بهدوء وسرية تامة، بدأت حركة "حماس" فعلياً خطوات الاستعداد لإطلاق الحملة الانتخابية لمرشحيها الجدد، لرئاسة المكتب السياسي للحركة، وأعضائه، ومجلس الشورى التابع لها في الداخل والخارج.
وعادة ما تجري انتخابات "حماس" بصورة سرية للغاية، وحتى اللحظة لا يُعرف عدد الأعضاء المرشحين لرئاسة المكتب السياسي، أو حتى عدد الأعضاء المشرحين لعضوية المكتب السياسي ومجلس الشورى، حيث تفضل "حماس" أن تبقى الأسماء والأعدد تحت السرية وبعيداً عن وسائل الإعلام؛ "حفاظاً عليهم".
وبحسب مراقبين ومقربين من "حماس"، من المتوقع أن تشهد الدورة المقبلة من انتخابات الحركة تطوراً كبيراً، خاصة بعد ورود معلومات بأن رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل، لا يرغب بترشيح نفسه لرئاسة المكتب من جديد.
- انتخابات سرية
مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، ومقرب من حركة حماس، أكد أن "الحركة بدأت رسمياً ببعض الخطوات والإجراءات لتجهيز انتخابات الحركة الداخلية، التي ستتم بقطاع غزة والضفة الغربية وداخل السجون الإسرائيلية، وخارج الأراضي الفلسطينية".
وكشف المسؤول (الذي فضل عدم ذكر اسمه لحساسية منصبه)، لـ "الخليج أونلاين"، أن "الانتخابات المقبلة لحماس، ستشهد تغييراً غير تقليدي، بخلاف الانتخابات التي جرت بالسابق، وسيرشح شخصيات أخرى لتولي رئاسة المكتب السياسي خلفاً لخالد مشعل".
وأضاف: "شخصيات قوية ولها قاعدة جماهيرية عريضة داخل حماس قد تتولى مسؤولية رئاسة المكتب السياسي، ومن أبرز تلك الشخصيات المشرحة بقوة، القياديان موسى أبو مرزوق وعماد العلمي، إضافة لنائب رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية".
وذكر أن "أبو مرزوق له الحظ الأوفر لتولي رئاسة المكتب السياسي؛ لعدة أسباب من أهمها، أن أبو مرزوق يقيم في الخارج، مما يسهل عليه التحرك بين الدول، بعكس العلمي وهنية الموجودين بغزة، وأن أبو مرزوق مقرب من عدة أطراف عربية ودولية داعمة لحركة "حماس" سياسياً ومالياً".
ولفت إلى أن "انتخابات مجلس الشورى وأعضاء المكتب السياسي للحركة، لن تتغير كثيراً، وسيحافظ غالبية القادة البارزين الذي يقدر عددهم بالـ 50 بمواقعهم"، مشيراً إلى أن "المفاجأة ستكون في رئاسة المكتب السياسي، وأن التحركات بدأت لترشيح القادة لهذا المنصب، وبدأت حملاتهم الانتخابية الداخلية".
وأوضح المسؤول ذاته أن "انتخابات حماس تجري وفق توزيع جغرافي يقسم كل منطقة على حدة، وهي أربعة أقاليم: قطاع غزة والضفة الغربية والمعتقلات الإسرائيلية والخارج"، وستفرز 100 عضو في مجلس الشورى، وأكثر من 25 عضواً للمكتب السياسي للحركة ورئيس المكتب.
- معالجة التغيرات المحيطة
وأضاف: "خلال الأسابيع الماضية تم ملاحظة تحرك مكثف لقيادات حماس على صعيد الأقاليم، وخاصة في مساجد قطاع غزة، للتباحث في أمور الحركة ورؤيتها خلال المرحلة المقبلة داخلياً وخارجياً".
وكشف أن "حماس تحيط بسرية تامة موعد انتخاباتها الداخلية وحتى آليتها، وأن الاستعدادات للانتخابات بدأت فعلياً داخل الحركة، وستبدأ الانتخابات خلال شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان المقبلين بحسب توزيع المناطق، على أن يتم الإعلان رسمياً عن النتائج في الموعد المحدد، وفق قوانين الحركة الداخلية".
وأوضح أن "الحركة ستعلن عن بعض أسماء وهويات أعضاء مكتبها السياسي في قطاع غزة والخارج، إلا أن الأعضاء المنتخبين في الضفة الغربية والسجون الإسرائيلية سيبقى سرياً"، لافتاً إلى أن القيادة المقبلة ستكون قادرة على تخطي كل الضغوطات التي تتعرض لها الحركة على المستويين الداخلي والخارجي".
الجدير ذكره أن انتخابات حماس تستغرق عدة شهور، وتتم بحسب توزيع المناطق، وكانت الحركة أعلنت في 21 يناير/كانون الثاني من العام 2012، أن مشعل الذي يقيم خارج فلسطين أبلغ مجلس شورى الحركة برغبته ألا يكون مرشحاً لرئاسة المكتب السياسي في الدورة التنظيمية القادمة، علماً أنه شغل هذا المنصب أربع دورات منذ العام 1996، وكان قرر ترك المنصب في الدورة الماضية، إلا أن الحركة استطاعت إقناعه بالعدول عن قراره وتم انتخابه لدورة جديدة.
- خط أحمر
وفي السياق، يؤكد مصطفى الصواف، الكاتب والمحلل السياسي المختص في شؤون الحركات الإسلامية، أن "حماس ومن خلال إجراء انتخاباتها الداخلية التي تتم كل مدة زمنية محددة، تُجري بذلك استحقاقاً وطنياً هاماً، لمواجهة كل الأوضاع التي تحيط بالحركة داخلياً وخارجياً".
وأضاف : "حماس تُبعد الانتخابات عن الإعلام، وكذلك لا تجري أي دعاية انتخابية لأي مرشح مهما كان منصبه، وتعتمد في عملية الانتخابات على حرية اختيار الأعضاء لمرشحهم المفضل في المجلس الشورى والمكتب السياسي، دون أي تأثيرات أو حتى صناعة التكتلات أو التحيز".
وحول ما نُشر عن تدخل بعض الأطراف لإبقاء خالد مشعل رئيساً للحركة، نفى الصواف ذلك جملةً وتفصيلاً، وأكد أن "انتخابات حماس لا تتدخل بها أي أطراف خارجية مهما كانت علاقتها قوية بالحركة".
وأوضح أن "ما نشر بهذا الصدد غير صحيح، ولا تدخل لأي جهة خارجية في انتخابات حماس الداخلية، وهذا خط أحمر تعتبره الحركة ولا تسمح لأحد بأن يتجاوزه".
وكانت صحيفة "اليوم السابع" المصرية، نقلت في الـ 8 من فبراير/شباط عن مصادر لم تسمها، أن "مبعوثين من قطر وتركيا زاروا مؤخراً قطاع غزة من أجل إقناع أعضاء مجلس الشورى لحركة حماس بالموافقة على انتخاب خالد مشعل من جديد لفترة ولاية أخرى، باعتباره الشخص الأكثر مناسبة لهذا المنصب في الفترة الحالية".
ويشار هنا إلى أن فترة ولاية رئاسة المكتب السياسي لحركة "حماس" كانت خمس سنوات تتجدد مرتين، لكن أُجري تعديل أخيراً يقضي بأن تكون أربع سنوات فقط، وألا يكون هناك سقف زمني لاستمرار رئيس المكتب في موقعه، وموكل للمكتب السياسي كافة المهام السياسية مثل "التهدئة والحوار وإدارته والمصالحة وصفقة تبادل الأسرى".