لآنها الأم الفلسطينية التي ضحت وربت وقاومت وزرعت وحصدت, لآنها الزيتونة الصابرة المثمرة التي تحدت وصمدت وعاصرت اختلاف الفصول و وقفت بوجه الريح وأنجبت لنا رجال بمعنى الكلمة, والتي من حقها أن تحتفل وتفرح بعيدها ككل الأمهات بالعالم .
في هذا اليوم الذي يصادف يوم عيد الأم بالعالم أجمع , السبت 21 مارس , ما كان بوسعنا الا ان نعد زيارة لمركز الوفاء لرعاية كبار السن, لنساهم ولو بشيء بسيط بكلمة ود أو بباقة ورد نقدمها هدية لأمهاتنا الصابرات , لنرسم البسمة على شفاههم ولو لبعض من الوقت .
مركز الوفاء لرعاية كبار السن هو المركز الوحيد في قطاع غزة الذي يحتضن شريحة المسنين لديه , ممن لا معيل لهم , يقدم لهم العديد من الخدمات المعيشية والصحية والطبية وخدمة الايواء والمبيت بالمجان , والخدمات الترفيهية المتنوعة .
تخلل زيارتنا لمركز الوفاء مقابلات مع بعض النساء المسنات اللواتي يقمن فيه , حيث أخبرتنا الحاجة زريفة أحمد علي, التي تبلغ من العمر 70 عاماً ,من بلدة السوافير , بأنها كانت متزوجة ولم يحالفها الحظ لتنجب , حيث تزوج زوجها عليها وكان لديه 6 أبناء , وهي التي تولت تربيتهم حتى كبروا , حيث كانوا يعيشون في مصر , وكانوا يحبونها أكثر من والدتهم لكن الظروف لم تسمح لبقائها معهم , وعادت الى غزة لتستقر هنا في مركز الوفاء, دون أن يكون لها أحد يهتم بها , وقالت أن وجودي هنا يمنحني الكثير من السعادة التي حُرمت منها .
وقالت الحاجة بادرة البورنو, التي تبلغ من العمر 60 عاماً, أنها لم تتزوج , واستقر بها الحال هنا في مركز رعاية المسنين , حيث أنها تشعر بالكثير من الوحدة ولا تجد لها مكاناً بعيد الأم, وتتمنى لو أن لديها ابن يقوم بزيارتها أو يصحبها لديه في بيته بين أولاده , التي حرمت من أن تكون جدة أو أماً , واضافت ان العاملين هنا تعدهم كأبنائها ومن يتوافدون لزيارتها من أصحاب الخير والمؤسسات الانسانية المحلية والزيارات الفردية تمنحها الكثير من القوة وتشعر بأنها مهمة بعض الشيء على هذا الكوكب .
وذكرت الحاجة فاطمة بارود, تبلغ من العمر 54 عاماً , من بلدة بيت داراس, بأنها كانت متزوجة ولديها ابن واحد يقيم عند أبيه , ويأتي لزيارتها مرة كل شهر , ويقدم لها هدية في كل عام بمناسبة عيد الأم ,لكنه تأخر بالمجيء في هذا العام, وانها لا تكتفي بذلك وتطمح بأن يحتويها لتعيش على حسه , وتشعر كغيرها من الأمهات بإحساس الأمومة , هذا الاحساس الذي لا تستطيع الشعور به مع الأخرين, وأضافت أن رغم هذا الوضع الذي تمر به والوحدة التي تستكينها , لا تمنعها عن ممارسة حياتها الطبيعة بين طاقم المركز وهي سعيدة بكونها هنا , وان هذه لعبة القدر التي جاءت بها هنا بين عائلتها الجديدة .
وقالت الحاجة مريم المدهون , التي تبلغ من العمر 74 عاماً , من بلدة المجدل , بأنها جاءت هنا بعد مرضها وكسر قدمها , حيث اوضحت بأنها تلقت هنا المعاملة الحسنة والاهتمام والرعاية الصحية والعلاج الطبيعي , وقالت انها سعيدة بوجودنا بجانبها وستحتفظ بباقة الورود التي قدمناها لها , واضافت انها لم تشعر اليوم بالوحدة بجانب الأطفال الذين جاؤوا لزيارتهم اليوم وقدموا يوماً ترفيهياً بمناسبة ذكرى عيد الأم , وتقول بأنها ام لجميع أبناء هذا الشعب الصابر الصامد , الذي تحمل الكثير من الويلات والآهات , وانها امرأة فلسطينية صامدة وصابرة وستظل تتحمل لأنها تشعر بأنها جزء من هذا الوطن العظيم .