الفعل الرسمية الصادرة عن الرئيس الأميركي جو بايدن الذي اعلن ان "قلب أميركا مثقل بالحزن على الجنود الثلاثة" ، فماذا عن القلب الفلسطيني المثقل بالحزن على ثلاثين الفا غالبيتهم من الأطفال والنساء ، متورطة أميركا الرسمية في ابادتهم عبر أسلحتها وأموالها ومواقفها الرافضة مع سبق الإصرار والترصد و الفيتو بوقف هذه الإبادة ، وبالمناسبة هناك محكمة في كاليفورنيا بدأت النظر في قضية من هذا القبيل ضد بايدن بعد قرار محكمة العدل الدولية بقبول دعوى جنوب افريقيا ضد إسرائيل بالابادة .
وماذا عن القلب العربي المثقل بعشرات ملايين الضحايا من أبنائه القتلى والجرحى و المشردين والميتمين والارامل جراء سياستكم لحماية إسرائيل العدوانية الاحتلالية في المنطقة عبر ثمانين سنة من الزمان . قتلاكم الثلاثة ليسوا أطفالا أبرياء ، كانوا جنودا معتدين، جاؤا يقتلون ويقتلون ، أم ترانا نصدق انهم هنا لمنع الإرهاب وحماية السلام والازدهار والديمقراطية كما يصدق حكامنا ؟
تقول الحكاية ان طاقم رواد الفضاء الى القمر ، ذهبوا لعمل "بروفة" في ارض نائية ، فرآهم هندي أحمر عجوز ، وسألهم عن ماذا يفعلون ، فقالوا له اننا نستعد للذهاب الى القمر ، فقال لهم اننا نؤمن ان ارواحا ملائكية هناك وبيننا لغة خاصة ، هل لكم ان توصلوهم هذه الجملة ، وبعد ان كررها لهم عدة مرات، ليحفظوها دون ان يفهموها ، وعندما سألوا عنها لاحقا من يعرفها تبين انها : لا تصدقوا هؤلاء ، انهم يريدون منكم شيئا واحدا وهو الاستيلاء على ارضكم .