وفق ما يتنامى من أخبار عن فشل مفاوضات التهدئة ، فإن أنسب وأصوب ما يمكن قوله، هو القول القرآني الكريم "عسى ان تكرهوا شيئا و هو خير لكم" ، إذ ليس هناك انسان حقيقي واحد يرفض وقف هذه الإبادة الجماعية متعددة رؤوس الموت والهلاك والعذاب بالقصف والردم والتجويع والتشتيت والتهجير والتطبيب ، لستة أشهر متواصلة ، فكيف يكون هذا خير لنا ؟ .
أولا : إن قتل الناس على هذه الشاكلة الابادية ، مصحوب بتجويعهم حتى الموت ، ليس شأنا حمساويا صرفا ، ولا حتى فلسطينيا ، بقدر ما هو شأن اممي عالمي ، يتعلق بالمواثيق الدولية وشرعة حقوق الانسان وقوانين الحرب ، ولهذا هبت جماهير الناس بغض النظر عن جنسياتهم واعراقهم وآرائهم يطالبون إسرائيل بوقف ذلك ، وقد استجابت معظم حكومات دول العالم للعمل على ذلك ، بما فيه ادخال المساعدات ، مصحوبا ذلك بجملة ادانات واستنكارات لهذا السلوك اللا انساني لهذه الدولة .
ثانيا : هذه الدولة ، لم تعد على قلب رجل واحد او حزب واحد ، بل تضربها اختلافاتها وصراعاتها في صميمها وكينونيتها وجيشها وامنها ورخائها وانسانيتها وديمقراطيتها وبقائها ، آخر ما حرر على هذا الصعيد ما صرح به عضو مجلس الحرب غادي ايزنكوت بأن تحرير الاسرى هو الأولوية وليس القضاء على حماس .
ثالثا: قليل من الوقت بدون الهدنة ، سنراها يتم جلبها للمحاكم الدولية. الامر نفسه سنراه في مجلس الامن بدون الفيتو الأمريكي او الفرنسي او البريطاني ، إذ لم تستطع شوارع هذه الدول العريقة ان تحتمل ما يفعله ساستها في الاروقة الأممية لحماية هذه الدولة من نفسها .
رابعا: الخلاف العميق الذي لم تعد تستطيع الام فيه السيطرة على جنوح ابنتها ، والابنة التي تجاهر بخرف أمها وشمطائيتها وتصابيها ، الامر الذي دفع أمريكا بتوصيل مساعدات إنسانية عبر الانزال الجوي ، وقريبا البحري ، و بنهاية العلاقة مع الملك نتنياهو واستبداله بالامير بني غانتس . هذا الخلاف له ارهاصات عميقة قادمة ، لطالما ظل الملك متمسكا بأهدافه، أضغاث أحلامه مستندا في تحقيقها الى "ريا و سكينة" ، بن غفير وسموترتش الخارجين من صحف الزابور وإله الشر المستطير يهوه .
خامسا: تقتصر التدخلات والوساطات الامريكية والعربية فقط على عودة الرهائن الى بيوتهم وعائلاتهم ، نتحدث عن حوالي مئة شخص معظمهم من الجنود والضباط ، أثبتت القسام انهم لن يعودوا الا بالتفاوض غير المباشر . نحن أيضا لنا عشرات الاف البيوت التي تدمرت ، والاف العائلات التي ابيدت ، وسبعة عشر ألف طفل تيتموا ، ومليون انسان نزحوا، فكيف يمكن ان توافق مصر او أمريكا على عدم عودتهم الى ما تبقى من منازلهم ، ثم تريد ان تحصل على موافقة حماس كصك وطني .
لقد تدرجت حماس بهذا القائد الجيفاري السينواري، في غمرة قصيرة، من حركة اخوان الى حركة تحرر وطني تحظى بالاحترام الفلسطيني والعربي والإسلامي والاممي ، بينما انحدرت إسرائيل من دولة ديمقراطية الى دولة إبادة جماعية .
انتهاء محادثات الدوحة حول دفع مفاوضات تبادل أسرى
28 أكتوبر 2024